واقعة بالصدفة تكشف تنقل دواعش بجوازات سفر تركية

حادثة في مطار ألماني تعيد فتح ملف ارتباط حكومة العدالة والتنمية الإسلامية المحافظة بجماعات متطرفة كثير منها مصنف على القائمة الدولية للتنظيمات الإرهابية.

برلين/أنقرة - مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التركية التي يأمل الرئيس رجب طيب أردوغان الفوز فيها بولاية رئاسية جديدة، أعادت حادثة في مطار ألماني فتح ملف ارتباط حكومة العدالة والتنمية الإسلامية المحافظة بجماعات متطرفة كثير منها مصنف على القائمة الدولية للتنظيمات الإرهابية.

ودأب أردوغان وحكومته خلال السنوات التي تلت اندلاع الحرب الأهلية السورية على نفي أي صلة بجماعات إسلامية بعينها كما نفى صحة تقارير أشارت إلى تعاملات سرية مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي احتل مساحات واسعة في العراق بما فيها محافظات نفطية. وقام بتهريب شحنات نفط إلى الأراضي التركية.  

وسلطت حادثة في أحد المطارات الألمانية الضوء على ما وصفتها مواقع إخبارية معارضة بـ"فضيحة دولية تورطت فيها تركيا"، موضحة أن ضابطا تركيا متقاعدا تعرض للإيقاف والتحقيق من عناصر من المخابرات الألمانية والأميركية بسبب جواز السفر الأخضر الذي تمنحه السلطات التركية لموظفي الدولة والدبلوماسيين.

وأشارت المصادر إلى أن السلطات التركية قامت في فترة ما بمنح جواز السفر الأخضر المخصص للمسؤولين الحكوميين البارزين، إلى عناصر يشتبه في أنها إرهابية من بينهم مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

ولم تحدد التقارير الفترة التي منحت فيها السلطات التركية جواز السفر الأخضر ولا أسماء من حصلوا عليه ممن تلقوا تدريبات في سوريا وقاتلوا في دول أخرى.

ونقلت المواقع التركية المعارضة عن اللواء المتقاعد أوميت أوزترك قوله إنه تعرض إنه تعرض للاستجواب من عناصر من المخابرات الألمانية والأميركية، مضيفا "أبلغوني أنه تم العثور على جوازات السفر الخضراء مع أشخاص مجهولين من أصول أوزباكية وتركمانية تلقوا تدريبات في سوريا".

وقال في تسجيل مصور من مطار ساو باولو البرازيلي "أنا لواء متقاعد وأعيش بالولايات المتحدة منذ عام 2012، حيث أعمل بالطيران. أمتلك جواز سفر أخضر وكنت استخدمه منذ عام 2022، فأنا كنت موظف بالدولة ومنحتني إياه السلطات. عندما انتهى جواز السفر توجهت لأقرب قنصلية لتجديده. كان ذلك نهاية شهر ديسمبر الماضي. أخبروني أن جواز السفر الجديد سيستغرق 3 أشهر لوروده من أنقرة وأنهم سيمنحوني جواز سفر تقليدي لاستخدامه بشكل مؤقت".

ولم يلاحظ الضابط المتقاعد الذي يسافر من دولة إلى أخرى للمشاركة في معارض للطيران بحكم تخصصه، خلال تلك الفترة أي طارئ إلى أن تم إيقافه في مطار بألمانيا التي وصلها بعد أن تم تجديد جواز سفره الأخضر للمشاركة في معرض للطيران بالمنطقة.

وقال "في مايو الماضي ذهبت للمشاركة في معرض للطيران في سويسرا. ذهبت في البداية إلى ألمانيا ومنها إلى سويسرا. عندما هبطت في ألمانيا كنت سأستخدم جواز السفر الأخضر المجدد لأول مرة، لكن عناصر الأمن بالمطار أوقفوني وقاموا باصطحابي إلى غرفة خاصة" وت استجوابه لمدة 45 دقيقة ثم سُمح له بالمغادرة بعد أن تثبت مستجوبوه وهم من المخابرات الألمانية والأميركية من صحة بياناته خاصة أنه كان دائم التنقل للمشاركة في معارض الطيران.

وقال اللواء المتقاعد إنه أبلغ السلطات في المطار أنه اشتغل في تركيا كضابط لمدة 26 عاما وطلب منهم تفسيرا لإيقافه واستجوابه فأبلغوه بأن الأمر يتعلق بوجود جوازات السفر الخضراء بحوزة عناصر إرهابية   ممن تلقوا تدريبات في سوريا، مضيفا "لم يكنوا مواطنين أتراك وتعاملوا معي على هذا النحو لعدم وجود أي أختام بجواز سفري المجدد".

وخلص إلى القول بأن "أغلبية هؤلاء الأشخاص يعبرون إلى جورجيا. ويتوجب على وزارة الداخلية التعليق على الأمر"، متسائلا "كيف يتم منح جوازات السفر تلك إلى مقاتلي داعش وأشخاص مجهولين؟".

ولم تصدر السلطات التركية بعد تعليقا على تلك المعلومات ولم يتضح ما اذا كان الأمر يتعلق بعمليات تزوير واسعة قام بها متطرفون للفرار من سوريا مع انحسار نفوذ التنظيمات الإرهابية ومع اتجاه تركيا ذاتها إلى مصالحة مع النظام السوري واستئناف العلاقات بعد سنوات من دعم أنقرة للمعارضة السورية والجماعات المسلحة بما فيها جماعات متطرفة.

وفي السنوات الماضية واجهت المخابرات التركية اتهامات دولية بتشكيل وتسليح وتدريب مجموعات إسلامية متطرفة بينما كان الرئيس التركي وحكومته يدفعان لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

وفي العام 2015 نشرت صحيفة 'جمهورييت' التركية صورا وتسجيل فيديو أكدت أنها لشحنات أسلحة أرسلت إلى المعارضة السورية الإسلامية المسلحة في مطلع 2014، ما يدعم اتهامات تنفيها دائما حكومة أردوغان بشدة.

وأظهرت لصور التي نشرتها الصحيفة في نسختها الورقية وعلى موقعها الإلكتروني قذائف هاون مخبأة تحت أدوية في شاحنات مؤجرة رسميا لصالح منظمة إنسانية، اعترضتها قوة من الدرك التركي قرب الحدود السورية في مطلع العام 2014.

وفجرت تلك الواقعة فضيحة سياسية فقد أكدت وثائق سياسية نشرت على الإنترنت أن الشاحنات تعود إلى الاستخبارات التركية وتنقل أسلحة وذخائر إلى معارضين إسلاميين سوريين يقاتلون الجيش السوري النظامي. وتعرضت الصحيفة المعارضة للمصادرة كما تم ملاحقة كبار المسؤولين فيها قضائيا.

ولاحقا كشفت تقارير روسية في ذروة التوتر بين أنقرة وموسكو بعد أن أسقطت القوات التركية طائرة روسية ومقتل طيارها في ديسمبر/كانون الاول 2015 في أول وأكبر أزمة بين البلدين قبل أن يعتذر أردوغان الذي سارع حينها إلى زيارة نظيره الروسي فلاديمير بوتين لاحتواء التوتر بعد أن قررت روسيا معاقبة تركيا اقتصاديا.