
العراق يعود لمربع الاحتجاجات العنيفة
الناصرية (العراق) - عاد العراق إلى دائرة الاحتجاجات العنيفة بعد صدامات حدثت الجمعة بين متظاهرين معارضين للحكومة العراقية وآخرين من مؤيدي رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مدينة الناصرية في جنوب البلاد، ما تسبب في مقتل ثمانية أشخاص، فيما عاد المتظاهرون السبت لنصب خيامهم بساحة الحبوبي.
وأفادت مصادر إعلامية أنّ المتظاهرين المناهضين للحكومة عادوا صباح السبت إلى الميدان لإعادة نصب خيامهم، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وقتل متظاهران عراقيان مساء السبت بمواجهات مع قوات الأمن في محافظة واسط جنوبي البلاد، بحسب مصدر طبي وشهود عيان.
وقال مصدر طبي إن "متظاهراً دهسته مركبة تابعة لقوات مكافحة الشغب بمدينة الكوت (بواسط)، توفي إثر تعرضه لإصابات في منطقة الرأس، فيما قتل متظاهر آخر إثر تعرضه لانفجار قنبلة للغازات المسيلة للدموع.
من جهتهم أوضح شهود عيان أن قوات مكافحة الشغب اقتحمت من دون سابق إنذار، ساحة الاحتجاج وسط مدينة الكوت عبر مركباتهم ولاحقت المتظاهرين في الشوارع.
وأضاف الشهود أن "الوضع متوتر وقوات مكافحة الشغب تواصل ملاحقة المتظاهرين في الأزقة والشوارع الجانبية".
من جانبه قال مصدر أمني عراقي إنه تقرر فرض حظر شامل للتجوال في محافظة واسط لاحتواء توتر الأوضاع الأمنية دون تفاصيل عن الحظر وتوقيته.
وكان متظاهر عراقي قد توفي السبت متأثرا بحروق شديدة أصابته بعد إضرامه النار في جسده احتجاجا على اقتحام قوات أمنية لساحة احتجاج جنوبي البلاد، حسب مصدر طبي وشهود عيان.
وقال مصدر طبي من مديرية صحة محافظة واسط الحكومية، إن "المتظاهر حسين كاطع وصل مستشفى بمدينة الكوت (مركز المحافظة) وقد أصيب بحروق شديدة بأجزاء مختلفة من جسده"، مضيفا أن "الأطباء لم يتمكنوا من إنقاذه وفارق الحياة".
من جانبهم أفاد شهود عيان أن كاطع أضرم النار في نفسه، فجر السبت، احتجاجا على اقتحام قوات مكافحة الشغب ساحة اعتصام وسط مدينة الكوت.
وفي وقت سابق قال مصدر بالشرطة وشهود عيان إن قوات مكافحة الشغب اقتحمت فجر السبت، ساحة اعتصام المتظاهرين وسط مدينة الكوت، وأزالت خيامهم.
ووفق ذات المصادر فإن قوات الأمن طردت المتظاهرين من الساحة وأعادت فتح الطرق المغلقة المحيطة بها. كما انتشرت قوات الأجهزة الأمنية بكثافة في الساحة ومحيطها لمنع عودة المتظاهرين.

والجمعة وقعت صدامات بين أنصار حركة الاحتجاج الشبابية المناهضة للحكومة التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2019 وأنصار الصدر الذي دعا مؤيديه للنزول للشارع في استعراض للقوة السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو/حزيران المقبل.
وفي مدينة الناصرية في جنوب العراق اتهم نشطاء مناهضون للحكومة أنصار الصدر بإطلاق النار عليهم وإحراق خيامهم في مكان تجمعهم الرئيسي بساحة الحبوبي.
وكان أنصار الصدر قد استخدموا في هجومهم أسلحة نارية وأخرى بيضاء وعصي وهراوات، لتتحول الساحة والمنطقة المحيطة بها إلى ساحة صدامات عنيفة، كما أحرق أنصار الصدر خيام المعتصمين في الساحة، وفق شهود عيان.
واستمرت الاشتباكات طوال الليل، حيث أفاد مسعفون عن مقتل ستة أشخاص حتى صباح السبت، خمسة منهم جراء جروح بطلقات نارية إصابة ما لا يقل عن 80 جريحًا.
وأقالت السلطات قائد شرطة المدينة وفتحت تحقيقا في الأحداث وفرضت حظرا للتجول طوال الليل في الناصرية.
كذلك اتخذت مدن أخرى إجراءات أمنية، حيث فرضت الكوت والعمارة شمالا قيودًا جديدة على الحركة.
وتمثل الناصرية معقلا رئيسيا لحركة الاحتجاج ضد الحكومة. وشهدت المدينة أيضا أحد أكثر الحوادث دموية منذ بدء الاحتجاجات، إذ سجلت سقوط أكثر من ثلاثين قتيلا في أعمال عنف رافقت التظاهرات في 28 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
وأثارت تلك الحادثة غضبا واسعا في أنحاء العراق ودعا المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيّد علي السيستاني إلى استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي.
ومدّ رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي يده للمتظاهرين، سعيا لتحقيق أحد أهم مطالبهم عبر إقراره انتخابات برلمانية في حزيران/يونيو 2021.
وستجري الانتخابات وفق قانون جديد بدلا من التصويت على اللوائح، إذ سيتم التصويت على الأفراد وتقليص نطاق الدوائر الانتخابية.
لكن يتوقع غالبية المراقبين تأجيل موعد الاقتراع بضعة أشهر على الأقل ويرجح خبراء أن يستفيد الصدر ومرشَحوه من قانون الانتخابات الجديد.