وزير خارجية الإمارات يلتقي الأسد في أول زيارة لدمشق

الشيخ عبدالله بن زايد يؤكد للرئيس السوري في أول زيارة رسمية لمسؤول إماراتي رفيع لدمشق، على دعم الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا، معتبرا أنّ ما حصل في الساحة السورية أثَّر على كل الدول العربية.
مصر تعتبر أن العلاقات مع سوريا يجب أن تستأنف
واشنطن تحث دولا عربيا على التفكير في "فظاعات" ارتكبها الأسد
هل تلتحق دول خليجية وعربية أخرى بالإمارات في استئناف العلاقات مع دمشق؟
لقاء مرتقب بين وزير الخارجية الإماراتي ونظيره الأردني في عمان

دمشق - وصل وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان اليوم الثلاثاء إلى دمشق في أول زيارة لمسؤول عربي رفيع منذ قطع عدة دول خليجية وعربية علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري إثر اندلاع النزاع، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية.

وذكرت الرئاسة السورية في بيان على صفحتها الرسمية بفيسبوك وكذلك وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الرئيس السوري بشار الأسد استقبل الشيخ عبدالله على رأس وفد رفيع. وجرى خلال اللقاء "بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك وتكثيف الجهود لاستكشاف آفاق جديدة لهذا التعاون خصوصا في القطاعات الحيوية من أجل تعزيز الشراكات الاستثمارية في هذه القطاعات".

وقالت الرئاسة السورية إن الرئيس الأسد أكد على "العلاقات الأخوية الوثيقة" بين البلدين. ونوّه بما وصفه "بالمواقف الموضوعية والصائبة التي تتخذها الإمارات" التي "وقفت دائما إلى جانب الشعب السوري".

وبحسب المصدر ذاته شدّد الشيخ عبدالله على دعم الإمارات لجهود الاستقرار في سوريا، معتبرا أنّ ما حصل في سوريا أثَّر على كل الدول العربية، معربا عن ثقته أنّ دمشق وبقيادة الرئيس الأسد وجهود الشعب السوري قادرة على تجاوز التحديات التي فرضتها الحرب، مشيرا إلى أن الإمارات مستعدة دائما لمساندة السوريين.

وتم خلال اللقاء بين الرئيس السوري وضيفه الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد الاتفاق على استمرار التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة العربية من أجل تحقيق تطلعات شعوبها وبإرادتهم بعيدا عن أيّ تدخلات خارجية، وفق بيان الرئاسة السورية التي قالت إن الجانبين بحثا كذلك تطورات الأوضاع على الساحتين العربية والإقليمية.

وضم الوفد الذي يقوده الشيخ عبدالله بن زايد وزير الدولة بالخارجية الإماراتية خليفة شاهين وعلي محمد حماد الشامسي رئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ بمرتبة وزير.

وعلى غرار دول غربية وخليجية عدة، قطعت الإمارات في فبراير/شباط 2012 علاقتها الدبلوماسية مع دمشق، بعد نحو عام من اندلاع احتجاجات شعبية سلمية واجهتها قوات الأمن بالقمع وسرعان ما تحولت نزاعا مسلحا، لكن وفي نهاية العام 2018، استأنفت أبوظبي العمل في سفارتها لدى دمشق مع بدء مؤشرات انفتاح خليجي.

منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، علّقت جامعة الدول العربية عضوية دمشق، كما قطعت دول عربية عدة علاقاتها مع دمشق بينها الإمارات، فيما أبقت أخرى بينها الأردن على اتصالات محدودة بين الطرفين. وشكلت سلطنة عمان استثناء بين الدول الخليجية.

وقدمت دول خليجية أبرزها السعودية وقطر دعما لفصائل المعارضة السورية قبل أن يتراجع الدعم تدريجيا خلال السنوات الماضية مع تقدم القوات الحكومية بدعم عسكري روسي وإيراني على الأرض.

وبعد القطيعة العربية، برزت خلال السنوات القليلة الماضية عدة مؤشرات على انفتاح عربي تجاه دمشق وإن كان بطيئا. وبدأت مع إعادة فتح الإمارات سفارتها في دمشق في 2018، بعد سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية، ثم تأكيد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد قبل أشهر أن "عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية في مصلحتها ومصلحة البلدان الأخرى في المنطقة".

ومنذ استئناف العلاقات الدبلوماسية، جرى اتصالان هاتفيان بين الأسد وولي عهد أبوظبي الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان. وأرسلت الإمارات عدة طائرات محمّلة بمساعدات طبية إلى دمشق منذ تفشي وباء كوفيد-19.

واعتبرت مصر اليوم الثلاثاء أن العلاقات مع سوريا يجب أن تستأنف لكنّها شددت على وجوب أن تعالج دمشق قبل ذلك هواجس على غرار التداعيات الإنسانية للحرب.

وخلال زيارة إلى واشنطن قال وزير الخارجية المصري سامح شكري "نعتقد أنه يجب في مرحلة معينة إعادة سوريا إلى الحضن العربي"، مشددا على وجوب أن يتزامن ذلك مع خطوات سياسية للحكومة السورية.

وفي مركز وودرو ويلسون الدولي للعلماء قال شكري إنه يتعين على سوريا "إظهار اعتدال أكبر في كيفية استعادة ثقة المنطقة ودينامياتها الداخلية".

وفي بداية الشهر الماضي، بحث وزيرا الاقتصاد السوري والإماراتي خلال لقاء على هامش معرض "إكسبو دبي" العلاقات الاقتصادية وضمنها الاتفاق على إعادة تشكيل وتفعيل مجلس رجال الأعمال السوري الإماراتي بهدف تشجيع التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.

وأعلن وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق حينها أن 14 بالمئة هي حصة الإمارات من تجارة سوريا الخارجية. وحدّد حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بمليار درهم (أكثر من 272 مليون دولار) خلال النصف الأول من العام 2021.

وليس واضحا ما إذا كانت دول عربية أخرى، وخليجية خصوصا، ستلحق بركب الإمارات. وتنتقد الدول الخليجية خصوصا السعودية التحالف بين سوريا وإيران، أبرز داعمي دمشق سياسيا وعسكريا.

وفي خطوة لم تكن لتحصل لولا تبدل في الموقف السعودي، شارك وزير السياحة السوري محمّد مارتيني العام الحالي بدعوة من السعودية في اجتماع للجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط في الرياض.

وتأتي زيارة المسؤول الإماراتي إلى دمشق بعد أكثر من شهر على اتصال هاتفي أجراه الرئيس السوري بشار الأسد بالعاهل الأردني عبدالله الثاني، لأول مرة منذ اندلاع النزاع، في مؤشر على ما يراه محللون بداية لانتهاء عزلة دمشق الدبلوماسية مع محيطها العربي.

وأعادت السلطات الأردنية مؤخرا فتح مركز جابر/نصيب الحدودي مع سوريا أمام المسافرين وحركة الشحن بعد حوالي شهرين من إغلاقه جراء تصعيد عسكري محدود في محافظة درعا جنوبا. ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الإماراتي نظيره الأردني أيمن الصفدي في عمان الأربعاء.

وقبل الانتخابات الرئاسية في مايو/ايار، والتي أعيد فيها انتخاب الأسد لولاية رابعة من سبع سنوات، تعمّد مسؤولون سوريون تسريب معلومات عن "تغيير كبير" مرتقب في العلاقات مع الخليج وعن قنوات اتصال مفتوحة خصوصا مع السعودية.

ويكرر الأسد في خطاباته على أن إعادة الإعمار تشكل أولويته في المرحلة المقبلة. ويقول مراقبون إنه يعوّل على استثمارات خليجية لتمويل هذه العملية، في وقت يربط فيه المجتمع الدولي أي دعم مالي بالتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.

وتفرض الولايات المتحدة عدة عقوبات على سوريا أبرزها قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ العام الماضي ويفرض عقوبات على كل شركة تتعامل مع نظام الأسد الذي يسعى إلى إعادة إعمار بلاده.

وأكّدت الإمارات في مارس/اذار الماضي أن قانون قيصر يصعّب عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

لكن الولايات المتحدة عبرت عن قلقها من زيارة وزير الخارجية الإماراتي لدمشق ودعت دول المنطقة على التفكير مليا في ما وصفتها بـ"الفظائع التي ارتكبها الأسد"، منتقدة ما قالت إنها "جهود تبذل لتعويم دكتاتور وحشي".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في مؤتمر صحافي "هذه الإدارة لن تبدي أي دعم لجهود تبذل من أجل تطبيع العلاقة مع بشار الأسد أو تعويمه"، واصفا الرئيس السوري بأنه "دكتاتور وحشي".