'وجوه من بلدي' يستعرض تجارب سوريين مع اللجوء

لوحات الفنان أسعد فرزات والفوتوغرافي سامي درويش تقدم بانوراما درامية تحكي عشرات القصص عبر ملامح وجوه سورية.

دمشق - ينقل معرض "وجوه من بلدي" الذي تحتضنه صالة "عشتار" للفنون الجميلة بدمشق، قصصا إنسانية لسوريين عاشوا تجربة اللجوء خلال سنوات الثورة عبر أعمال فنية تجمع بين الرسم والتصوير الضوئي بعد أن عرض لأول مرة في باريس خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويُقام المعرض بالتعاون بين الفنان التشكيلي أسعد فرزات المُقيم في سويسرا والمصور الفوتوغرافي سامي درويش القادم من فرنسا، ويضم هذا الحدث الثنائي 36 عملا فنيا، موزعة بين 13 لوحة تشكيلية بأسلوب واقعي تعبيري لفرزات، و23 عملاً ضوئياً لدرويش، تتشابه في طرحها الإنساني بينما تتنوع تقنياتها الفنية، لترسم بانوراما درامية تحكي عشرات القصص عبر ملامح وجوه سورية.

وعبر المصور الفوتوغرافي سامي درويش على هامش افتتاح المعرض في الثالث من أبريل/نيسان الجاري عن شكره "لجميع من حضروا وأكّدوا بمجيئهم أننا بأمسّ الحاجة اليوم في سوريا خصوصا والعالم عموما إلى الثقافة والفنون ففيهما لطالما بحث الإنسان عن منفذ إلى السّلام.

وقال الفنان أسعد فرزات في تصريح للوكالة العربية السورية للأنباء (سانا الثقافية) إن مشروعه الفني بدأ "كرحلة بحث عن الهوية في وجوه غادرتنا ولم تعد".

وأشار إلى أن الأعمال "تحمل خريطة من الألم والدهشة، مُطعّمة بلون البحر تارةً، وبأثر البارود تارةً أخرى"، مضيفا "التقيتُ مع سامي درويش على خيط إنساني وفني مشترك، رغم تباعد الأجيال، لتعود بعض هذه الوجوه إلى موطنها الأصلي".

ويُجسّد المشروع فكرة التعايش واحترام الاختلافات كـ"طريقة عيش لا مجرد شعار"، وفق ما أكده سامي درويش في تصريح مماثل، لافتا إلى أن أعماله التصويرية تسعى إلى "ترميم ما دُمّر عبر اقتناص معجزة التعويض عن الغائبين"، متابعا "اخترتُ الوجوه كرسالة لدعم سوريا الجامعة لمكوناتها حيث الاختلاف مصدر غنى، والإنسانية لا تتجزأ".

وأكد مدير صالة عشتار، الفنان عصام درويش، أن استضافة المعرض تأتي تقديرا لتميّز تجربتَيْ الفنانين "فرزات الذي يرصد تحولات الوجوه السورية بتأثيرات الواقع، ودرويش الذي يمتلك عيناً قادرة على التقاط المكنونات عبر تناغم الضوء والظل".

ويعتبر أسعد فرزات أحد أبرز الرسامين في سوريا، وهو من مواليد 1959 ومتخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق. نشأ في عائلة فنية تمتهن الرسم والكتابة، وهو الأمر الذي أثّر في توجهاته منذ الصغر. وفي حصيلة الفنان العديد من المعارض الفردية والجماعية في عدة بلدان منها إيطاليا وفرنسا وتونس وألمانيا والكويت ولبنان والولايات المتحدة.

وبدلا من أن يرسم وجهه بحثا عن معاناته الشخصية كما فعل فنسنت فان كوخ، فإن فرزات صار يتنقل بين وجوه الآخرين بحثا عن التجربة التي تصنع تاريخ أخوة مشتركة تقف عند حدود الضياع، وهو يقول إن "ملامح الوجوه ضاعت في المعتقلات أو ابتلعها البحر أو اندمجت مع الصقيع".

ويشكل المعرض المستمر إلى غاية التاسع من أبريل/نيسان الجاري رؤية فنية مشتركة تزاوج بين التشكيل والضوء ليكون شاهدا على قدرة الفن على تجاوز الجغرافيا، وحفظ الذاكرة الجمعية لشعب يواصل كتابة قصته بلون الإصرار.