واشنطن تراهن على تعاون العراق لمحاصرة تمويل الميليشيات الموالية لإيران

مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية يشدد على أهمية تبادل المعلومات مع العراق وتحديد كيفية عمل الميليشيات.

واشنطن - قال مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية إن واشنطن تتوقع أن تساعدها الحكومة العراقية في تحديد وعرقلة تمويل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في البلاد بعد هجوم بطائرة مسيرة شنه مسلحون عراقيون وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين، فيما يبدو أن الولايات المتحدة تدرس تشديد إجراءاتها العقابية التي استهدفت في مناسبات سابقة عددا من المصارف العراقية بهدف كبح تهريب الدولارات إلى إيران التي توظفها في تمويل جزء كبير من أنشطتها المزعزعة للاستقرار.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية 'البنتاغون' إن هجوما بطائرة مسيرة على موقع عسكري أميركي بالقرب من الحدود الأردنية السورية الأحد يحمل "بصمات" جماعة كتائب حزب الله العراقية المسلحة، لكن لم يتم إجراء تقييم نهائي بعد.

وتشن الجماعات المتحالفة مع إيران هجمات على أهداف إسرائيلية وأميركية من لبنان واليمن والعراق وسوريا منذ اندلاع الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وأعلنت الفصائل المسلحة العراقية مسؤوليتها عن أكثر من 150 هجوما على القوات الأميركية في المنطقة منذ ذلك الحين.

وقال مسؤول وزارة الخزانة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته تماشيا مع اللوائح، "فقدنا أرواح أميركيين في الأردن"، مضيفا "بصفة عامة هذه الجماعات تستغل العراق وأنظمته المالية وهيكله المالي من أجل استمرار هذه الأعمال وعلينا أن نتعامل مع ذلك بشكل مباشر".

واستكمل "بصراحة، أعتقد من الواضح أن توقعاتنا في وزارة الخزانة هي أن هناك المزيد الذي يمكن أن نفعله معا لتبادل المعلومات وتحديد كيفية عمل هذه الميليشيات هنا في العراق".

ويعتمد العراق وهو حليف نادر لكل من الولايات المتحدة وإيران ولديه احتياطيات تزيد عن 100 مليار دولار في الولايات المتحدة، بشكل كبير على حسن نية واشنطن لضمان عدم عرقلة وصوله إلى عائدات النفط والموارد المالية.

ووصلت الحكومة العراقية الحالية إلى السلطة بدعم من الأحزاب والجماعات المسلحة القوية المدعومة من إيران التي لها مصالح في الاقتصاد الذي يسيطر عليه القطاع غير الرسمي إلى حد كبير، بما في ذلك القطاع المالي الذي ينظر إليه منذ فترة طويلة على أنه بؤرة لغسل الأموال.

ومع ذلك، أشاد مسؤولون غربيون بالتعاون مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تهدف إلى الحد من قدرة إيران وحلفائها على الحصول على العملة الأميركية وجعل الاقتصاد العراقي يتماشى مع المعايير الدولية.

ويتضمن ذلك حملة لربط البنوك بالنظام المالي الدولي وتشجيع المدفوعات الإلكترونية في مجتمع يظل فيه التعامل النقدي هو الأساس.

وقال مسؤول وزارة الخزانة "أعتقد أنه خلال 12 إلى 13 شهرا فقط شهدنا قدرا هائلا من التقدم في كل تلك المجالات".

وكان النظام المالي العراقي معزولا عن العالم بسبب العقوبات الدولية التي فرضت في التسعينيات بعد غزو الرئيس السابق صدام حسين للكويت.

ورفعت العقوبات بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بصدام حسين لكن لم يتم إحراز تقدم يذكر صوب إصلاحات القطاع المالي خلال سنوات العنف الطائفي الذي أعقب ذلك.

واكتسبت الجماعات المسلحة والأحزاب الشيعية المقربة من إيران نفوذا أكبر في بغداد بعد الغزو وتشكل معا أكبر قوة سياسية على الرغم من أنها لا تتفق في كثير من الأحيان.

وتماشيا مع العقوبات الأميركية على إيران، حاولت واشنطن الحد من وصول الإيرانيين إلى الدولار في العراق وفرضت تدقيقا متزايدا في عام 2022 على مزاد للعملة الأميركية أجراه البنك المركزي شهدت الكثير من الفواتير الوهمية وكان مصدرا رئيسيا لتحويل الدولارات.

ويطلب البنك المركزي العراقي الدولارات من احتياطي البلاد من البنك المركزي الأميركي ويبيعها إلى البنوك التجارية، التي تبيع بدورها للشركات في الاقتصاد المعتمد على الاستيراد. ويتم طرح حوالي 200 مليون دولار في المزاد يوميا.

وفي العام الماضي، أدرجت الولايات المتحدة 14 بنكا صغيرا نسبيا شاركت في هذا المزاد على القائمة السوداء واتخذت هذا الأسبوع إجراءات ضد بنك آخر قالت إنه تم استخدامه لتحويل الأموال إلى الجماعات الموالية لإيران.

ودعت واشنطن بغداد في السابق إلى القيام بدور أكثر فاعلية في معالجة المخاوف المتعلقة بالبنوك. وقال مسؤول وزارة الخزانة الأميركية "نحن لا نحاول الوصول للكمال. هذه علاقة جوار صعبة وإيران جيدة جدا في هذا على وجه الخصوص".

وأضاف "لدي في الواقع بعض الثقة في أننا سننجح في جعل العراق يفي بالمعايير الدولية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب وهذا سيقوض إلى حد كبير القدرات المالية غير المشروعة لهذا النظام".

ويؤكد مسؤولون أميركيون أن الإجراءات تهدف إلى الحدّ من استخدام النظام المصرفي العراقي لتهريب الدولارات إلى طهران ودمشق وملاذات غسل الأموال في أنحاء الشرق الأوسط، في حين تصفها إيران والأحزاب والميليشيات العراقية الموالية لها بـ"المؤامرة".