هوكستين يدعو من بيروت لفك الارتباط بين غزة ولبنان

مصادر إسرائيلية وأميركية تؤكد أن نتنياهو طلب المشاركة في جهود منع تسليح حزب الله وبحرية عمل الطيران الاسرائيلي في المجال الجوي اللبناني ضمن شروط وقف الحرب على لبنان.
حراك دبلوماسي أميركي لوقف حرب لبنان
إسرائيل تقدم شروطا قاسية لوقف الحرب على لبنان
رئيس الشاباك في القاهرة لمناقشة صفقة الرهائن الاسرائيليين
هوكستين يؤكد أن بلاده تريد إنهاء النزاع بشكل دائم وفي أقرب وقت ممكن بين حزب الله وإسرائيل

واشنطن/القاهرة - كشف الموفد الأميركي آموس هوكستين الاثنين أن واشنطن تريد إنهاء النزاع بين إسرائيل وحزب الله "في أسرع وقت" داعيا الى فك الارتباط بين قطاع غزة ولبنان.
وبينما يجري هوكستين محادثات في بيروت، يستعد وزير الخارجية أنتوني بلينكن للتوجه الى الشرق الأوسط مجددا سعيا لوقف إطلاق نار في الحرب المتواصلة منذ عام بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة عقب مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار.
وقال بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري المكلّف من حزب الله التفاوض باسمه، لصحافيين "إن ربط مستقبل لبنان بصراعات أخرى في المنطقة لم يكن وليس في مصلحة الشعب اللبناني"، مضيفا أن بلاده تريد "إنهاء النزاع بشكل دائم وفي أقرب وقت ممكن" بين حزب الله وإسرائيل.

وفتح حزب الله المدعوم من ايران جبهة "إسناد" لغزة منذ اندلاع الحرب في القطاع بين إسرائيل وحماس في تشرين الأول/أكتوبر 2023. وبعد عام من تبادل القصف عبر الحدود، تحوّل النزاع الى مواجهة مفتوحة مع تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية اعتبارا من 23 أيلول/سبتمبر. ولطالما رفض حزب الله وقف النار عبر الحدود اللبنانية قبل وقف الحرب في قطاع غزة.

من جهة أخرى، قال المبعوث الأميركي إن الالتزام العلني بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي أنهى حرب العام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، "ليس كافيا" لوضع حد للنزاع الراهن، بعدما لم يفعل أي طرف شيئا لتطبيقه خلال السنوات الماضية..

وتأتي هذه التطورات بينما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار، توجه الأحد إلى القاهرة، لعقد اجتماع تمهيدي مع رئيس المخابرات المصرية الجديد حسن رشاد، بهدف دفع المفاوضات والمضي قدما في المناقشات بشأن صفقة بعد اغتيال زعيم حماس يحيى السنوار.

ومن المرجح أن يدفع هوكستين باتجاه الهدوء بعد عام من القتال تخلله اغتيال إسرائيل لقادة من حزب الله في لبنان ومن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة، بينما شددت الولايات المتحدة على أنها ستظهر دعمها الراسخ لإسرائيل رغم ارتفاع أعداد القتلى.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الجيش الأميركي سارع إلى نشر نظامه المتقدم المضاد للصواريخ في إسرائيل، مضيفا أنه "في مواقعه الآن".

ورفض المبعوث الأميركي ذكر ما إذا كان نظام الدفاع الصاروخي (ثاد) جاهزا للعمل، لكنه قال "لدينا القدرة على تشغيله بسرعة كبيرة ونحن نسير على نفس النهج الذي نطمح إليه".

ومن المقرر أن يلتقي هوكستين رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم الاثنين.

وقال بري لقناة العربية في مطلع الأسبوع إن زيارة هوكستين هي "الفرصة الأخيرة" للتوصل إلى هدنة قبل الانتخابات الأميركية، مضيفا أنه سيرفض أي تعديلات على قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي أنهى آخر صراع دموي بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006.

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006. وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.

وقدمت إسرائيل للولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة تتضمن شروطها للتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان، وفق ما ذكر موقع أكسيوس نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين فيما وصفت تلك الشروط بالتعجيزية كونها تنتهك بشكل كبير السيادة اللبنانية.

ونقل أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي أن إسرائيل طالبت السماح لقواتها المسلحة بالمشاركة في "تنفيذ فعال" لضمان عدم إعادة تسليح جماعة حزب الله وعدم إعادة بنيته التحتية العسكرية بالقرب من الحدود، مضيفا أن الدولة العبرية طالبت أيضا بحرية عمل قواتها الجوية في المجال الجوي اللبناني.

وقال مسؤول أميركي لأكسيوس إنه من غير المرجح بشكل كبير أن يوافق لبنان والمجتمع الدولي على شروط إسرائيل. وأضاف التقرير أن آموس هوكستين مبعوث الرئيس الأميركي سيزور بيروت اليوم لبحث إمكانية إيجاد حل دبلوماسي للصراع.

من غير المرجح أن يوافق لبنان والمجتمع الدولي على شروط إسرائيل

واستهدفت إسرائيل الليلة الماضية مقار ومواقع في بيروت وجنوب لبنان وسهل البقاع قالت إن حزب الله يستخدمها لتخزين الأموال اللازمة لتمويل عملياته العسكرية. وفرت مئات الأسر من منازلها القريبة من المواقع المستهدفة قبل الغارات، ولم ترد أنباء عن وقوع خسائر بشرية.

وقاوم حزب الله نزع سلاحه مستندا إلى ضرورة الدفاع عن لبنان في مواجهة إسرائيل. ومنذ العام الماضي، يستخدم مقاتلوه الشريط الحدودي كقاعدة لتبادل إطلاق النار بشكل يومي تقريبا مع الدولة العبرية تضامنا مع حماس في غزة.

واعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 1701 بعد الحرب السابقة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006 لكن لطالما انتهكه الطرفان. وأجاز القرار إنشاء قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان (اليونيفيل) بهدف مساعدة الجيش اللبناني في إبقاء المنطقة الواقعة جنوبي النهر خالية من الأسلحة والمسلحين باستثناء ما يتبع الدولة اللبنانية.

وتشكو إسرائيل من أن القوتين، الجيش اللبناني واليونيفيل، لم تتمكنا قط من انتزاع السيطرة على المنطقة من حزب الله الذي ينظر إليه منذ زمن طويل على أنه القوة العسكرية الأشد بأسا في لبنان.

وترى الدولة العبرية أنها نجحت بشكل كبير في الحد من القدرات العسكرية لحزب الله واغتيال أبرز قادته خاصة الأمين العام حسن نصرالله في غارة استهدفت الضاحية الجنوبية.

ويؤكد متابعون للشأن الإسرائيلي أن القادة الإسرائيليين يسعون إلى اقتناص مكاسب استراتيجية تتجاوز الانتصارات العسكرية لإعادة تشكيل الساحة الإقليمية لصالح الدولة العبرية وحماية حدودها من أي هجمات في المستقبل.

وتسارع إسرائيل إلى إلحاق أقصى ضرر بحركة حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان وانتهاز اللحظة لإنشاء مناطق عازلة بحكم الأمر الواقع في محاولة لرسم واقع لا رجعة عنه قبل تولي رئيس أميركي جديد السلطة في يناير/كانون الثاني.

وكان دبلوماسيون غربيون ومسؤولون لبنانيون وإسرائيليون ومصادر إقليمية أخرى أكدوا أن إسرائيل تريد بتكثيف عملياتها العسكرية على حزب الله وحماس ألا يعيد أعداؤها، وراعيتهم الرئيسية إيران، تنظيم صفوفهم ليهددوا الإسرائيليين مرة أخرى.

وقبل النظر في أي اتفاقات لوقف إطلاق النار، تحث إسرائيل الخطى في حملتها العسكرية لإبعاد حزب الله عن حدودها الشمالية، كما تتوغل في مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في غزة في مسعى يخشى الفلسطينيون ووكالات للأمم المتحدة أن يكون محاولة لعزل شمال غزة عن بقية القطاع.

وتعتزم إسرائيل أيضا الرد على هجوم بوابل من الصواريخ الباليستية نفذته إيران في الأول من أكتوبر/تشرين الأول وكان ثاني هجوم إيراني مباشر على إسرائيل في ستة أشهر.

ويعتقد أن بنيامين نتنياهو المنتشي بالنصر بعد سلسلة الاغتيالات والتي طالت زعيم حركة حماس يحيى السنوار سيعمل على تحقيق انتصارات إستراتيجية لدعم موقفه السياسي بعد اخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي المقابل يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي معضلة حقيقية تتمثل في عدم قدرته على إعادة الرهائن في قطاع غزة وإعادة النازحين من مستوطنات وبلدات شمال إسرائيل.

واندلعت المواجهات بين إسرائيل وحزب الله قبل عام عندما بدأت الجماعة اللبنانية إطلاق الصواريخ دعما لحركة حماس في قطاع غزة.

وشنت إسرائيل في بداية أكتوبر/تشرين الأول عملية برية داخل لبنان في هجوم قالت إنه يهدف إلى إعادة مواطنيها الذين نزحوا من المناطق الشمالية جراء الهجمات الصاروخية.

كما اغتالت شخصيات كبيرة في حزب الله، على رأسها الأمين العام حسن نصرالله الذي قتلته في غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وسعت الولايات المتحدة وقوى إقليمية على مدى عام للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة دون نتائج، الأمر الذي جعل مسؤولين لبنانيين والعديد من الدبلوماسيين متشككين في فرص التوصل إلى هدنة في لبنان.

وكثفت إسرائيل حملتها العسكرية في غزة ولبنان بعد أيام من مقتل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس. وأحيا موت السنوار الآمال في فرصة لإجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار بهدف إنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من عام.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، يقول مسؤولون ودبلوماسيون ومصادر أخرى في المنطقة إن إسرائيل تسعى من خلال العمليات العسكرية إلى محاولة حماية حدودها وضمان عدم قدرة خصومها على إعادة تجميع صفوفهم.