روسيا لا تثق في هدنة ليبيا في ظل إرسال أردوغان للمرتزقة

نائب وزير الخارجية الروسي يتهم تركيا بمساعدة مقاتلين أجانب في العبور إلى ليبيا بعد يوم من اتهام موسكو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعم الإرهابيين وقطاع الطرق في سوريا.

موسكو - عبرت روسيا اليوم الأربعاء عن عدم ثقتها في أن طرفي الصراع في ليبيا مستعدان حاليا لتنفيذ قرارات مؤتمر برلين الذي عقد في يناير الماضي، مؤكدة قيام تركيا بالمساعدة في نقل المرتزقة إلى ليبيا في تأجيج للصراع أكثر بالتزامن مع انطلاق الحوار السياسي في جينيف رغم إعلان وفدي الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق مشاركتهما فيه.

ونقلت وكالة تاس للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله الأربعاء إن موسكو لا ترى مؤشرا على استعداد الطرفين المتحاربين في ليبيا لتنفيذ القرارات العسكرية والسياسية التي تم التوصل إليها في مؤتمر في برلين في يناير/كانون الثاني.

وأعلن بوغدانوف خلال تصريحه أن روسيا تؤكد تقارير فريق خبراء مجلس الأمن بشأن، نقل المسلحين إلى ليبيا بمساعدة من تركيا.

وقال بوغدانوف خلال كلمته في الغرفة الاجتماعية الروسية "يقوم فريق خبراء لجنة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإبلاغ بانتظام عن نقلهم (للمقاتلين الأجانب) إلى ليبيا، وهو ما نؤكد حدوثه، بمساعدة تركيا، بالطبع"​​​.

واتفقت الأطراف التي شاركت في مؤتمر برلين بشأن ليبيا، منتصف كانون ثان/يناير الماضي، على ضرورة تنفيذ حظر تقديم الأسلحة لطرفي الحرب في ليبيا، وهو الحظر الذي طالما تعرض للانتهاك خصوصا من قبل المحو التركي القطري الذي يدعم حكومة الوفاق.

وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد قالت للصحفيين عقب قمة برلين إنه تم الاتفاق على ضرورة تحويل هدنة مؤقتة في طرابلس إلى وقف دائم لإطلاق النار لإتاحة الفرصة أمام العملية السياسية، كما تعهدت الأسرة الدولية خلال هذا المؤتمر الدولي بعدم التدخل الخارجي في النزاع الليبي.

لكن عدم التزام تركيا التي تدخلت عسكريا في ليبيا زاد الوضع تعقيدا مع مواصلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرسال السلاح والمرتزقة من الفصائل السورية الذين تدعمهم أنقرة إلى طرابلس دعما لحكومة الوفاق والميليشيات التي تقاتل في صفوفها.

وطالبت موسكو طرفي النزاع ببذل المزيد من الجهود من أجل تحقيق السلام.

وقال بوغدانوف إنه لابد أن يدعم الطرفان ما تم التوصل إليه خلال مؤتمر برلين، مضيفا "لا نرى أن شيئا من ذلك تحقق فعلا حتى الآن".

وأضاف نائب وزير الخارجية الروسي أنه لا يوجد مؤشر على تأييد أي من الطرفين لما وصفها بالمبادئ الأساسية لحل الأزمة فيما يتعلق بالتطورات العسكرية والسياسية.

وشهدت الأيام الأخيرة مفاوضات ليبية ومباحثات عسكرية من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس، استكمالا لما اتفق عليه في مؤتمر برلين بين الدول المعنية بالأزمة الليبية حول ضرورة التوصل لهدنة ثابتة، ووقف توريد الأسلحة إلى البلاد التي أنهكتها الحرب منذ سنوات.

لكن أردوغان الذي شارك في القمة واصل دعم الميليشيات وحكومة الوفاق بالأسلحة وتعزيز صفوفها بالجنود الأتراك والمرتزقة وسط تلويح الجيش الوطني الليبي بإنهاء المفاوضات إذا استمرت تركيا في تدخلها السافر على الأراضي الليبية.د

يب
دور الأمم المتحدة في الأزمة الليبية يتلاشى مع عدم التطرق للتدخل التركي 

يذكر أن العلاقات بين روسيا وتركيا اللتان كانتا حليفتان في سوريا، توترت منذ أسابيع على إثر تقدم قوات الجيش السوري في آخر معاقل الفصائل التي تدعمها أنقرة في إدلب وقتل عشرات الجنود الأتراك خلال دعمها لها.

وأمس الثلاثاء، ووصفت موسكو تلك الجماعات "بالإرهابيين" و"قطاع الطرق" مؤكدة دعمها لقوات بشار الأسد لدحرهم واستعادة المناطق التي كانت تحت سيطرتهم.

ويتهم الجيش الوطني الليبي والبرلمان المؤيد له ومقرها طبرق، أردوغان وحليفه فايز السراج بعدم احترام التعهدات المنبثقة عن مؤتمر برلين والمضي بليبيا نحو الفوضى والاقتتال بهدف منع انهيار حكومة السراج مقابل تعزيز تركيا لنفوذها في المنطقة التي أصبحت أنقرة ترى في ثرواتها الطاقية فرصة للانقضاض عليها.

وأمس الثلاثاء، أعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري في مقطع فيديو عبر صفحته على فيسبوك إن قوات الجيش أسقطت طائرة مسيرة تركية بعد إقلاعها من القاعدة التركية في "معيتيقة".

وأوضح أن آمر غرفة العمليات العسكرية بالمنطقة الغربية اللواء المبروك الغزوي أكد "جاهزية وحدات الجيش الوطني للتعامل مع أي تهديد أمني يعرض أمن وسلامة العاصمة وقواتنا للخطر".

واعتبرت الغرفة هذه الأعمال من الأعمال "العدائية الإرهابية التركية وخرقا للهدنة المعلنة بالمنطقة".

وأعلن الجيش الوطني الليبي الأحد أنه قتل 16 جنديا تركيا في الأسابيع الماضية.

وأقر أردوغان أمس الثلاثاء وللمرة الأولى بسقوط جنديين من القوات التركية في طرابلس وذلك بعد  أن أنكرت أنقرة مرارا في السابق جلب مرتزقة سوريين إلى العاصمة الليبية أو تواجد جنودها هناك.

وسبق وأن عبر قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر عن استعداده لوقف إطلاق النار وفق شروط أهمها انسحاب المرتزقة السوريين والأتراك من البلاد وتوقف تركيا عن مد حكومة الوفاق في طرابلس بالسلاح كخطوة عملية تعبر عن حسن نوايا الجيش تجاه الدفع نحو حل سلمي ينهي الصراع في ليبيا.

وقال حفتر إنه لا يعارض تسيير دوريات لدول الاتحاد الأوروبي على خطوط التماس لمراقبة وقف إطلاق النار وتدفق الأسلحة في تجاوب مع خطة أعلنت عن اطلاقها دول التكتل الأوروبي تتمثل في مهمة بحرية جديدة من المقرر أن تبدأ بحلول نهاية مارس المقبل بهدف مراقبة تهريب السلاح إلى ليبيا.

لكن حكومة الوفاق استبقت تنفيذ الخطة الأوروبية وعبرت عن رفضها لها في موقف يعبر عن إصرارها لتنفيذ أجندات خارجية تهدف لتعزيز الدور التركي القطري الذي أغرق ليبيا منذ سنوات بالسلاح وتأزيم الأوضاع فيها أكثر لخلق الفوضى بما يخدم مصالح أنقرة والدوحة في المنطقة.

وقال أردوغان الثلاثاء من أنقرة متحدثا عن المرتزقة الذين أرسلهم إلى ليبيا إن "القادمون من سوريا من الجيش الوطني السوري لهم هدف مشترك. هم موجودون هناك في إطار هذه الأهداف المشتركة. أشقاؤنا الذين يقفون معنا في سوريا يرون وجودهم هناك معنا شرفاً لهم".

والاثنين، اتفق الطرفان المتحاربان على وقف القتال، من ناحية المبدأ لكن البرلمان الليبي طلب لاحقا من الوفود التابعة له الانسحاب من المباحثات احتجاجا على تدخل هيئة الأمم المتحدة في اختيار ممثليه، لتستغل حكومة الوفاق الفرصة وتعلن بدورها عدم المشاركة في المفاوضات أيضا متحججة بضرورة وقف الجيش الوطني الليبي عملياته في طرابلس.

ومن المقرر أن تبدأ في جنيف اليوم الأربعاء مباحثات سياسية بشأن مستقبل ليبيا رغم إعلان طرفي النزاع تعليق مشاركتهما.