الفساد يستنزف العراق في غياب وزارة الاقتصاد

رئيس كتلة الآمال النيابية في البرلمان العراقي يقول إن الطبقة السياسية الحالية مرتكزة على سرقة البلاد من خلال عقود واجراءات قانونية،

بغداد - لا يزال العراق البلد الغني بموارده الطبيعية الكبيرة، يواجه تحديات الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة، حيث تقف الحكومات المتعاقبة عاجزة عن معالجة هذه الملفات، في ظل تآكل مؤسسات الدولة وتعطيل عملها أوتغييبها، مما يهدد استقرار العملية السياسية ويفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على حد السواء.

ويصنّف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، حيث يحتل المرتبة 140 عالميا، فيما يأتي في المرتبة الثامنة عربيا حسب مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.

وتشير تقارير دولية الى أن الفساد أصبح سمة أساسية تميز الاقتصاد السياسي في العراق وجزء من المعاملات اليومية، حيث عرقلت المصالح الحزبية والخاصة الاستثمارات الكبرى في البلاد، بينما فشلت الطبقة السياسية والنظام العراقي في وضع المصلحة الوطنية ضمن أولوياتها.

ويكافح العراق منذ عقود من أجل البحث عن حلول تساعد في تحفيز القطاع المالي للخروج من أزمة اقتصادية يمر بها، فيما يطرح غياب وزارة الاقتصاد في بغداد حجم التحديات التي تقف عائقا أمام تفاقم الفساد المالي والادراي منذ عقود. 

ونقلت وكالة شفق نيوز المحلية عن رئيس كتلة الآمال النيابية ياسر الحسيني تأكيده أن سبب عدم وجود وزارة الاقتصاد في العراق كحال أغلب الدول في المنطقة والعالم، يرتبط بصفقات الفساد التي يقودها سياسيون.

وبحسب الحسيني لا يمكن استحداث هذه الوزارة "لأنها ستطالب بالنهوض بالواقع الاقتصادي وتحسين المستوى المعيشي بالشكل الصحيح والملحوظ"، مضيفا أن "أغلب الطبقة السياسية الحالية مرتكزة على سرقة البلاد من خلال عقود واجراءات قانونية".

وتابع "لذلك من غير الممكن ان يؤسسوا لما ينغص عليهم ربيع عيشهم التعيس"، موضحا "لكن في حال أزيحت هذه الطبقة يمكن التوجه نحو وجود وزارة تكون مشرفة وبشكل حقيقي على كافة المشاريع، ما سيمنع الفساد وسيمنع تلكئ المشاريع أيضا".

ويرجع محللون الفساد الاقتصادي السياسي في العراق إلى تركيبة النظام فيه والتي تعتمد المحاصصة الحزبية في تشكيل الحكومات، حيث تحولت الوزارات ومؤسسات الدولة الى مصادر ريعية لها.

ومنذ الغزو الأميركي في 2003 الذي أدى الى انهيار الدولة ومؤسساتها، وجد النظام مناخا مهيئا لسلك ممارسات فاسدة، مستغلا غياب الرقابة الفاعلة لترسيخ نفسه في السلطة، إذ تشير عديد التقارير الى تورّط شخصيات سياسية ومسؤولين في الدولة في عمليات اختلاس ورشوة.

وفي عام 2023، حجزت السلطات العراقية الأملاك المنقولة وغير المنقولة لوزير النفط السابق إحسان عبدالجبار، على خلفية قضية تتعلق باستغلال منصبه وتلقي رشى من عدد من المستثمرين الذين يرتبطون بعقود مع وزارة النفط".

 واتسعت قائمة الملاحقين في قضية الفساد التي هزت العراق في عام 2022 والمعروفة إعلاميا باسم "سرقة القرن" والمتعلقة بنهب 2.5 مليار دولار من الأمانات الضريبية بمصرف الرافدين الحكومي، إذ أصدر القضاء العراقي بالقبض على مسؤولين سابقين بينهم وزير مال سابق ومقربون من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي (2020-2022). 

وفشلت مؤسسات كثيرة تم احداثها في مبادرات لمكافحة الفساد، بل إنها تسببت بتضارب مهامها في طمس الحقائق، بعد أن تم استخدامها في الكثير من الأحيان لاستهداف المعارضين السياسيين. كما أثبتت هذه المبادرات عجزها على الصمود أمام مسؤولي الحكومة والوزارات الذين يقومون بحماية الأفراد من المساءلة على أساس الانتماء الطائفي والحزبي.