العائلة الحاكمة في الكويت تظهر تماسكا في مواجهة المعارضة
الكويت - ضمت الحكومة الكويتية الجديدة أكبر عدد من أعضاء الأسرة الحاكمة، في مسعى لإظهار وحدتها وإعادة تأكيد سلطتها في وقت تتصارع فيه مع برلمان تسيطر عليه المعارضة، بينما عززت تركيبة مجلس الأمة الجديد مخاوف من عودة البلد النفطي الغني إلى مربع الأزمات السياسية.
ويضم مجلس الوزراء الذي شكله نجل أمير الكويت رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح الأحد بعد ثالث انتخابات برلمانية في عامين ونصف العام خمسة من أعضاء الأسرة الحاكمة وهو عدد يفوق الحكومات الأخيرة.
كما شهدت الحكومة الجديدة عودة نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح بعد أن ترك الحكومة قبل 12 عاما وسط اتهامات بإساءة استخدام السلطة والفساد، لكنه ينفي ارتكاب أي مخالفات.
وكان الشيخ أحمد قد دخل في منافسة مريرة مع رئيس الوزراء السابق والعضو البارز بالعائلة الحاكمة الشيخ ناصر المحمد الصباح.
وقالت كورتني فرير، الزميلة بجامعة إيموري بالولايات المتحدة، إن الأسرة تحاول فيما يبدو إعادة تأكيد سلطتها، مضيفة أن عودة الشيخ أحمد إلى مجلس الوزراء قد تكون إشارة إلى جبهة موحدة تحمل رسالة مفادها أنه قريب من رئيس الوزراء.
وتابعت "قد يشير ذلك أيضا إلى خسارة محتملة لمنافسه السياسي ناصر المحمد ومجموعته"، لكنها أوضحت أن كل هذا قد يتغير اعتمادا على شكل العلاقة بين الشيخ أحمد والبرلمان.
وأدانت محكمة جنائية سويسرية الشيخ أحمد وهو أيضا وسيط قوي في الرياضة الدولية بالتزوير في محاكمة عام 2021. واتُهم باستغلال مؤامرة انقلاب وهمية بالكويت لاكتساب ميزة على حساب الشيخ ناصر ورئيس البرلمان السابق جاسم الخرافي. وقد استأنف الحكم. وجرت محاكمته رغم اعتذاره علنا عام 2015.
وأدت القضية إلى انقسام العائلة الحاكمة ودفعت الشيخ أحمد إلى التخلي عن بعض أدواره الرياضية العامة مثل عضوية اللجنة الأولمبية الدولية.
وقال بدر السيف أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت إن الشيخ أحمد شخص مثير للاستقطاب وكان جزءا لا يتجزأ من السياسة الكويتية على مدى العقدين الماضيين سواء كان في الحكومة أم لا.
وأضاف أن "المسؤولية تقع على عاتق الحكومة، خاصة مع سكان منهكين وبرلمان يدعم فيه العديد من الأعضاء رئيس الوزراء والفهد (الشيخ أحمد)"، مردفا أن شهر العسل قد يكون قصير الأجل لأن الشيخ أحمد سيكون في دائرة الضوء وفي وزارة حساسة.
وطالت وزارة الدفاع فضائح تشمل إصدار أمر لشراء طائرات عسكرية من إيرباص وهي قضية يحقق فيها البرلمان.
وللولايات المتحدة وجود عسكري كبير في الكويت حليفتها الوثيقة التي لها حدود مع العراق وتقع بالقرب من إيران في الطرف الشمالي للخليج. وتستخدم واشنطن القواعد هناك كمراكز انطلاق وأماكن للتدريب وتقديم الدعم اللوجيستي للعمليات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وحافظت المعارضة الكويتية على مواقعها في الانتخابات التي أُجريت هذا الشهر لكن عددا كبيرا من النواب المحايدين قد يجعلون ميزان القوة يميل الآن باتجاه حكومة ملتزمة بالإصلاح.
ويتمتع البرلمان بصلاحيات كبيرة مقارنة بباقي دول الخليج، منها الحق في إقرار القوانين ورفضها واستجواب الوزراء وتقديم اقتراحات بحجب الثقة.
وشهدت الكويت أزمات متتالية بسبب الصراع بين الحكومة والبرلمانات المتعاقبة، الأمر الذي أعاق الإصلاحات الاقتصادية والمالية، بما في ذلك إقرار قانون للدَين العام من شأنه أن يسمح للكويت بالاستفادة من الأسواق العالمية ومعالجة الاعتماد الكبير على النفط.
ويؤيد العديد من النواب في البرلمان الجديد رئيس الوزراء والشيخ أحمد الذي يرى خبراء أن تعيينه يمنح المعارضة قوة إضافية.
وقال أحمد الديين، عضو الحركة التقدمية الكويتية (يسار)، إن عودة أحمد الفهد وهو أحد أبرز مراكز النفوذ المتنافسة داخل الأسرة لتولي منصب وزاري رئيسي في الحكومة قد تكون مؤشرا على أزمة مقبلة، خصوصا إن لم تتم هذه العودة ضمن تفاهمات وتسويات داخلية، وهذا يرجح استمرار أو تصاعد حالة عدم الاستقرار.
وقال النائب البارز مرزوق الغانم وهو رئيس سابق للبرلمان وحليف للشيخ ناصر أمام المجلس الثلاثاء إن تعيين الشيخ أحمد غير دستوري نظرا لإدانته.
وأكد السيف أن التنافس في الأسرة الحاكمة صار واضحا في الحكم والحياة العامة في الكويت الحديثة.
وأضاف أن وضع ترتيب للخلافة، كما هو الحال في دول الخليج الأخرى، هو أضمن وسيلة لكبح المنافسات الأسرية. وأوضح أن ذلك يتطلب تعديلا دستوريا الكويت بعيدة عنه، أو إشارة عامة جلية للكيفية التي ينبغي أن يكون عليها تسلسل الخلافة للجيل القادم، مردفا "دون ذلك يمكن توقع المزيد من التنافس داخل العائلة الحاكمة".
وفي سياق متصل قرر مكتب البرلمان الكويتي الخميس إنهاء عقود المستشارين غير الكويتيين العاملين بالأمانة العامة في المجلس والاستعانة بمستشارين كويتيين، كما وافق على تعيين خالد بوصليب أمينا عاما للمجلس، وفق وكالة الأنباء الكويتية.