لن يمر بردا وسلاما على طهران
الحقيقة التي يجب أن لا ننساها هي أن السقوط الذي جرى لنظام بشار الاسد في الثامن من الشهر الجاري، كان يجب أن يكون في عام 2011، لولا التدخل المكشوف للنظام الايراني ومساعيه واسعة النطاق التي قام بها من أجل ذلك حيث وصلت الى حد إنه قد قام بصرف ما بين 30 الى 50 مليار دولار من أجل ضمان عدم سقوط الاسد.
من الواضح جدا بأن النظام الايراني لم يبذل كل تلك المساع المحمومة حبا بالأسد ونظامه، وإنما كان لتيقنه من إن سقوط الاسد يعني فتح ثغرة في الجدار الامني الذي شيده في بلدان المنطقة من أجل ضمان أمنه وتأكيده بأنه ومن خلال هذا الجدار يقوم بمقاتلة أعدائه في شوارع دمشق وبيروت وبغداد بدلا من مقاتلتهم في طهران وأصفهان وشيراز. لكنه اليوم وبعد سقوط نظام الاسد، يقف أمام أكثر من تحد وتهديد.
التحدي والتهديد الآني الاهم اللذان يحدقان بالنظام الايراني واللذان عليه مواجهتهما أو على الاقل التقليل من دورهما وتأثيرهما، يكمنان في طمأنة وكلائه في بلدان المنطقة بعد الذي جرى لحركة حماس وحزب الله ونظام الاسد، إذ لم يتمكن فعليا من أن يكون بمستوى المواقف النظرية التي كان يعلن عنها من حيث وقوفه الى جانب حلفائه ووكلائه.
ليس بمستبعد، بل وحتى من الممكن جدا أن تكون هناك حالة من الوجوم في العراق واليمن حيث آخرا عنقود الوكالة للنظام الايراني، ولاسيما وإن العراق الذي أصبح الحاضن الرئيسي لعبء العمل والتعاون والتنسيق فيما يخص وكلاء النظام الايراني، يشهد هو الآخر بروز إتجاه رافض لجعل العراق قاعدة عمل للنظام الايراني بعد الضربات الاستراتيجية التي تعرض لها في غزة ولبنان ودمشق. والاهم والاخطر من ذلك إن هناك معلومات تؤكد بأن الدور سيأتي على العراق في سياق تحديد وتحجيم الدور الايراني في المنطقة.
حالة الوجوم التي تحدثنا عنها ترافقها مشاعر قلق غير عادية لدى وكلاء النظام الايراني مما يجري في المنطقة ولاسيما وإن الوكلاء، يلاحظون جيدا بأن التحركات السياسية هي التي باتت تطغي على الدور والنشاطات التي يقوم بها النظام الايراني من أجل دعم وتأييد وكلائه بما يؤكد إن النظام يترك أمر المواجهة وتحمل الاعباء للوكلاء فيما يكتفي من جانبه بالتصريحات والمواقف النظرية، وكأنه يريد الإيحاء لمن يعنيه الامر، بأنه -أي النظام الإيراني- لا يرغب بخوض مواجهة من أجل وكلائه بقدر ما يريد أن يضمن أمنه وسلامته.
في كل الاحوال، تبدو العاصفة السوداء التي هبت على النظام الايراني منذ 7 أكتوبر 2023، وعصفت بلبنان وسوريا، سوف تعصف أيضا بأماكن أخرى تهم طهران، ولكن يجب دائما الانتباه الى أن تلاشي دور وتأثير النظام الايراني على بلدان المنطقة، تطور خطير يعني الشعب الايراني كثيرا وحتى يمكن القول بأنه لن يمر بردا وسلاما على النظام.