هل ينجح ماسك في اعادة تشكيل تويتر على مقاسه؟

اغنى رجل في العالم يطلق يده في المنصة محاولا بناء ماكينة تواصل اجتماعي تبيض ذهبا، لكنه يمشي على رمال متحركة، وسط منافسة قوية من تطبيقات التواصل الاجتماعي وألغام سياسية تتعزز خطورتها مع اقدام الولايات المتحدة الاميركية على مرحلة حساسة.

واشنطن - منذ أن اشترى الشركة، اطلق اغنى رجل في العالم يده في الشركة معيدا تشكيلها وفق أهوائه عازلا العديد من كبار المسؤولين ومتخلصا من نصف موظفيه ومطلقا العديد من المشاريع الكبرى ووعودا من هنا وهناك ، في منحى يبدو مع ان ايلون ماسك ينوي صناعة ماكينة تواصل اجتماعي على شاكلته، اي دجاجة تبيض ذهبا، لكن الرجل يبقى على اي حال مدركا انه يمشي على رمال متحركة، وسط منافسة قوية من تطبيقات التواصل الاجتماعي وألغام سياسية كثيرة تتعزز خطورتها مع اقدام الولايات المتحدة الاميركية على مرحلة حساسة.

وتدشن شركة تويتر التي تعتبر واحدة من أكبر منصات التواصل الاجتماعي  تأثيرا، مرحلة جديدة بدا واضحا أنها ستكون عسيرة مع تسريح معظم الفريق المسؤول عن منع انتشار المعلومات الكاذبة والسياسات العامة التي يعتبرها حاليًا مقيدة للغاية ، مثل العديد من السياسيين اليمينيين، في تطورات تتزامن قبل فترة وجيزة من انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس والتي يخوضها الديمقراطيون بحظوظ تبدو ضعيفة بسبب متاعب اقتصادية داخلية وتوترات بين واشنطن والسعودية أحد حلفاء الولايات المتحدة، فيما يقود الجمهوريون حملة واسعة لاستعادة السيطرة على الكونغرس، ستكون فيها توتير المنصة الأكثر استخداما لتوجيه الناخبين.

ولم يضيع ماسك الوقت في بدء تجسيد تصوراته، اذ حل مباشرة مجلس الإدارة في تويتر، كما أقال العديد من كبار المسؤولين ، بما في ذلك الرئيس التنفيذي السابق باراغ أغراوال منصبا نفسه قائدا أوحد على منصة التغريد.

ومع ذلك ، سيحتاج أغنى رجل في العالم إلى موظفين ليكشفوا عن "الإمكانات المذهلة" التي يراها في المنصة غير المربحة حتى الآن.

ولم تجني الشركة منذ عدة سنوات أرباجا، في الوقت الذي بقيت فيه قاعدة مستخدميها الأساسيين - التي تبلغ نحو 300 مليون شهرياً - ثابتة إلى حدّ ما.

ولحد الان كان تويتر عبر تحديده عدد الأحرف المسموحة لكل تغريدة، منصة للتعبير عن أفكار مجتزأة ورسائل سريعة، وأفكار كثيرا ما  تطرح من دون سياق، ما يشجع الجدل ويغذي خطاب الكراهية احيانا ويصنع قنابل كلامية معدة للانفجار سلفا، لكن ماسك يرى في المنصة امكانيات اكبر بكثير.

رؤية طموحة لتحويل المنصة الى صراف آلي

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية إنه يريد "هزيمة" روبوتات البريد العشوائي على تويتر، وجعل الخوارزميات التي تحدد كيفية تقديم المحتوى للمستخدمين متاحة للجمهور، ومنع تحول المنصة إلى مكان لفرض آراء الكراهية والانقسام، بينما يحد في الوقت نفسه من الرقابة.

وأشار إلى أنه يرى في تويتر أساسا لإنشاء تطبيق يقدم شتى أنواع الخدمات بدءا من تحويل الأموال إلى التسوق وخدمات طلب سيارات نقل الركاب.

ويسعى إيلون ماسك إلى تحويل موقع التواصل الاجتماعي الشهير إلى ما يسمى بـ "التطبيق الخارق"، والذي يعتبر تطبيق "وي تشات" مثالا جيدًا له.

ويتيح التطبيق الصيني استخدام العديد من المنصات المختلفة، ما يسمح للمستخدمين القيام بالكثير من الخدمات عبر تطبيق واحد، بدءًا من القيام بخدمات الاتصالات، وحتى استدعاء سيارات الركوب والقيام بالرحلات.

وأضاف ماسك في تغريدة أن شراء تويتر قد يسرع من إطلاق التطبيق "إكس" بنحو 3 إلى 5 سنوات، ولكنه قد يكون على خطأ، حسب تعبيره.

 كما أشار ماسك إلى أنه يريد "تحويل المنصة إلى خوارزمية مفتوحة المصدر حيث يمكن للمستخدمين مراجعة الكود، بدلا من فرز التغريدات بشكل غامض دون أي فكرة واضحة".

بدأ مهندسو تويتر بالفعل مطللع هذا الأسبوع العمل على إصلاح نظام الاشتراك والتحقق من الحسابات.

وأعلن الرئيس التنفيذي الجديد لتويتر، الثلاثاء، أن الشركة ستفرض رسوما قدرها 8 دولارات شهريا مقابل خدمة علامة التحقق الزرقاء، في الوقت الذي يسعى فيه إلى زيادة الاشتراكات وجعل شبكة التواصل الاجتماعي أقل اعتمادا على الإعلانات.

وكتب ماسك في تغريدة "القوة للناس! أَزرق مقابل 8 دولارات شهريا" في إشارة إلى علامة التوثيق الزرقاء التي تظهر قرب الحسابات الموثقة، موضحا أن الخطة الجديدة ستقلب "نظام الأسياد والفلاحين الحالي" وتخلق مصدرا جديدا لإيرادات المنصة.

في الوقت الراهن، يمكن لحسابات معينة فقط طلب التوثيق، من بينها الحكومات والشركات ووسائل الإعلام والشخصيات السياسية والثقافية والرياضية، ويمكن أن تفقد هذه الحسابات شارتها الزرقاء إذا لم تحترم قواعد المنصة.

ويقول المنتقدون لخطوة ماسك إنها قد تجعل من الصعب تحديد المصادر الموثوقة على تويتر.

في المقابل رد ماسك بأن الخطوة مطلوبة لأنه "من الضروري التغلب على الرسائل غير المرغوب فيها والاحتيال."

وفي الوقت الحالي ، يبدو أن القائد غريب الأطوار الذي يضم 112 مليون مشترك يقدم خدمة ما بعد البيع بنفسه. ورد على شكاوى المستخدمين المختلفة التي تتهم تويتر بالرقابة ، مؤكدا لأحدهم أن الشبكة يجب أن "تكون متوازنة ولا تحابي أي جانب" وعلى آخر أن الملفات الشخصية "معلقة لأسباب طفيفة أو مشكوك فيها (سيتم) تحريرها من سجن تويتر".

ويوم الأحد، حذف هو نفسه إحدى تغريداته، والتي تضمنت رابطا لنظرية مؤامرة حول الاعتداء على زوج نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس.

ماسك عالق شاء ام أبى وسط ساحة المعركة السياسية

ورغم ان ماسك خير التمهل في اعادة حساب الرئيس الاميركي السابق الجمهوري ترامب، مراعاة على ما يبدو لطبيعة الظرف الانتخابي التي تشهده البلاد الا ان المعركة بدأت بالفعل مع البيت الابيض على ما يبدو، ومع ساكنه جو بايدن الذي لم يخفي يوما عداءه للشبكات الاجتماعية بل انه وعد في برنامجه الانتخابي بتحجيم دورها.

ويعرف عن جو بايدن، انتقاده المتكرر لمنصات التواصل الاجتماعي، ويمنح تشريع الإعلام مادة رقم 230 من قانون آداب الاتصالات، الحماية القانونية لمواقع الإنترنت والشبكات الاجتماعية العاملة داخل الولايات المتحدة، ، لنشرها محتوى غير قانوني من قبل المستخدمين، وهو ما وعد الرئيس الاميركي بتغييره.

والخميس أشعلت تغريدة للبيت الابيض فتيل الحرب بين بايدن وماسك.

أثارت تغريدة للبيت الأبيض جدلا واسعا عبر المنصات الأميركية بعد أن اضطر لحذفها بسبب إضافة خدمة تدقيق الحقائق من تويتر ملحوظة تتضمن سياقا صحيحا للتغريدة.

ونشر البيت الأبيض تغريدة كتب فيها: "كبار السن يحصلون على أكبر زيادة في شيكات الضمان الاجتماعي الخاصة بهم خلال 10 سنوات في ظل قيادة الرئيس بايدن".

وبعد نشر التغريدة أرفق بها تويتر تعليقا من ميزة تدقيق الحقائق في المنصة والتي تتيح للمستخدمين إضافة السياق الحقيقي للتغريدات التي قد تتسبب في التضليل.

وتضمن التعليق أن الزيادة جاءت تبعا لقانون عام 1972 الذي ربط تعديلات المزايا التلقائية بمؤشر أسعار المستهلك، وهو المؤشر الرئيسي للتضخم، الذي يشهد أعلى مراحله مؤخرا، وهو ما اضطر البيت الأبيض إلى حذف التغريدة.

واعترفت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير للصحفيين في وقت لاحق بأن التغريدة لم تكن كاملة، وافتقدت لمعلومات أساسية.

وأثار حذف التغريدة ردود أفعال واسعة عبر المنصات الأميركية، حيث انتقد الجمهوريون محاولة البيت الأبيض نسب إنجازات وصفوها بالوهمية للرئيس الحالي جو بايدن خصوصًا مع اقتراب الانتخابات النصفية المرتقبة الأسبوع المقبل.

كما سخر الكثيرون من إجبار البيت الأبيض على حذف التغريدة، بعد أن أظهر السياق الحقيقي الذي أرفقه تويتر عدم صحة ادعاءاتهم.

ومن جانبه، لم يوضح ماسك علاقته بالأمر واكتفى بتعليق ساخر مقتضب ردًّا على إحدى التغريدات وقال: "النظام يعمل"، لكن استمر المغردون في ربط الأمر بوجوده على رأس المنصة.

وبالرغم من أن الميزة ليست جديدة وأتاحها تويتر منذ فترة طويلة، أشار مغردون إلى أن الإدارة السابقة لتويتر كانت "تتساهل" فيما يخص الإدارة الأميركية.

والجمعة، في ما يبدو ردا ضمنيا، انتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن استحواذ الملياردير إيلون ماسك على شركة تويتر، قائلا إن منصة التواصل الاجتماعي مسؤولة عن بث الأكاذيب، بحسب وكالة بلومبرج للأنباء.

وجاءت تصريحات بايدن على هامش فعالية لجمع التبرعات في شيكاغو مساء أمس الجمعة، فيما حذر المتبرعين بشأن أثر انتخابات التجديد النصفي في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر على السنوات المقبلة.   وقال بايدن "ما الذي نقلق حياله جميعا حاليا؟ شراء إيلون ماسك منصة ترسل وتبث أكاذيب عبر العالم".  

وتابع بايدن "لم يعد هناك محررون. كيف نتوقع أن يتمكن أطفالنا من فهم ما هو على المحك؟".

ومنذ استحواذه على تويتر، أصبح السؤال الأكثر إلحاحًا بين الكثير من المغردين هو إمكانية عودة الرئيس السابق بعد إغلاق حسابه بسبب نشره تغريدتين بعد أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في يناير/كانون الثاني من عام 2021، في حادثة وضعت تويتر في قلب المعادلة الانتخابية.

وكان ماسك تعهّد بإعادة حساب ترامب على تويتر عند استحواذه على الشركة، معتبرًا أن قرار حظر الرئيس السابق كان "خطأ".

وعلّق الملياردير إيلون ماسك، بسخرية على الأسئلة التي يتلقاها حول عودة حساب الرئيس الأميركي السابق، إلى موقع تويتر، مشيرا إلى أنه لو كان يجني دولارًا على كل سؤال لكان درّ عليه تويتر أموالا كثيرة.

وقال المالك الجديد للمنصة، في تغريدة على تويتر إنه سيشكل "مجلسا" يتخذ قرارا بشأن الحسابات المحظورة.

منافسون متربصون

وفيما يبدو ماسك مضطرا لخوض معركة على جبهتين، داخلية في اطار اعادة هيكلة شاملة وخارجية يفرضها الواقع السياسي، سيكون عليه ايضا اقناع جمهور المنصة بالبقاء وكسب مزيد من المستخدمين وسط ساحة تشهد منافسة شرسة.

وحتى قبل تولي ماسك القيادة، كانت  المشكلة الجوهرية  أن العديد من بين أولئك الذين جربوا المنصة، لم يبقوا.

وساءت الاوضاع اكثر الان، اذ هدّد بعض مستخدمي تويتر بإلغاء حساباتهم احتجاجاً على القيادة الجديدة.

واعلن منافس تويتر الأصغر حجما، "ماستادون" عن تسجيل آلاف الحسابات الجديدة منذ إعلان ماسك عن اكتمال صفقة الشراء.

كما يعمل مؤسس منصة تويتر، جاك دورسي، على إنشاء شبكة اجتماعية تدعى "بلو سكاي". لكن لا يعرف الكثير بعد عن موعد إطلاقها أو شكلها.

واحتفظ دورسي كذلك بحصته في تويتر - التي تبلغ نحو مليار دولار - وكان داعماً لإيلون ماسك، واصفاً الملياردير بأنه "الحل الوحيد الذي يثق به" لإدارة الشركة.

وبلو سكاي هي "شبكة اجتماعية لا مركزية" جديدة يُزعم أنها تسعى إلى استعادة بيانات المستخدم.

وتدّعي شبكة "بلو سكاي" أنه من خلال بروتوكول خاص بها، سيتمكن المستخدمون من التنقل بين عدد من الأنظمة الأساسية الاجتماعية، باستخدام متصفح واحد عالي الجودة، للتحكم فيما تراه ومقدار البيانات التي تقدمها لتلك الأنظمة الأساسية. 

وعندما سُئل عما إذا كانت الشبكة مصممة للتنافس مع المنصات الاجتماعية الأخرى، كان لدى دورسي إجابة واضحة جداً، حيث كتب على تويتر: "إنها شبكة منافسة لأي شركة تحاول امتلاك الأساسيات الرئيسية لوسائل التواصل الاجتماعي، أو بيانات الأشخاص الذين يستخدمونها".