الشرعية اليمنية والتنازل بالتقسيط المريح

لم تكسب السلطة الشرعية من اتفاق استكهولم أو من اتفاق الهدنة الأخير شيئا.
كل ما بوسع السلطة هو إصدار بيان تنديد ومطالبة للأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، بالضغط على الميليشيات
نحن أمام اضمحلال وتآكل لمرتكزات القوة الشرعية والدستورية للسلطة الشرعية بالتقسيط المريح

ستستمر السلطة الشرعية في تقديم تنازلات للمليشيات الحوثية، ستكسب من ورائها شهادة حسن سيرة وسلوك من الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن، في كل اتفاق أو جولة مفاوضات تنتزع الميليشيات الحوثية مكاسبا سياسية واقتصادية وعسكرية، بينما تخسر السلطة الشرعية تدريجيا استحقاقات شرعية، هي استحقاقات للشعب اليمني، وتفقد ببطء مشروعيتها السياسية، طيبت الشرعية خاطر المبعوث الأممي هانس غرودنبيرغ، فقبلت السفر من مطار صنعاء بجوازات صادرة من الميليشيات الحوثية؛ كي لا يقال: إن الهدنة فشلت ولم يتحقق منها شيئا، ماذا عن حصار تعز؟ هل يستحق أبناء تعز أن تطيب الشرعية خاطرهم وتشترط فك الحصار عن تعز مقابل فتح مطار صنعاء؟

اتفاق استكهولم أوقف تحرير الحديدة، هدنة الشهرين الأممية الأخيرة، أكسبت الميليشيات الحوثية 90 مليار ريال جمارك وضرائب 18 سفينة مشتقات نفطية، ضمنت الميليشيات بذلك توفير مبالغ ضخمة؛ لتمويل جبهات القتال لسنوات قادمة، وفك الحصار عن قادتها وأنصارها بفتح مطار صنعاء، بينما ستمنع من تريد من السفر، وستكسب أيضا موارد مالية أخرى من رسوم تذاكر الطيران.

لم تكسب السلطة الشرعية من اتفاق استكهولم أو من اتفاق الهدنة الأخير شيئا، المتحججون بأن الضرورة الإنسانية للمواطنين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، تقتضي أن تتصرف الشرعية بهذا الأسلوب، يتجاهلون حقيقة أن الميليشيات الحوثية لا يعنيها أمر المواطنين، ولا تهتم بشؤونهم، بل تستخدمهم كرهائن لتجبر الآخرين على تلبية مطالبها.

 كل ما بوسع السلطة الشرعية هو إصدار بيان تنديد ومطالبة للأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، بالضغط على الميليشيات الحوثية، بوقف التصعيد واختراق الهدنة لماذا لا تعلن عدم استمرار التعاطي والتعامل مع الهدنة مادام والميليشيات الحوثية تنتهكها وتضرب بها عرض الحائط؟ وتوصل للأمم المتحدة ومبعوثها رسالة صارمة، أن مسؤولياتها تجاه الشعب اليمني، تحتم عليها مغادرة مربع التنازلات لميليشيات لا تعرف للسلام طريقا، وأنها لن تفرط في حقوق اليمنيين، طالما ظلت الميليشيات الانقلابية لا تحترم اتفاقا ولا تلتزم بميثاق.

نحن أمام اضمحلال وتآكل لمرتكزات القوة الشرعية والدستورية للسلطة الشرعية بالتقسيط المريح، مقابل حصول الميليشيات الحوثية على مغانم، تخرجها من دائرة التمرد والانقلاب، وتمنحها البقاء جاعلة لها معادلا موضوعيا للقوى الوطنية اليمنية.

السلطة الشرعية بين خيارين: إما أن تحصل على رضا المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وتستمر في الاستجابة لما يطلب منها، ولو كان فيه خسارة لها وللشعب اليمني، وإما أن تضع نصب أعينها دماء الشهداء وتضحيات ومعاناة اليمنيين، ولا تفرط باسترداد الدولة ومؤسساتها من براثن الميليشيات الحوثية، مخلدة ذكراها في سجل ناصع البياض.