المادة تولد من العدم المادي في اختراق فيزيائي جديد

فريق علمي في جامعة مانشستر يستولد مادة من طاقة صرفة، باستخدام حقلين كهرومغناطيسيين فائقي القوة واحداث تداخل بينهما.

لندن – هل يمكن ان تولد المادة من العدم، او بتعبير ادق من الطاقة؟ نظريا يعتبر الامر ممكنا لكنه كان لغاية وقت قريب مستحيلا تطبيقيا، وهو ما نجح علماء بريطانيون في تغييره في اختراق علمي بلا مثيل.

وقبل ثمانين عاما، اقترح الفيزيائي بريت وويلر أنه من الممكن تحويل الضوء إلى مادة عن طريق سحق فوتونين مع بعضهما لإنتاج إلكترون وبوزترون - وهذه أبسط طريقة تم التنبؤ بها مطلقاً لتحويل الضوء إلى مادة. تم إثبات العملية الحسابية نظرياً، لكن قال بريت و ويلر أنهما لم يتوقعا من أي شخص أن يثبت تنبؤهما فيزيائياً: فلم يتم رصده سابقاً في المختبر وتطلبت التجارب السابقة لاختباره أجساماً إضافية فائقة الكتلة وعالية الطاقة.

 وتناقلت وفق موقع انديبندنت العربية مجموعة من المواقع الإعلامية العامة والعلمية، على غرار "أم أس إن" و"نيوز إن سي آر" و"هيد توبكس" وغيرها، تجربة نهض بها فريق علمي في "جامعة مانشستر" استطاع أن يستولد مادة من طاقة صرفة، إذ استخدم الفريق حقلين كهرومغناطيسيين فائقي القوة وأحدث تداخلاً بينهما أدى إلى ولادة مادة، بالأحرى، جسيمات مادية من النوع الذي تشكلت منه المكونات التي تصنع المكونات الأساسية للذرة ونواتها.

للمرة الأولى، يستطيع البشر أن يصنعوا بأنفسهم هذا التبادل بين الطاقة والمادة في اتجاه تحول الطاقة إلى مادة.

وفي تجربة "جامعة مانشستر" التي جرت في يناير/كانون ثاني 2022 واستكمل تدقيقها ونشرها خلال سبتمبر/أيلول الحالي، اشتغل العلماء على مادة الغرافين. وتتألف تلك المادة من ارتصافات تشبه خلايا النحل من ذرات الكربون. ويتميز الكربون بأنه مادة شديدة الاستقرار، مما يعني أن التأثير في ذراته أو نواته، يستلزم استعمال حقول طاقة شديدة القوة.

وفي سياق عمل علمي متعدد الأبعاد على مادة الغرافين، جرب فريق "جامعة مانشستر" إحداث تداخل بين حقلين كهرومغناطيسيين فائقي القوة. وفي وصف تقني مبسط، أدى ذلك إلى ظهور حقل كهرومغناطيسي كمومي، تضمن جسيمات من المادة والمادة المضادة اللتين تعتبران أساس تَكَوُّنْ كل أنواع المادة في كل الكون الذي نعرفه.

حقل كهرومغناطيسي كمومي تضمن جسيمات من المادة والمادة المضادة اللتين تعتبران أساس تَكَوُّنْ كل أنواع المادة

وتحول المادة إلى طاقة أمر شائع منذ فجر التاريخ البشري. وقد اقتضى تطور الحضارة الإنسانية أن يسير أشواطاً هائلة قبل أن يتبلور مفهوم التبادل بين الطاقة والمادة في الفيزياء الحديثة، خصوصاً مع نظرية النسبية لألبرت أينشتاين والنظرية الكمومية في الفيزياء التي ظهرت على يد مجموعة من العلماء ضمت في صفوفها ماكس بلانك وإيرفنغ شرودنغر وجوليان شوينغر وورنر هايزنبرغ وسواهم (سار معهم أينشتاين فترة، ثم هجرهم).

مع تبلور نظرية الـ"بيغ بانغ" وأشياء كثيرة أخرى بالطبع، أخذ العلماء يتحدثون بثقة أكبر عن تبادل المادة والطاقة. وبات شائعاً القول إن ذلك الأمر يحدث في الكون الشاسع، بل إنه حدث عند ولادة الكون في لحظة الـ"بيغ بانغ"، إذ بات الرأي العلمي يأخذ بأن لحظة "الانفجار العظيم" ترافقت مع تدفق طاقة هائلة، ما لبثت أن شرعت في "البرودة" شيئاً فشيئاً، بالترافق مع تحول الطاقة إلى مكونات أبرزها المادة والمادة المضادة. )بات شائعاً أيضاً أن اصطدام المادة بالمادة المضادة يؤدي إلى ولادة دفق هائل من الطاقة).

وقد يروق لبعضهم استحضار مقولات من الفلسفة القديمة كـ"لا يأتي شيء من العدم، ولا ينعدم شيء موجود"، لدى التأمل في هذه التجربة العلمية الفريدة. لطالما أمكن التثبت من أن الأشياء الموجودة لا تنعدم، بل تتبدل، وقد يحدث تبادل بين المادة والطاقة، وكلتاهما من أشكال الوجود.

يذكر انه في في سنة 2015، اكتشف فيزيائيون في الكلية الملكية في لندن طريقة لإنتاج المادة من الضوء.

وتصل ثلاثة فيزيائيين إلى طريقة بسيطة نسبياً لإثبات فيزيائي لنظرية تم طرحها لأول مرة من قبل العالمين بريت Breit وويلر Wheeler في عام 1934.

اقترح بريت وويلر أنه من الممكن تحويل الضوء إلى مادة عن طريق سحق فوتونين مع بعضهما لإنتاج إلكترون وبوزترون – وهذه أبسط طريقة تم التنبؤ بها مطلقاً لتحويل الضوء إلى مادة. وتم إثبات العملية الحسابية نظرياً، لكن قال بريت و ويلر أنهما لم يتوقعا من أي شخص أن يثبت تنبؤهما فيزيائياً: فلم يتم رصده سابقاً في المختبر وتطلبت التجارب السابقة لاختباره أجساماً إضافية فائقة الكتلة وعالية الطاقة.

لكن البحث المنجز خلال 2015، حسب “ناسا عربي”، والذي نشر في مجلة ناتشر فوتونك  أظهر ولأول مرة كيف أن نظرية بريت وويلر يمكن إثباتها تجريبياً.

وقام تصادِم الفوتونات  بتحويل الضوء بشكل مباشر إلى مادة باستخدام تكنولوجيا متاحة حالياً، في ما يُعد نوعاً جديداً من التجارب الفيزيائية عالية الطاقة.

وهذه التجربة، حسب المصدر ذاته، تقوم بإعادة إطلاق عمليات مهمة حصلت في أول 100 ثانية من عمر الكون، والتي يمكن مشاهدتها أيضاً في انفجارات أشعة جاما التي تعتبر أكبر الانفجارات في الكون وأحد أعظم ألغاز الفيزياء غير المحلولة.