الأقصر وأسوان تواصلان البوح بأسرار حُكام مصر القديمة

بعثات مصرية وأجنبية تعلن عن اكتشاف مجموعة من التماثيل الملكية وبقايا أعمدة وجدران مزخرفة ومقبرة غنية بالمومياوات تعود للعصر اليوناني الروماني في مدن تاريخية مصرية.

يبدو أن الكثير من المدن التاريخية المصرية، لم تبُح بكل أسرارها بعد، وأن الكثير من كنوز وآثار ومقابر حكام مصر القديمة لاتزال مخبأة في باطن الأرض.
فقد أعلنت مصر عن كشفين أثريين مهمين – بحسب الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية – الأول في جبانة طيبة القديمة بالبر الغربي لمدينة الأقصر الغنية بمئات المقابر وعشرات المعابد التي شيدها حكام ونبلاء مصر القديمة، وحققته بعثة أثرية ألمانية برئاسة الدكتور هوريج سوروزيان.
والثاني في البر الغربي أيضا ولكن في مدينة أسوان، وبالقرب من ضريح الأغاخان، وحققته بعثة أثرية إيطالية برئاسة الدكتورة باتريسيا بياسينتينى أستاذة علم المصريات بجامعة ميلانو.
معبد ملايين السنين
أعلن الدكتور مصطفى وزيري أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصرية عن نجاح البعثة الأثرية المصرية الألمانية العاملة بمشروع ترميم تمثالي ممنون والمعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث المعروف باسم "معبد ملايين السنين" بالبر الغربي لمدينة الأقصر، جنوبي مصر، والتي تعمل برئاسة الدكتور هوريج سوروزيان في الكشف عن مجموعة من الأحجار الضخمة لتمثالين ملكيين على هيئة أبوالهول والالهة سخمت، هذا بالإضافة إلى الكشف عن بقايا جدران وأعمدة مزخرفة بمناظر احتفالية وطقسية. 
وأضاف وزيري في بيان تلقى "ميدل إيست أونلاين" نسخة منه أنه من بين القطع المكتشفة أجزاء من تمثالين ضخمين للملك أمنحتب الثالث من الحجر الجيري على هيئة أبو الهول، مرتديا غطاء الرأس (النمس واللحية الملكية) وقلادة عريضة حول العنق والذي تم العثور عليهما في المنطقة الخلفية لبوابة الصرح الثالث.
واشار إلى أن جميع القطع الخاصة بهذين التمثالين قد خضعت لعمليات دقيقة من التنظيف والتقوية والترميم، والتي أظهرت وجود نقش بمنطقة الصدر يحمل الاسم الملكي لأمنحتب الثالث وهو "محبوب المعبود آمون رع". 
الآلهة سخمت
وتابع الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية بأن البعثة عثرت أيضا على ثلاثة تماثيل نصفية من الغرانيت الأسود للإلهة سخمت عند واجهة الفناء المفتوح وصالة الأعمدة الكبرى للمعبد. 
وسوف يتم تجميع هذه القطع مع قطع أخرى تم العثور عليها في وقت سابق في الموقع وذلك تمهيدا لعرضها في أماكنها الأصلية بالمعبد. 
وبجانب الكشف عن عدد من النقوش الخاصة بجدار من الحجر الرملي عليه مناظر تمثل احتفالات لعيد الحب-سد وتمثال صغير من الغرانيت الأسود لأحد الموظفين جالسا ربما بجانب زوجته أشارت الدراسات انه من المرجح أن يعود تاريخ هذا التمثال لفترة ما بعد العمارنة عندما استمرت أعمال الترميم في هذا المعبد بواسطة الفنانين والكتاب، والعثور - أيضا - على بعض قواعد لأعمدة والكتل الحجرية في النصف الجنوبي من صالة الأعمدة الكبري الأمر الذي يوضح أن هذه الصالة كانت أكبر مما هو معروف بالمزيد من الأعمدة. 

ووفقا للبيان، فقد تم نقل هذه القطع من أماكن الكشف عنها داخل المعبد لترميمها وإعادة تركيبها حيث ظهرت الألوان الأصلية للعديد منها وذلك تمهيدا لإعادة وضعها في أماكنها الأصلية بالمعبد. 
بداية طريق المواكب
وأكدت الدكتورة هوريج سوروزيان رئيسة البعثة، على أهمية هذه الاكتشافات وخصوصيته تمكن البعثة من العثور على تمثالين ضخمين على هيئة أبوالهول يؤكد وجود بداية طريق المواكب الذي يقع ما بين الصرح الثالث للمعبد وفناء الأعمدة، والذي كان يقام فيه الاحتفالات الخاصة بعيد الوادي الجميل كل عام وكذلك الاحتفالات الخاصة بعيد الحب-سد للملك في العشر سنوات الأخيرة من حكمه.   
وأشارت إلى أن الدراسات المبدئية التي أجرتها البعثة على تمثالي أبوالهول أوضحت أن طولهما يبلغ ما يقرب من 8 أمتار. 
يُذكر أن مشروع ترميم تمثالي ممنون ومعبد الملك أمنحتب الثالث بدأ في عام 1998 تحت إشراف وزارة السياحة والآثار والمعهد الألماني للآثار للحفاظ على بقايا المعبد وإعادة بناءه من جديد.
 وقد عثرت البعثة من قبل على العديد من التماثيل الضخمة للإلهة سخمت وللملك أمنحتب الثالث وزوجته الملكة تي. 
ومن المعروف أن الملك أمنحتب الثالث كان قد أقام معبده الجنائزي الذي أطلق عليه اسم معبد ملايين السنين بالبر الغربي بالأقصر، ولكنه تعرض للدمار نتيجة لزلزال مدمر اجتاح البلاد خلال العصور المصرية القديمة. 
مقبرة يونانية رومانية 
أعلن مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية عن نجاح البعثة الأثرية المصرية الايطالية المشتركة العاملة في محيط ضريح الأغاخان بمنطقة غرب أسوان برئاسة الدكتورة باتريسيا بياسينتيني أستاذة علم المصريات بجامعة ميلانو، في الكشف عن مقبرة أثرية جديدة محفورة في الصخر تعود للعصر اليوناني الروماني، وذلك من خلال عمل البعثة خلال موسم الحفائر الماضي.
وأوضح وزيري في تصريحات لـ"ميدل إيست أونلاين" بأن المقبرة تتكون من جزئين، الجزء الأول منها فوق سطح الأرض والثاني منحوت في الصخر.
قبو من الطوب اللبن
وقال دكتور عبدالمنعم سعيد محمود مدير عام اثار أسوان والنوبة ورئيس البعثة من الجانب المصري أن الجزء الأول من المقبرة عبارة عن بناء من الحجر الرملي والطوب اللبن مستطيل الشكل به مدخل المقبرة المحاط بكتل حجرية مغطاة بقبو من الطوب اللبن.
وأن الجزء الثاني فهو منحوت بالصخر ويؤدي المدخل الى فناء مستطيل نحتت به 4 حجرات دفن، عثر بداخلها على ما يقرب من 20 مومياء معظمها في حالة جيدة من الحفظ. 
وقد أشارت الدراسات الأولية أن هذه المقبرة جماعية تضم أكثر من أسرة.
وأشارت الدكتورة باتريسيا بياسينتينى، إلى أن البعثة عثرت على العديد من المقتنيات الأثرية داخل المقبرة والتي تعود للعصر اليوناني الروماني منها موائد للقرابين ولوحات حجرية عليها نصوص بالخط الهيروغليفي وعقد من النحاس مزين بكتابات يونانية واسم (نيكوستراتوس)، بالإضافة إلى عدد من تماثيل خشبية لطائر البا وأجزاء من الكارتوناج الملون. 
وخلال المسح الأثري بالمنطقة تم العثور على عدد من التوابيت في حالة جيدة من الحفظ بعضها من الفخار والبعض الآخر من الحجر الرملي.