هناك مؤامرة

فرضية أن الاقتصاد العالمي مرتبط بالسعودية لا يمكن الركون إليها أمام حجم الأطماع بهذا البلد المحوري عربيا وإسلاميا.

من ينفي نظرية المؤامرة عن الموقف الأميركي من السعودية، فليتابع قضية الصحفي جمال خاشقجي، فقد حدثت آلاف الاغتيالات ولم يكن لهم نصف بواكي خاشقجي، بل لقد قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بجرائم ضد الإنسانية ولم يحاسبهما أحد. فما السر من خلف هذا التباكي على خاشقجي؟

هناك عدة احتمالات، وأولها إتمام مؤامرة تدمير الدول العربية وقد جاء دور السعودية، ولن يقف الأمر عندها، فالأمر يتعلق بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط. وهناك أيضا احتمال مؤامرة التحالف الإسلامي-الأميركي بهدف تولي الإسلاميين الحكم فتصبح المنطقة مقسمة تقسيما طائفيا للسنة والشيعة. وهناك احتمال ثالث وهو فرض عقوبات على السعودية وايران وهما منتجان للنفط بهدف إنتاج النفط الصخري الأميركي على مستوى تجاري وتصديره، بالنظر إلى أن وقف صادرات النفط السعودي يعني رفع سعر النفط، مما يجعل إنتاج النفط الصخري الأميركي وتصديره مجديا من الناحية الاقتصادية، حيث أن تكلفة إنتاجه مرتفعة جدا ولا تستطيع الولايات المتحدة إنتاجه وتصديره ما لم يرتفع سعر النفط عالميا. وفرض عقوبات على الدول المنتجة للنفط عملية مربحة جدا للولايات المتحدة.

لكن هذا لا يعني نجاحها في تمرير خططها، فقد صمدت مصر واستطاعت تجنب تحويلها إلى بلد يعج بالانفجارات والكراهية الدينية بين المسلمين والمسيحيين واليهود المصريين. فليس أمام السعودية سوى التكاتف الداخلي ونشر الوعي بما يحاك ضدها ولا بأس بقيام بعض أثرياء السعودية بالمساهمة في القضاء على الفقر في بعض مناطق السعودية وسد جميع الثغرات التي يمكن الدخول من خلالها وتحريض السعوديين.

لقد تحدث كثيرون عن خطة تدمير السعودية ومنهم جورج غالاوي الذي أكد مرارا أن السعودية هي التالية في مخطط التدمير. وهذا رجل مطلع على خفايا المخططات الأميركية والبريطانية، لذلك فيجب عدم الاستهانة بما يجري والتصرف على أساس أن القادم خطير جدا، وعدم الركون إلى أن الاقتصاد العالمي مرتبط بالسعودية. فهناك بدائل كثيرة، والولايات المتحدة لها مصلحة كبيرة في تعطيل الاقتصاد السعودي لتسويق نفطها، وهو متوفر بكميات مهولة ولكن إنتاجه غير مربح إلا إذا ارتفع سعر النفط العالمي، وأقصر طريق لرفعه هو فرض عقوبات على السعودية. كما أن هناك الغاز الجديد في البحر الأبيض المتوسط وسوف يتضاعف الانتاج إذا فرضت عقوبات على السعودية والمستفيد هو تركيا وإسرائيل.

من الصعب الجزم بشأن ما تريده بريطانيا والولايات المتحدة وتركيا من استهداف السعودية، ولكن مجمل العوامل المذكورة تشير إلى أن السعودية مستهدفة بشدة، فهذه الجلبة حول مقتل خاشقجي ليست طبيعية وربما يكون هناك تنسيق بين الولايات المتحدة وتركيا للحادث من أصله.