علي شاكر يفتح غرفا 'سماوية'

الكاتب يأخذ القارئ في رحلة على متن طائرة تحمل مغتربا عراقيا من الشرق الأوسط إلى نيوزلندا.

القاهرة - صدر حديثا عن دار الثقافة الجديدة في القاهرة رواية "غرف سماوية" للكاتب العراقي علي شاكر، وفي تتبع مفردة "رواية" على الغلاف وفي داخل الكتاب علامة استفهام في إشارة إلى طبيعة المحتوى الذي يجمع بين الشخصيات الواقعية والأحداث الحقيقية والمتخيلة، الأمر الذي يطرح حوارا مع المتلقي عن الرواية كجنس أدبي، ماهيتها واشتراطاتها.

ويأخذ النص القارئ في رحلة على متن طائرة تحمل مغتربا عراقيا من الشرق الأوسط إلى نيوزلندا، حيث استقر به المقام منذ سنوات، يحاول خلالها الانشغال عن حزنه على وفاة والده المُسن باستكشاف اختيارات الترفيه على الشاشة أمامه، فيعثر على تطبيق حديث يحمل عنوانRooms  أو "غرف" يتيح التفاعل مع شخصيات من خلفيات ومشارب متعددة. النبذة الموجودة عن طبيعة التجربة/المغامرة تخفي أكثر مما تظهر، وتثير فضوله لاستكشاف عالم الغرف المدهش.

يقع النص في فصول، يشير عنوان كل منها إلى صاحب غرفة من غرف التطبيق كالرئيس السابق، كوكب الغناء، إعلامية مرموقة، كاهن مارق، سياسي أميركي يمارس فن الطهي في باريس، امرأة تبوح بتجربتها مع التعلّق والاحتواء، كاتب مجهول الهوية، الخ. الحوار الذي يدور بين زائر الغرفة والمُضيف يتضمّن سردا لتجاربهما ورؤاهما المتوافقة حينا والمتضادّة أحيانا للحياة بمراحلها المختلفة، كما يطرح تساؤلات عن معنى الهوية والزمن والوجود.

وعلي شاكر مهندس معماري ومؤلف عراقي - نيوزلندي، له عدة كتب منشورة باللغتين العربية والإنكليزية. ظهرت نصوصه النثرية ومقالات الرأي والمراجعات في كثير من الصحف والمجلات والمواقع الإخبارية والدوريات الأدبية في العالم العربي، بريطانيا، الولايات المتحدة ونيوزلندا.

مقتطفات من الرواية

"إن بعض الحزن قاسٍ للغاية، مشابه لقيمة سالب ألف أو عشرة آلاف أو مليون، وإنه لا ضحك في الوجود بأكمله قادر على تخفيفه".

........

اللاجئ

"أنا صوت بلا هوية، بلا لهجة. قد أكون عراقيًّا، سوريًّا، فلسطينيًّا، الخ".

- كنت سأسأل عن بلدك، لكن نبرتك تحمل سأم من سرد الحكاية نفسها مئات المرات.

- أنا هنا كي أؤدي مهنتي. قد لا تبدو بضاعتي كسائر البضائع، لكن هناك إقبالًا كبيرًا عليها.

- لا أعرف ما الذي تقصده بالبضاعة، لكن لو شئت أن تحدثني عما مررت به، أنا مستعد لسماعك. لا أحد يستطيع فهم معاناتك أكثر من مهاجر مثلك.

- من قال إني بحاجة إلى من "يفهم معاناتي"؟

- كلنا نحتاج إلى التحدُّث والفضفضة.

صوت تثاؤب...

- كان بوسعي الذهاب إلى غرف ذات عناوين أكثر بهجة. هناك غرفة الطاهي، وغرفة المطربة، لكنني جئتك مباشرة بعد خروجي من الغرفة الأولى لأني خبرتُ وجع الاقتلاع من أرضي. قد تختلف تفاصيل رحلتينا، لكن صدِّقني، بيننا من المشتركات أكثر مما تتخيَّل!

- حقًّا؟

- هل تسخر مني؟

- لا عليك من سخريتي وهيا نبدأ تحضيراتنا، فالوقت يمضي بسرعة! كي نتجاوز عائق الجنسية، لنفترض أني سوري، فقصص اللاجئين السوريين تملأ وسائل الإعلام وصفحات الكتب وشاشات السينما وخشبات المسارح منذ أعوام. أعتقد أن من السهل على مخيلتك رسم ملامح لي، أليس كذلك؟

- أستطيع أن أحاول، لكن ما أدراني أن ما أتخيله مقارب للحقيقة؟

- هل تظنني أعرف ملامحي أصلًا؟

تردَّد ذات السؤال في ذهني قبل ركوبي الطائرة بقليل. كنت مارًّا بجوار لوح زجاجي في صالة الانتظار. تأملت شكل الرجل الظاهر عليه. أمعنت النظر إلى وجهه وعينيه. بدا شبيهًا بوالدي. لم أدر أهو أنا، أم أبي، أم شخص غريب؟