'التراث والعصر: الإتصال والإنفصال' في مراود الإماراتية

الدكتور عبد العزيز المسلّم: التراث والعصر موضوع إشكالي، يتسم بالراهنية والتجدّد، نظراً لارتباطه الشديد بالمتغيرات الثقافية، والتطورات التقنية والتكنولوجية.

صدر حديثا العدد رقم 54 لشهر آيار/ مايو 2023 من مجلة "مراود" الشهرية التي يصدرها معهد الشارقة للتراث، وتهتم بالتراث الإماراتي والعربي والإنساني. 

ويتصدر العدد ملف خاص حمل عنوان "التراث والعصر: الإتصال والإنفصال"، كما تضمن العدد تطوافاً جميلاً وشائقاً في رحاب التراث الإماراتي، من خلال استعراض عدد من الموضوعات الغنية والمتنوعة، حول موضوع العادات والتقاليد، والسنع الإماراتي الأصيل، بالإضافة إلى موضوعات عن الشعر النبطي والفنون الشعبية والمعالم التراثية، والأمثال والحكم وغيرها. 

كما يستعرض العدد مقاربات رصينة، تدور في فلك التراث العربي والعالمي، وتبرز وجوه الاتصال والتشابه بين التراث الإنساني باعتباره يجمع بين الشعوب مهما اختلفت الثقافات وتباينت الدروب والإتجاهات. 

موضوع إشكالي 

وجاء في افتتاحية العدد التي كتبها الدكتور عبد العزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة، ورئيس التحرير، أن التراث والعصر هو موضوع إشكالي، يتسم بالراهنية والتجدّد، نظراً لارتباطه الشديد بالمتغيرات الثقافية، والتطورات التقنية والتكنولوجية، وما أفرزه عصر العولمة من معطيات طرحت العديد من الأسئلة الجوهرية، حول مستقبل المعرفة والعالم، وحول موضوع الخصوصية الثقافية والهويات المتداخلة، وغيرها من الموضوعات الإشكالية التي تتجدد بين الفينة والأخرى، ما يجعل طرح هذا الموضوع وبحثه والتفكير فيه ومناقشته أموراً لا مناص منها لفهم صيرورة الأحداث والتطورات المتلاحقة، وتقديم تصورات منطقية ومعرفية حول العلاقة بين التراث والعصر في غمرة المعطيات والمتغيرات الراهنة التي ألقت بظلالها الكثيفة على حياتنا المعاصرة، وتفكير الجيل الحالي. 

وأشار "المسلّم" إلى أن هذا ما يسعون إلى طرحه وتقديمه للقارئ في هذا العدد من مجلة "مراود"، سعياً إلى فهم راهن للعلاقة بين التراث والعصر فهما صنوان متلازمان، ولبيان وجوه الارتباط والاتصال، أو القطيعة والانفصال، من خلال مجموعة من المقاربات التي تناقش هذا الموضوع من جوانبه كافة.  

أكثر المصطلحات تداولاً 

وفي كلمته على الصفحة الأخيرة من المجلة، تساءل الدكتور منّي بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر بمعهد الشارقة للتراث، ومدير التحرير: ما التراث؟ وأجاب بأن السؤال قد يبدو للوهلة الأولى بسيطاً أو سطحياً أو سهل المنال، لكنه في جوهره عميق، ويحتاج من الدارس إلى أن يغوص في أعماق المفهوم ليستخرج منه المضمون؛ ذلك أن مصطلح التراث من أكثر المصطلحات تداولاً، ولا يخلو منه درس أو بحث. بيد أن تداوله ليس بالسوية نفسها، فثمة استعمالات مختلفة، ومعان متعددة يذهب إليها الدارسون، بحسب نظرتهم ورؤيتهم للتراث وأنواعه وعناصره ومكوناته. لذلك، تعتبر مفردة التراث من أكثر المفردات وضوحاً والتباساً في الآن نفسه، بحسب التوظيف والاستخدام أو الاستعمال.  

وأضاف "بونعامة" بأنه إذا عدنا إلى المعاجم اللغوية نجد أن كلمة تراث مصدر من كلمة ورث، وهو ما يخلّفه الرجل لورثته. ويقال ورث وورث وإرث ووراث وإراتٌ وميراث بمعنى واحد، وأصل التاء في الكلمة واو، فأبدلت التاء من الواو ويقال ورت العلم والصلاح ونحوهما: أي أدركه وناله واستقر له. 

ولفت إلى أن التراث هو امتداد السلف في الخلف، واستمرار مآثر الآباء والأجداد في الأبناء والأحفاد، الأمر الذي يؤكد أن الماضي يمكن أن ينداح في دوائر الحاضر والمستقبل. 

التراث والعصر 

وفي ملف العدد: نقرأ لفهد علي المعمري "تضمين الكلمات الأجنبية في الشعر النبطي الإماراتي"، ويناقش الدكتور سالم زايد الطنيجي موضوع "التراث والعصر"، ويستعرض الدكتور عادل الكسادي "إشكالية العلاقة بين التكنولوجيا الذكية والموروث المجتمعي"، وأما الدكتورة فاطمة سلطان المزروعي، رئيس قسم الأرشيف الوطني، فكتبت عن "العادات والتقاليد في الإمارات بين الدخيل والأصيل"، وحملت مشاركة مريم سلطان المزروعي عنوان (العادات والتقاليد في الإمارات.. بين سنع الأولين و"إتيكيت" الآخرين)، وتناول محمد نجيب قدورة موضوع "جدلية التراث والعصر"، وحاور الدكتور فهد حسين مجموعة من المتخصصين حول موضوع "تراثنا والتحولات الاجتماعية ومدى سطوة التكنولوجيا عليها"، ونبقى مجددا مع الدكتور فهد حسين في مقال بعنوان "العادات وتجول المجتمع"، وأضاء الدكتور مهدي الشموط على "علاقة الطارف بالتليد"، وعالج خالد صالح ملكاوي موضوع "التراث والتآخي مع العصر"، وتوقف الدكتور أحمد علواني إشكالية "الصراعات الثقافية والتحولات العصرية"، وأما إيهاب الملاح، مدير تحرير سلسلة عالم التراث الصادرة عن معهد الشارقة للتراث، فعرض رؤيته حول موضوع "تراث العربية وتحديات العصر"، وبيّن الدكتور أحمد إبراهيم الشريف "كيف غيرت التكنولوجيا أحزاننا". 

مصادر التراث الموسيقي العربي 

وفي موضوعات العدد: يواصل علي العبدان، مدير إدارة التراث الفني بمعهد الشارقة للتراث، سلسلة مقالاته حول "مصادر التراث الموسيقي العربي"، ويكتب علي العشر، خبير التراث الفني بمعهد الشارقة للتراث عن "فن القادري"، ويتناول محمد عبدالله نورالدين موضوع "الشعر الشعبي والتعبير الشعوري"، ويستعرض الدكتور خالد بن محمد مبارك القاسمي "جهود الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في الحفاظ على التراث التاريخي والعمراني: حصون وقلاع الشارقة أنموذجاً"، ويواصل طلال سعد الرميضي استعراضه لتاريخ الكويت في الأرشيف العثماني، وفي زاوية (فضاءات) نقرأ لحسين الراوي "حقيبة مشوار العمر"، وفي زاوية "تنبيهات" نقرأ لسعيد يقطين "هذه امرأة وتلك أخرى"، ويحدثنا الدكتور مصطفى جاد، عميد المعهد العالي للفنون الشعبية بالقاهرة عن "حماية النبات والاحتفال بمواسمه"، ويقرأ لنا خالد عمر بن قفه كتاب "الموشى.. أو الظرف والظرفاء" لأبي الطيب محمد بن إسحاق بن يحيي الوشاء"، وفي زاوية (سوالف الهامور) يكتب عبدالله خلفان الهامور "النصيحة بجمل"، وفي زاوية (ترحال الكلام) كتب الدكتور محمد الجويلي "خيبة العقر"، وأما مقال عائشة مصبح العاجل فحمل عنوان "التمسك بالتراث: طريق العودة"، وسلط خليل السعداني الضوء على بعض نموذجان للهبات: "البوتلاتش.. والكولا"، وزارت عبير يونس "قصر الحصن" في أبوظبي، وأما المهندسة وفاء داغستاني فكتبت عن "الفن البيزنطي"، وجالت سارة إبراهيم في "برج المقطع.. بوابة الدخول لجزيرة ابوظبي تاريخيا"، وحاور بكر المحاسنة "حلاوة اليماحي.. طبيبة الوسم والخلطات الشعبية"، ونوّه الحسام محيي الدين إلى "أهمية التدوين في التراث العربي"، وسافرت بنا غنوة عباس إلى مدينة أسوان المصرية وأطلعتنا على أهم معالمها الأثرية، ونعود مجدداً لسارة إبراهيم واستعراض لـ "فنون الآداء العالمية"، ومن قصص التراث العربي، تحكي لنا شهرزاد العربي قصة "طائر النار"، وفي زاوية (نافذة) نقرا استطلاع اريام شوي روي حول "مهرجان تشينغ مينغ" الذي ترجمته ابتهاج ماو يوي شين، وراجعه جمال بن علي آل سرحان. 

يُذكر أن "مراود" هي مجلة معنية بالتراث الإماراتي والعربي والعالمي، ويرأس تحريرها الدكتور عبد العزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث، ومستشار التحرير ماجد بوشليبي، رئيس جمعية المكتبات والمعلومات، بمعهد الشارقة للتراث، ومدير التحرير الدكتور منَي بونعامة، مدير إدارة المحتوي والنشر بمعهد الشارقة للتراث، ويتكون مجلس التحرير من: على العبدان، وعتيج القبيسي، وعائشة الشامسي، وسارة إبراهيم، وسكرتير التحرير أحمد الشناوي، كما تضم هيئة التحرير منير حمود وبسام الفحل للإخراج الفني والمراجعة اللغوية، وتصدر المجلة شهريا عن معهد الشارقة للتراث.