إيران تشعر بثقل العقوبات الأممية رغم المكابرة

وزير النفط الإيراني يعترف بان العقوبات ستكون لها نتائج وخيمة على الاقتصاد وذلك بعد فترة وجيزة من اعتبار روحاني للخطوة التي أعلنتها واشنطن أحاديا بأنها انتصار لبلاده.
مسؤول ايراني يصف عقوبات واشنطن بأنها حرب بلا دماء
الولايات المتحدة ماضية في قرارها دون اهتمام بمواقف الدول الرافضة للعقوبات الاممية

طهران - تعيش إيران حالة من القلق والتوجس على خلفية إعلان واشنطن الأحادي إعادة فرض العقوبات الأممية عليها وهو ما تظهره تصريحات المسئولين الإيرانيين الاخيرة رغم ادعائهم بغير ذلك في بداة الامر.

ووصف وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنغنه، عقوبات الولايات المتحدة المفروضة على بلاده بأنها "حرب بلا دماء".
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها، الإثنين، في حفل توقيع 13 اتفاقية مع الجامعات فيما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز، بحسب وكالة أنباء وزارة النفط الإيرانية (شانا).
وأشار زنغنه إلى أن اليوم يصادف الذكرى الـ 40 لبداية الحرب العراقية الإيرانية مضيفا "مازلنا اليوم نخوض حربا، إنها حرب بلا دماء شنتها الولايات المتحدة ضدنا".
وتكشف تلك التصريحات حالة الاحباط التي تعيشها ايران بعد تورطها في خلق عداء إقليمي ودولي غير مسبوقين.
وأعلنت واشنطن أن عقوبات الأمم المتحدة التي رفعت بموجب الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني (2015)، دخلت مجددا حيز التنفيذ منتصف ليل السبت الأحد محذرة من "عواقب" على الدول غير الملتزمة بها.
وتوعدت واشنطن بمعاقبة من يخرق العقوبات، في خطوة لاقت انتقادات من روسيا والأطراف الأوروبيين الموقعين على الاتفاق النووي والذين اعتمدت عليهم طهران للافلات من المحاسبة الدولية.
والاحد حاول عدد من القادة الايرانيين امتصاص صدمة فرض العقوبات حيث افاد عدد من المسؤولين أن الرفض الدولي للإجراء الأميركي هو لصالحها، ويحول سياسة "الضغط الأقصى" التي اتبعتها إدارة ترامب حيالها لأعوام، "عزلة قصوى" لواشنطن.
وجاء الموقف الأوضح في هذا السياق من الرئيس حسن روحاني الذي قال على هامش اجتماع حكومي إن "سياسة الضغط الأقصى للولايات المتحدة ضد إيران، في شكلها السياسي والقانوني، تحولت الى سياسة عزلة قصوى للولايات المتحدة".
ولفت الى أن الولايات المتحدة، أبرز الدول الخمس الدائمة العضوية، تلقت "ثلاث هزائم متتالية في مجلس الأمن الدولي، أي في المكان الذي لطالما اعتقد الأميركيون أنه نقطة قوتهم".

الولايات المتحدة تتوعد ايران بالمزيد
الولايات المتحدة تتوعد ايران بالمزيد

لكن حديث روحاني والمسؤولين الايرانيين عن هزيمة هو سياسة دائما ما تتبعها الحكومة الايرانية لمواجهة حالة العزلة خاصة وان الاقتصاد الايراني يئن تحت وطأة عقوبات مختلفة اضافة الى تداعيات تفشي كورونا.
ورغم ان خبراء يرون ان واشنطن تلفت في منتصف آب/أغسطس الماضي انتكاسة كبيرة في مجلس الأمن لدى محاولتها تمديد حظر الأسلحة على طهران الذي ينتهي في تشرين الأول/أكتوبر طبقاً للاتفاق النووي اضافة عدم تجاوب المجلس مع إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قبل شهر تفعيل آلية "سناب باك" لإعادة فرض العقوبات الدولية، وصولا الى إعلانه الأخير لكن الجانب الايراني سيعاني من تبعات خطوات اميركية يبدو انها ستتصاعد في المرحلة المقبلة.
وقال بومبيو السبت "اليوم، ترحّب الولايات المتحدة بعودة جميع عقوبات الأمم المتحدة تقريبا التي ألغيت في السابق على جمهورية إيران الإسلامية".
وكانت إيران بادرت الاحد عبر المتحدث باسم وزارة خارجيتها سعيد خطيب زاده، الى دعوة المجتمع الدولي للتحدث "بصوت واحد" في مواجهة "التحركات المتهورة" لإدارة ترامب.
وقال خطيب زاده خلال مؤتمره صحافي "نتوقع من المجتمع الدولي وجميع دول العالم الوقوف ضد هذه التحرّكات المتهورة من قبل النظام في البيت الأبيض والتحدّث بصوت واحد".
وقلل من أي أثر لهذا الإجراء، موضحا "الولايات المتحدة معزولة جدا جدا في مزاعمها  أعتقد أن هذه هي الأيام والساعات الأكثر مرارة" لواشنطن.
وشدد على أن "رسالة طهران الى واشنطن واضحة. عودوا الى المجتمع الدولي، الى التزاماتكم والعالم سيتقبلكم" حينها.
وفي تعليقه على الإجراء الأميركي، كتب وزير الخارجية محمد جواد ظريف مساء الأحد عبر حسابه على "تويتر"، إن "العالم يقول إنه لم يتم إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن".
وأضاف غامزا من قناة بومبيو من دون أن يسميه "لكن السيد نحن كذبنا، نحن غششنا، نحن سرقنا يهدد بمعاقبة عالم يرفض العيش في عالمه الموازي".
ونددت البعثة الصينية في الامم المتحدة في تغريدة باجراء "يخلو من اي اثر قانوني وسياسي"، مؤكدة ان رفع العقوبات الذي نصت عليه قرارات الامم المتحدة سيستمر وحان الوقت "لانهاء المسرحية السياسية التي تمارسها الولايات المتحدة".
ورُفعت العقوبات الأممية عام 2015 عندما وقّعت إيران والدول الست (الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن+ألمانيا)، اتفاقا تعهدت بموجبه طهران عدم السعي لامتلاك أسلحة نووية.
لكن ترامب يعتبر الاتفاق المبرم في عهد سلفه باراك أوباما غير كافٍ، وانسحب منه قبل عامين معيدا فرض عقوبات قاسية من بلاده على إيران.
وتصر الولايات المتحدة على أنها لا تزال شريكة في الاتفاق، ويحق لها تفعيل آلية "سناب باك" لإعادة فرض العقوبات، ما يلقى اعتراضا من كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن تقريباً.
صعوبات اقتصادية قائمة

الشعب الايراني سيتحمل التكلفة الاقتصادية للعقوبات
الشعب الايراني سيتحمل التكلفة الاقتصادية للعقوبات

ورغم تعرض واشنطن لانتقادات من قبل روسيا والصين والأطراف الأوروبية لكنها بدت ماضية في إجراءاتها بدون أي اعتبار لهذه المواقف.
وتعهّد بومبيو السبت ان يتم خلال أيام اعلان الإجراءات بحق "منتهكي" العقوبات، مؤكدا استعداد الولايات المتحدة "لاستخدام سلطاتنا الداخلية لفرض عواقب على الجهات التي تقف وراء هذه الإخفاقات وضمان ألا تجني ايران مكاسب من هذا النشاط المحظور من قبل الأمم المتحدة".
ويتوقع أن يتطرق ترامب لتفاصيل هذه الإجراءات خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء، والذي سيكون الأخير له أمام المنظمة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، حيث يسعى للفوز بولاية ثانية.
وسبق لبومبيو أن ندد في آب/أغسطس برفض غالبية أعضاء مجلس الأمن تمديد حظر الأسلحة على إيران، متهما فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الحلفاء التقليديين لبلاده، بـ"الانحياز إلى آيات الله".
وتكرر في أروقة الأمم المتحدة الموقف المقلل من شأن الخطوة الأميركية.
وقال دبلوماسي أممي "لا شيء سيحدث" مضيفاً أن الوضع "أشبه بالضغط على الزناد من دون انطلاق الرصاصة".
وقال مندوب روسيا دميتري بوليانسكي "من المؤلم أن نرى كيف يمكن لدولة أن تهين نفسها بهذه الطريقة، وتعارض بهذيانها العنيد سائر أعضاء مجلس الأمن الدولي".
على رغم ذلك، تتصرف إدارة ترامب كأن العقوبات أُعيد فرضها.
وتشدد واشنطن على أنه تم تمديد الحظر على الأسلحة "إلى ما لا نهاية" وأن العديد من الأنشطة المرتبطة ببرامج إيران النووية والصاروخية باتت الآن هدفا لعقوبات دولية.
وفي شوارع طهران، لاقى سكان في العاصمة الإعلان بعدم مبالاة في ظل الآثار الكبيرة للعقوبات المفروضة حاليا، لاسيما لجهة انعكاسها على قيمة العملة المحلية وكلفة المعيشة.
وقالت مدربة الفنون القتالية ليلى زنقنه "الأمور صعبة جدا على الناس حاليا. بصرف النظر عما اذا تم فرض العقوبات أم لا، نحن نعيش في ظل صعوبة قصوى".