'خيال صحرا' تقف على خط التماس مع الحرب في لبنان

مسرحية جورج خباز وعادل كرم تناقش قضايا الحروب والأديان والنزوح وقلق المصير بأسلوب نقدي ساخر.

بيروت – حققت مسرحية "خيال صحرا" أرقاما غير مسبوقة وتفاعلا جماهيريا استثنائيا في شهر واحد من العروض على خشبة مسرح كازينو لبنان، في انتظار أن تستأنف العروض خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة، حيث ستمتد من 18 ديسمبر/كانون الأول 2024 الى غاية 19 يناير/كانون الثاني 2025 استجابة لمطالبات من جمهور المسرح بعروض إضافية وبعد نفاد التذاكر.

بـ" ممنوع التصوير" انطلقت جميع عروض المسرحية في ظرف سياسي متوتر بلبنان، وعلى مدى 80 دقيقة تناول العمل موضوعات عديدة خلال فترة الحرب السبعينات المدمرة والتي لا تزال آثارها راسخة الى حد اليوم.

وبقالب نقدي ساخر للأديان والأحزاب قدّم بطلا العمل الكاتب والمخرج والممثل جورج خباز والفنان عادل كرم دور مسلّحين ليقدّما مشهدية بيروت المدمّرة وتطرقا لقضايا النزوح والضحايا وقلق المصير كذلك فقدان الأمل والانكسارات، حيث مثّلا ورقصا وغنيا بأسلوب يبرز خبرة الثنائي وقدرتهما على المسك بزمام الأمور على خشبة المسرح دون مبالغة.

يجلس المسلحان كل على كرسيه الجلدي المحاط بالرمل يحرسان خط التماس لمنطقتهما ويتبادلان الحديث بينهما طويلا حول المسلمين والمسحيين بالكلام والسلاح، ويستغلّ المخرج فكرة النزاع في مشاهد تجمع بين الضحك والبكاء وتسلّط الضوء على الاختلاف الوهمي بين الشخصيتين فكل منهما يسخر من حياة الآخر ويعتبر نفسه صاحب سلطة أقوى في البلاد. كما تطرّقت" خيال صحرا" الى أهمية الحب والعائلة، إذ يهرب المقاتلان من منزلهما والمجتمع بحثا عمّن يقدّرهما ويشجعهما.

ابداع كل من الخباز وكرم في المسرحية والرقص على أنغام الحروب والانقسامات وفوضى الحلول، الى حدّة الخطاب والآخر الذي هو عدو، طبع مشاعر الانبهار لدى الجماهير التي حضرت العرض، بكل التفاصيل فيه من النص الى الأدوات والاكسسوارات التي استعملت لتذكّر المتفرّج بالحقبة التي دارت فيها الأحداث.

ويعود خباز بعد أعوام من الغياب القسري عمله المسرحي بأسلوب مختلف ، وقد اعتاد منذ عام 2005 اعتاد على تقديم عمل مسرحي جديد سنويا تجتمع فيه الكوميديا بالأسلوب الساخر والموسيقى والغناء، وله اليوم أكثر من 20 عملاً على خشبة المسرح، ورغم أزمات لبنان المتعددة منها الأمنية والاقتصادية والسياسية فقد ظل حاضراً.

ويقول جورج خباز أنه كتب المسرحية بين 2019 و 2020 ثم أعاد كتابتها حيث دارت الكثير من الأحداث السياسية في المنطقة و لبنان بشكل خاص. وعن اختياره لعادل كرم لمشاركته بطول العمل المسرحي، يقول في تصريح لمنصة "بلنكس" اللبنانية أن الاختيار "نابع من معرفة بقدرات كرم على خشبة المسرح حيث رآه الأنسب للدور وذلك بمعزل عن الصداقة التي تربطهما وكان قدّم مجهودا كبيرا بهذه المسرحية وأول مرة يقدم عملا بشروط المسرح المكتملة."

ويضيف أن "العمل يجمع بين العديد من الأنواع المسرحية فنجد الكلاسيكي والعبثي والكوميدي وكذلك الحقيقي والواقعي الذي يوثق لمرحلة مازال الشعب العربي واللبناني يعيش تداعياتها.