هجوم ادلب يفجر سجالات حادة بين واشنطن وموسكو

وزير الخارجية الروسي يعلن أن من حق الحكومة السورية ملاحقة وطرد الإرهابيين من ادلب وسط مطالب دولية بتأجيل هجوم واسع يستعد النظام السوري لشنّه على آخر معقل للمعارضة قرب الحدود مع تركيا.

تحذيرات دولية من كارثة إنسانية تطرق أبواب ادلب
محادثات مستمرة بين الأطراف الدولية لتجنيب ادلب كارثة إنسانية
موسكو تتحدث عن مشاروات حول ممرات إنسانية
قمة ثلاثية بين روحاني واردوغان وبوتين لبحث الملف السوري

واشنطن/موسكو - اتّهم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة نظيره الروسي سيرغي لافروف بـ"الدفاع عن هجوم" عسكري واسع النظام يعتزم النظام السوري شنّه بدعم من روسيا على محافظة ادلب، آخر معقل للفصائل المسلحة والجهادية في سوريا.

وقال الوزير الأميركي في تغريدة على تويتر إن "سيرغي لافروف يدافع عن الهجوم السوري والروسي على إدلب"، مضيفا أن "الولايات المتحدة تعتبر أن هذا الأمر تصعيد في نزاع هو أصلا خطير".

وفي تغريدة ثانية قال بومبيو إن "الثلاثة ملايين سوري الذين أجبروا أصلا على ترك منازلهم وهم الآن في إدلب سيعانون من هذا الهجوم. هذا ليس جيدا. العالم يشاهد".

وتسيطر هيئة تحرير الشام (الفرع السابق للقاعدة في سوريا) على ستين بالمئة من محافظة ادلب (شمال غرب) المحاذية لتركيا وتضم المنطقة أيضا العديد من الفصائل المعارضة.

ويبدو أن النظام السوري يستعد لهجوم وشيك على ادلب، لكن هذا الأمر يبقى رهنا باتفاق مع تركيا التي تدعم الفصائل المعارضة وخصوصا أن المباحثات بين موسكو وأنقرة تكثّفت في الأسابيع الأخيرة.

وأثار مصير محافظة إدلب في الأيام الأخيرة قلق الغربيين الذين حذروا من "تداعيات كارثية" لأي عملية عسكرية، وذلك خلال اجتماع في الأمم المتحدة خصص لمناقشة الوضع الإنساني في سوريا.

وكان لافروف أعرب عن أمله الأربعاء في أن لا تعمد الدول الغربية إلى "عرقلة عملية مكافحة الإرهاب" في إدلب.

وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير في موسكو "آمل في أن لا يشجع شركاؤنا الغربيون الاستفزازات وأن لا يعرقلوا عملية مكافحة الإرهاب" في إدلب، في وقت يستعد فيه النظام لشن هجوم لاستعادة هذه المحافظة الواقعة في شمال غرب سوريا.

كما اتهم لافروف الغربيين بأنهم "يركزون مجددا في شكل كبير" على "هجوم كيميائي مفبرك" سينسب إلى الحكومة السورية.

وأضاف الوزير الروسي "هناك تفهم سياسي كامل بين موسكو وأنقرة. من الملح أن يتم الفصل بين ما نسميه معارضة معتدلة والإرهابيين وأن يتم التحضير لعملية ضد هؤلاء عبر التقليل قدر الإمكان من الأخطار على السكان المدنيين".

وقال لافروف اليوم الجمعة إن الحكومة السورية لها كامل الحق في تعقب المتشددين وطردهم من إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة ولفصائل إسلامية متشددة، مضيفا أن المحادثات مستمرة لإقامة ممرات إنسانية في إدلب.

ومحافظة إدلب والمناطق المحيطة بها هي آخر منطقة كبيرة خاضعة لسيطرة جماعات المعارضة المسلحة المناهضة للرئيس بشار الأسد الحليف المقرب لروسيا.

وقال مصدر، إن الأسد يستعد لشن هجوم على مراحل لاستعادة السيطرة عليها.

ونقلت وكالة إنترفاكس عن لافروف قوله إن قوات الحكومة السورية "لها كامل الحق في حماية سيادتها وطرد وتصفية التهديد الإرهابي على أراضيها".

وتقدر الأمم المتحدة عدد الإرهابيين المسلحين في ادلب بنحو 10 آلاف مقاتل من ضمنهم مسلحو هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا).

المعارضة السورية تستعد لمواجهة هجوم سوري واسع على آخر معاقلها
المعارضة السورية تستعد لمواجهة هجوم سوري واسع على آخر معاقلها

وزاد التوتر بين روسيا والغرب بشأن إدلب، فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية الخميس أنها ستبدأ تدريبات عسكرية كبيرة في البحر المتوسط غدا السبت قبالة الساحل السوري.

وقال لافروف أيضا إن الاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن سوريا تجري لحظة بلحظة.

ودعت الأمم المتحدة روسيا وإيران وتركيا إلى تأجيل المعركة التي يمكن أن تؤثر على ملايين المدنيين وحثت على فتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين.

وقال المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة إن بوتين سيحضر قمة ثلاثية في طهران في السابع من سبتمبر/أيلول مع رئيسي تركيا وإيران.

وأعلنت الرئاسة الروسية (الكرملين)، أن بوتين سيعقد اجتماعا مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان بالعاصمة الإيرانية طهران في 7 سبتمبر/أيلول.

وأوضح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف اليوم الجمعة أن زعماء روسيا وتركيا وإيران سيعقدون قمة في طهران لبحث الملف السوري.

وقمة الزعماء الثلاثة هي الثالثة بعد قمتي سوتشي الروسية في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 والعاصمة التركية أنقرة في 4 أبريل/نيسان 2018، باعتبارها دولا ضامنة لمسار اتفاق استانا الرامي لإيجاد حل للأزمة الراهنة في سوريا.

ويثر الهجوم السوري الواسع والمرتقب على ادلب مخاوف من حدوث أسوأ أزمة إنسانية، وسط تحذير دولي وأممي من إمكانية استخدام قوات الأسد أو من جماعات المعارضة أسلحة كيماوية لحسم المعركة.

وقد حثت ألمانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية في ادلب.

وقالت متحدثة باسم الحكومة الألمانية اليوم الجمعة إن المستشارة أنغيلا ميركل تتوقع من الكرملين استخدام نفوذه لدى الحكومة السورية للحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية في منطقة ادلب التي تسيطر عليها المعارضة في شمال سوريا.

وأثارت ميركل المسألة في الأيام القليلة الماضية مع كل من الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين فيما تراقب برلين التطورات في المنطقة بقلق متزايد.

وذكرت المتحدثة أولريكه ديمر في مؤتمر صحفي معتاد "نتوقع... من روسيا أن تمنع الحكومة السورية من تصعيد الوضع وبالتالي الحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية".

وقالت إنه يتوجب السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول بلا أي قيود إلى المدنيين المتضررين.

من جهتها قالت تركيا إنها تسعى لمنع الهجوم المحتمل على محافظة ادلب والذي سيشكّل حال تنفيذه كارثة بالنسبة إلى هذه المحافظة وسوريا كلها.

الهجوم المرتقب على ادلب يرفع منسوب التوتر بين روسيا والغرب

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو "هناك قلق بشأن هجوم محتمل على ادلب ونحن نبذل جهودا لوقف هذا الهجوم وقد زرنا موسكو مع وزير الدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات كما تعلمون".

وبيّن أن وزير الخارجية الإيراني زار تركيا أيضا وهناك قمة ثلاثية في إيران على غرار قمة سوتشي بروسيا.

وتابع "نحن نتحدث كذلك مع بقية الأطراف المعنية، لأن مثل هذا الهجوم سيشكل كارثة بالنسبة إلى سوريا وإدلب".

وقال أيضا "يقطن إدلب حاليا 3.5 ملايين مدني وهناك مجموعة من المتطرفين ونحن نعرفهم منذ البداية وقد جرى إرسالهم على وجه الخصوص من حلب والمناطق الأخرى".

وشدّد على ضرورة التعاون من أجل تحييد هؤلاء وفصلهم عن الفصائل الأخرى (المعارضة المعتدلة)، وأن هذه الطريقة هي الأكثر فعالية وصحية، وعكس ذلك سيحدث مشاكل خطيرة على الصعيد الإنساني والأمني وبالنسبة إلى مستقبل سوريا والحل السياسي.