تعاون القضاء الأوروبي مع اللبناني يعيد ملف رياض سلامة إلى الواجهة

لبنان يحصل على حسابات رياض سلامة المصرفية ورفاقه الموزعة في مصارف أوروبا بالتزامن مع تعيين قاضي جديد لاستئناف التحقيقيات التي عرقلتها التجاذبات القضائية.

بيروت - أكدت مصادر مطلعة أن القضاء اللبناني حصل على حسابات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المصرفية الموزعة في مصارف أوروبا، بعد موافقة القضاء السويسري على المطالب القضائية اللبنانية، بالتزامن مع تعيين القاضي بلال حلاوي، خلفًا لقاضي التحقيق الأول شربل أبو سمرا، المسؤول عن متابعة القضية.

كما وافق القضاء الفرنسي على التعاون مع القضاء اللبناني في قضية سلامة، وتقديم نسخة عن التحقيقات الفرنسية التي أجرتها القاضية أود بوروسي مع المساعدة المصرفية ماريان الحويك داخل المحكمة الفرنسية خلال جلسة استجوابها. بعد أن تمكن منذ أشهر من الحصول على نسخة من محضر جلسة استجواب المصرفي مروان خيرالدين في فرنسا.

ووفق هذه التطورات بات بيد القضاء اللبناني مستندات تضم معلومات تفصيلية من القضاء الأوروبي حول الأسماء الرئيسية في قضية سلامة، ما يعني أن الملف عاد إلى الواجهة مجددا.

وتسلَّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تقريراً مفصّلاً من هيئة التحقيق في مصرف لبنان، تضمَّن كامل حسابات الحاكم السابق في لبنان وقيمة كل منها. بالإضافة إلى رجا سلامة ومقربين منهما في المصارف السويسرية، على أن تُضمّ هذه الوثائق إلى الملف اللبناني، ويبدأ التحقيق فيها قريباً لتبيان مصادر هذه الحسابات، وما إذا كان لها علاقة بعمليات تبييض الأموال.

وكلف النائب العام التمييزي ثلاث جهات قضائية التحقيق بكيفية صرف ما يقارب 111 مليون دولار من أموال البنك المركزي غير محدَّدة وجهة صرفها.

ويتم استئناف التحقيق في الملف الذي يلاحَق فيه رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، بجرائم “الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي”، إثر قرار تكليف بلال حلاوي بمهام قاضي التحقيق الأول في بيروت “بإمكانه استئناف التحقيق فور تبلغه قرار تكليفه وتسلمه مهامه الجديدة، باعتبار أن دعوى المخاصمة محصورة بشخص القاضي أبو سمرا وأدائه، وليس بدائرة التحقيق”.

ولفتت المعلومات إلى أنّ تكليف حلاوة كان قد لاقى اعتراضًا من قبل بعض قضاة التحقيق الطامحين بالتكليف، علمًا أنّ معظم الملفات القضائية الدقيقة مُجمّدة راهنًا.

وعلّقت مصادر حقوقية على الوضع الذي وصل إليه ملف سلامة ورفاقه بالقول إنّ المستفيد الأول من حرب غزة هو حاكم المركزي السابق رياض سلامة، الذي يبدو أن الحظ أيضا صب في مصلحته.

واليوم بعد تكليف قاضي تحقيق جديد فهو بانتظار جواب الهيئة الاتهامية التي تجاوزت طلبات ردها الخمس مرات، وذلك بعد استئناف قرارها بترك رياض سلامة. وعلق محامي على موقع إكس:

وقالت مصادر قضائية مطلعة إنّ صلب المشكلة ستبقى البَت أو إمكانية البت في طلبات التنحّي والرد ومخاصمة القضاة التي تقدّمَ بها محامو سلامة ورفاقه بحق الهيئة الاتهامية برئاسة القاضي ماهر شعيتو، والتي رَمت الكرة في ملعب الهيئة العامة غير المكتملة للنظر في طلبات الرد والتنحي ومخاصمة القضاة.

وساهمت التجاذبات القضائية في تعطيل التحقيقات وفقد اللبنانيون الأمل بمحاسبة المسؤولين المتنفذين، حيث سبق أن رفض القاضي أبو سمرا طلبا للوفود الأوروبية للحصول على إذنٍ للدخول إلى مصرف لبنان المركزي والتدقيق في بعض الحسابات، مؤكدة أن سلامة يملك العديد من الحسابات المصرفية بأسماء وهمية، لكن القاضي اعتبر هذا الطلب "تعديًا واضحًا على سيادة لبنان".

كما تقدمت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر بدعوى أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، طعناً بتصرفات قاضي التحقيق الأول أبو سمرا، على أثر جلسة التحقيق التي عقدها الأخير في 2 أغسطس آب الماضي، وقرر فيها ترك الحاكم السابق رهن التحقيق بانتظار استكمال استجوابه.

وأثارت هذه الدعوى الكثير من الجدل لأن رئيسة هيئة القضايا التي تمثل الدولة اللبنانية وسبق لها أن ادعت باسم الدولة على سلامة ورفاقه بجرائم "الاختلاس والتزوير وتبييض الأموال"، هي نفسها ادعت على الدولة اللبنانية أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز المعطلة منذ سنة ونصف سنة، جراء إحالة أكثر من نصف أعضائها على التقاعد، وحالت الخلافات السياسية دون صدور مرسوم تعيين بدلاء عنهم، ما تسبب في تعطيل الملف القضائي اللبناني لسلامة لعدة أشهر.