موسكو تدعو لوقف فوري لإطلاق النار في ليبيا

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يحاول التغطية على الخلافات مع انقرة ويدعو للجلوس على طاولة المفاوضات مجددا للبحث عن اتفاقات مقبولة للجميع.
فرنسا تندد بلعبة تركيا الخطيرة في ليبيا وتهديدها للمنطقة وأوروبا
دعوة غامضة من واشنطن لوقف إطلاق النار استراتيجي في ليبيا

موسكو - دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اليوم الثلاثاء إلى وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا، حاثا اللاعبين الخارجيين بفعل كل ما في وسعهم للمساعدة في تهيئة الظروف لحوار شامل بين الليبيين لتسوية الصراع الذي أججته تركيا في الأشهر الأخيرة بتدخلها العسكري الداعم لحكومة الوفاق في طرابلس.

وقال لافروف إن الأطراف الخارجية يجب أن توفر الأحوال المواتية لحوار شامل بين الأطراف المتصارعة في ليبيا، وهو شيء تتفق عليه أيضا تركيا ومصر، وذلك بعدما أجرى الوزير الروسي محادثات عبر الهاتف مع وزيري خارجية البلدين.

وأوضح لافروف إن مصر وتركيا "تتفقان أنه يجب أن يعترف الجميع بعدم وجود حل عسكري، وعلينا أن نجلس على طاولة المفاوضات ونبحث عن اتفاقات مقبولة للجميع".

وأشار وزير الخارجية الروسي إلى "التفوق العسكري لطرف على آخر في النزاع في ليبيا في السنوات الأخيرة كان مؤقتًا في كل مرة، وكان هناك دائمًا رد فعل، وتغير للوضع على الأرض. واعتمادًا على من يتقدم ومن يتراجع، كان الجانب المتراجع جاهزًا للمفاوضات، ولم يكن الجانب المتقدم مستعدًا لذلك. لقد فهمنا جميعا هذا منذ زمن طويل".

وشدد على أنه "لا يرى أي خيارات أخرى إلا وقف إطلاق النار الفوري. وحل جميع القضايا الأخرى على أساس عملية التفاوض بما يتماشى مع التفاهمات المنصوص عليها في مؤتمر برلين".

ولا يعكس تصريح لافروف التوتر الجاري مع أنقرة حول الملف الليبي فقد ألغت موسكو الأسبوع الماضي زيارة وزير خارجيتها ووزير دفاعها إلى إسطبنول لمناقشة أزمة الصراع المتفاقمة في البلد المتوسطي، الغارق في الفوضى منذ 2011.

وعكس إلغاء الزيارة المفاجئ تباين المواقف بين روسيا وتركيا في الصراع الليبي، بعد الحديث عن حتمال صفقة بين الطرفين كما حصل في سوريا. ويعود هذا الخلاف بالأساس إلى تجاوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخطوط الحمراء التي رسمها الكرملين على الميدان.

ويأتي الموقف الروسي بعد يوم من موقف أميركي مشابه أكد على ضرورة وقف إطلاق نار "استراتيجي" لكنه بقي غامضا نظرا لعدم تحديده حدود توقف المعارك بين الجيش الوطني الليبي وميليشيات الوفاق التي تصر على التقدم نحو مدينة سرت النفطية بدعم تركي رغم دعوات العودة لطاولة المفاوضات آخرها المباردة المصرية التي لاقت ترحيبا دوليا وإقليميا كبيرا.

يذكر أن لافروف كان قد دعا الأسبوع الماضي واشنطن للتدخل واستخدام نفوذها للضغط والعودة إلى المفاوضات في إشارة للانفلات التركي داخل ليبيا.

وقالت السفارة الأميركية أمس الاثنين عقب لقاء جمع وفدا أميركيا يقوده السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند وقائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” الجنرال ستيفين تاونسند برئيس حكومة الوفاق فايز السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا وعدد من القيادات العسكرية في مدينة زوارة، أن واشنطن رسمت خطا لوقف إطلاق النار يتجاوز سرت والموانئ النفطية وصولا إلى منطقة الجفرة.

ل
تركيا تسير فائز السراج حسب مصالحها

ويأتي الموقف الروسي والأميركي بعد تلويح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السبت الماضي بإمكانية تدخل بلاده عسكريا في ليبيا، حيث قال خلال تفقده المنطقة الغربية العسكرية إن “أي تدخل مباشر لمصر في ليبيا باتت له شرعية دولية”.

وأضاف السيسي أن بلاده “لن تسمح بتجاوز الصراع في ليبيا خط سرت”. وأشار إلى أن “سرت والجفرة بالنسبة لأمن مصر خط أحمر لن نسمح بالمساس به”.

كما شنت فرنسا هجوما غير مسبوق على تركيا منتقدة ممارستها "للعبة خطيرة" في ليبيا معتبرة انها تشكل تهديدا مباشرا للمنطقة وأوروربا.

وقال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاثنين اثر لقائه نظيره التونسي قيس سعيد في الاليزيه "أرى اليوم أن تركيا تمارس لعبة خطيرة في ليبيا تناقض كل الالتزامات التي اعلنتها في مؤتمر برلين".

وفي وقت سابق هاجم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أيضا تركيا مشيرا إلى تعارض سياسات أنقرة وتناقضها مع مبادئ وأهداف حلف شمال الأطلسي، متسائلا عن معنى وجود تركيا في الحلف بالنظر إلى سياساتها.

وانتقدت الخارجية الفرنسية التدخل التركي في شؤون ليبيا حيث تقوم بنقل مرتزقة سوريين للمشاركة في الحرب دعما لحكومة السراج بالإضافة إلى تهريبها السلاح والطائرات إلى ميليشياتها في طرابلس عبر سفن في اختراق واضح للمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن الذي يحظر السلاح على ليبيا.

والأربعاء الماضي، نددت وزارة الجيوش الفرنسية بتعرض سفينة فرنسية تشارك في مهمة للحلف الأطلسي في البحر المتوسط لعمل "عدواني للغاية" من قبل زوارق تركية.

وأوضحت الوزارة أن السفينة الفرنسية تعرضت لثلاث "ومضات لإشعاعات رادار" من أحد الزوارق التركية، معتبرة ذلك "عملا عدوانيا للغاية لا يمكن أن يكون من فعل حليف تجاه سفينة تابعة للحلف الأطلسي".

وكان الرئيس الفرنسي قال في ترصيحات سابقة إن تركيا أخلّت بتعهدات اتفاق برلين، مشيرا إلى أن باريس رصدت سفنا تركية تنقل مرتزقة إلى ليبيا.

من جهته عبر ستيفان دوجاريك المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتّحدة الاثنين عن  "قلق المنظمة من استمرار التعبئة العسكرية في وسط ليبيا، وبخاصة في سرت، ومن نقل الأسلحة من الخارج، واستمرار تجنيد المرتزقة، وجميع الانتهاكات الصارخة لحظر الأسلحة".

ودعا دوجاريك طرفي النزاع في ليبيا إلى عدم تصعيد الوضع. وقال "أعتقد أنّه من المهمّ أيضاً أن لا يقوم أي من الطرفين بأي أمر من شأنه أن يزيد الموقف سوءاً".