شخصيات ثقافية تستنجد باليونسكو لحماية آثار لبنان

علماء آثار وفنانون يوجهون رسالة إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة لحثّها على اتخاذ تدابير معززة وفرض عقوبات لضمان حماية التراث اللبناني.

بيروت - دعت ثلاثمائة شخصية معروفة في المجال الثقافي من بينها علماء آثار وفنانون الأحد، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، إلى ضمان حماية التراث اللبناني، خصوصا في بعلبك عشية اجتماع مخصّص لمناقشة هذه المسألة في مقر المنظمة في باريس.

ويضمّ لبنان ستة مواقع مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، بما فيها آثار رومانية في مدينتي بعلبك وصور اللتين تتعرضان لغارات اسرائيلية كثيفة ألحقت اضرارا بمحيط المواقع التاريخية.

وكان محافظ بعلبك بشير خضر أكد أن غارة "وقعت على بعد حوالي 500 إلى 700 متر من القلعة، ولم تكن في القلعة أو في حرمها".

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أعلنت اليونيسكو عقد اجتماع طارئ الإثنين في مقرّها في باريس ينظر في أمر 34 موقعا أثريا. وقالت المنظمة "بناء على طلب السلطات اللبنانية، تعقد في 18 نوفمبر/تشرين الثاني جلسة طارئة للجنة حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح".

وأُرسلت الرسالة التي وقع عليها ثلاثمائة شخصية ثقافية، إلى المديرة العامة لليونيسكو أودري أزولاي لحثّها على "تخصيص جميع الموارد المتاحة" بما في ذلك "اتخاذ تدابير معززة وإذا لزم الأمر فرض عقوبات" من أجل حماية "هذه الكنوز التي لا يمكن تعويضها".

وعبّر الموقعون عن "التزامهم المشترك بحماية التراث الثقافي للبنان ومواقعه المصنّفة وخاصة مدينة بعلبك وموقعها المدرج على قائمة التراث العالمي لليونيسكو"، مؤكّدين أنّ "تراث لبنان بأسره مهدد اليوم بفعل هجمات متكررة على مدن قديمة مثل بعلبك وصور وعنجر جميعها مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو".

ودعت الرسالة "جميع الأطراف المعنية في النزاع في الشرق الأوسط، سواء أكانت دولا أو قوى غير حكومية أو منظمات دولية" إلى "ضرورة التحرّك لإنقاذ مدينة بعلبك ومجمعها الأثري الذي يعد جزءا لا يتجزّأ من التراث العالمي للإنسانية".

وأشارت منظمة "تشينج ليبانون" غير الحكومية التي كانت وراء هذه المبادرة، إلى أنّها قامت بحشد أمناء متاحف ومتخصصين في التراث وباحثين وعلماء آثار وكتّاب وفنّانين من فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات عنيفة على حي الآثار بمدينة صور الذي يُعد وجهة سياحية مهمة، حيث يضم مواقع أثرية بارزة تعود للحضارتين الفينيقية والرومانية.
وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن إصابة 4 أشخاص، وأثارت قلقا على آثار هذا الحي التاريخي.
وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ألحقت غارات إسرائيلية على قضاء بعلبك أضرارا بمواقع أثرية، بينها "قبة دوريس" الواقعة في بلدة دوريس.
ويعود تاريخ بناء هذه القبة إلى العصر الأيوبي في القرن الثالث عشر الميلادي؛ حيث تم تشييدها باستخدام مواد منقولة من الآثار الرومانية القديمة، ما يضفي عليها قيمة تاريخية مزدوجة.
إذ تضررت أعمدة هذا المبنى التاريخي، وبدأت الحجارة تتساقط منه تحت وطأة الغارات الإسرائيلية الضارية.
وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول، تصاعدت سُحب الدخان جرّاء قصف إسرائيلي خلف الأعمدة الرومانية الأثرية بقلعة بعلبك المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي منذ 1984.
وحينها، حذّر محافظ بعلبك الهرمل بشير الخضر في تصريحات صحفية أنه قد يكون لغارات مماثلة أثر سلبي على القلعة، سواء من الدخان الأسود الذي يؤثر على الحجارة أو من قوة الانفجار الذي قد تؤثر ارتجاجاته على الموقع.
فيما أكدت اليونيسكو عبر بيان، أنها تتابع عن كثب تأثير الأزمة الجارية في لبنان على مواقع التراث الثقافي، بما في ذلك مواقع التراث العالمي.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان بينها حزب الله بدأت غداة شن إسرائيل حربا على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 146 ألف فلسطيني، وسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي نطاق الحرب لتشمل معظم مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان على لبنان إجمالا عن 3 آلاف و102 قتيل و13 ألفا و819 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر/أيلول الماضي، وفق رصد الأناضول لأحدث البيانات الرسمية اللبنانية المعلنة حتى مساء الخميس.