وساطة عمانية تفضي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين أميركا والحوثيين
صنعاء/عمان - أفضت وساطة عمانية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين، في إنجاز دبلوماسي ينضاف إلى الإنجازات التي حققتها مسقط في أكثر من جبهة، ما يرسخ مكانتها كوسيط إقليمي لتهدئة التوترات.
وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي "بعد المناقشات والاتصالات التي أجرتها سلطنة عمان مؤخرا مع الولايات المتحدة والسلطات المعنية في صنعاء بهدف تحقيق خفض التصعيد، فقد أسفرت الجهود عن التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين"، مضيفا "في المستقبل لن يستهدف أي منهما الآخر بما في ذلك السفن الاميركية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب".
وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء أن الولايات المتحدة ستوقف قصف الحوثيين في اليمن بعد أن وافقت الجماعة المتحالفة مع إيران على التوقف عن تعطيل ممرات الشحن المهمة في الشرق الأوسط.
وذكر في اجتماع مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في المكتب البيضاوي أن الحوثيين أعلنوا عدم رغبتهم في الاستمرار في القتال، مضيفا "قالوا: نرجوكم لا تقصفونا بعد الآن، ونحن لن نهاجم سفنكم".
وقال ترامب إن واشنطن ستصدق وعد الحوثيين بأنهم لن يفجروا السفن مجددا. وتصاعد التوتر منذ اندلاع الحرب في غزة، لكنه ازداد منذ سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون بالقرب من مطار بن غوريون الإسرائيلي يوم الأحد مما دفع إسرائيل إلى شن غارات جوية على ميناء الحديدة اليمني الاثنين.
ولعبت مسقط دور الوسيط في العديد من الصراعات من بينها حرب اليمن وأنجحت صفقات تبادل أسرى بين المتمردين والحكومة الشرعية، بالإضافة إلى جهودها في المفاوضات الأميركية الإيرانية التي توجت بإبرام الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في العام 2015، فيما ترعى في الوقت الراهن مباحثات بين الخصمين لتوقيع اتفاق جديد.
ويأتي الاتفاق بين الحوثيين وأميركا إثر غارات شنتها إسرائيل على مطار صنعاء، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة ردا على استهداف الحوثيين مطار بن غوريون الدولي قرب تل أبيب الساحلية بصاروخ الأحد، فيما يؤكد تركيز الجيش الإسرائيلي على قصف المطارات والموانئ الخاضعة لسيطرة المتمردين سعيه إلى قطع شرايين حيوية تعتمد عليها الجماعة المدعومة من إيران في تمويل أنشطتها وإمدادها بالأسلحة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن "الحوثيين يستخدمون المطار لنقل وسائل قتالية ونشطاء ويتم تشغيله بشكل متواصل لأغراض إرهابية".
ويأتي قصف مطار صنعاء المنفذ الجوي الوحيد الخاضع لسيطرة الحوثيين بعد يوم من غارات مكثفة استهدفت ميناء الحديدة وألحقت أضرارا فادحة بالمنشأة المينائية، في ضربات محددة وانتقائية تهدف إلى عزل الجماعة المدعومة من إيران وشل مصادر تمويلها وقطع طرق تزويدها بالسلاح.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف المطار الرئيسي في اليمن بضربات جوية، بينما قال شهود إن أربع ضربات وقعت على العاصمة صنعاء، في أحدث أعمال قتال مع تصاعد التوتر بين إسرائيل وجماعة الحوثيين.
ونصحت إسرائيل في وقت سابق السكان بمغادرة المنطقة المحيطة بمطار صنعاء الدولي، ذلك بعد يوم واحد من تنفيذ القوات الإسرائيلية غارات جوية على ميناء الحديدة في اليمن ردا على سقوط صاروخ أطلقته جماعة الحوثي بالقرب من مطار بن غوريون في إسرائيل يوم الأحد.
وأفاد سكان عن انقطاع التيار الكهربائي في صنعاء ومحافظة الحديدة الساحلية في غرب اليمن، بعدما قصف الإسرائيليون ثلاث محطات تغذية كهربائية في العاصمة ومحيطها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه عطّل مطار صنعاء "بشكل كامل". وسبق لإسرائيل أن استهدفت المنفذ الجوي الوحيد في العاصمة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما أسفر حينها عن مقتل ستة أشخاص، وفقا لوسائل إعلام تابعة للحوثيين.
وأفادت قناة "المسيرة" التابعة للمتمردين بأن "عدوانا أميركيا إسرائيليا يستهدف مطار صنعاء الدولي بسلسلة غارات". لكن مسؤولا في وزارة الدفاع الأميركية أكد أن قوات بلاده لم تشارك في الضربات الاسرائيلية على اليمن.
وتوعّد الحوثيون في وقت سابق بالرد على الغارات الإسرائيلية، إذ أعلن المكتب السياسي للجماعة في بيان أن "العدوان الإسرائيلي والأميركي لن يمر دون رد ولن يثني اليمن عن الاستمرار في موقفه المساند لغزة".
وموجة الغارات هذه هي الثانية لإسرائيل على اليمن خلال 24 ساعة، إذ شنت الإثنين غارات على ميناء الحديدة في غرب اليمن ومصنع إسمنت في المحافظة نفسها، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 39 آخرين بجروح، بحسب وزارة الصحة التابعة للحوثيين.
وتأتي الضربات الأخيرة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية مجددا اثر مصادقة إسرائيل على توسيع عملياتها في قطاع غزة وتهجير جزء كبير من سكانه.
وقد لا تكون هذه الهجمات الأخيرة على اليمن، فقد أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الرد "لن يكون دفعة واحدة، بل ستكون هناك ضربات عدة".
وفي هذا السياق، اعتبر المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ عبر حسابه على "إكس" أن الأخذ والرد بين الحوثيين وإسرائيل يمثل "تصعيدا خطيرا في سياق إقليمي هش ومتقلب"، داعيا جميع الأطراف المعنية إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي أعمال تصعيدية قد تُفاقم معاناة المدنيين.