المصالحة بين فرنسا والجزائر تحرك ملف المرحلين
الجزائر – استأنفت الجزائر عملية تسلم جزائريين كانت فرنسا قد أصدرت في حقهم قرارات بمغادرة التراب الفرنسي، وفق ما كشف عنه النائب الفرنسي وعضو مجموعة الصداقة الجزائرية الفرنسية بلخير بلحداد، في خطوة تشير الى تبريد الأزمة بين الجزائر وباريس.
ويأتي هذا التطور بعد ساعات من لقاء وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، توج بالاتفاق على عودة العلاقات الى طبيعتها بين البلدين وطي صفحة الخلافات التي امتدت لأشهر، فيما يرى متابعون أن التكتم عن تفاصيل اللقاء يوحي برغبة الطرفين في تحييد كسر القطيعة عن تأثيرات الخطاب المتطرف في البلدين.
ونقل موقع "فرانس أنفو" الفرنسي عن بلحداد قوله إن الجزائر رحبت بعودة سبعة أفراد خاضعين لالتزام مغادرة الأراضي الفرنسية "أو.كيو.تي.إف" كانت الخدمات القنصلية الجزائرية قد أصدرت تصاريح قنصلية لعدد منهم منذ أسابيع.
وكانت الجزائر قد رفضت في مارس/آذار الماضي عودة ستين جزائريا صدرت في حقهم قرارات بالمغادرة الأراضي الفرنسية، واعتبرتهم السلطات الفرنسية بـ"الخطرين" وخاضعين لقوة المهام المؤقتة، مبررة ذلك بانتهاك الجانب الفرنسي لمبادئ الاتفاقية الثنائية لعام 1994 وغيرها من الآليات الاعتيادية في مثل هذه الإجراءات.
وتزايد الضغوط على الحكومة الفرنسية لتشديد سياسات الهجرة، فيما انعكس هذا الخلاف على السياسات الداخلية في كلا البلدين، فقد دعا وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو إلى مراجعة اتفاقية عام 1968 التي تُسهل على الجزائريين الاستقرار في فرنسا وذلك بعد أن رفضت الجزائر استعادة مواطنيها الذين صدرت لهم أوامر بمغادرة فرنسا بموجب نظام الترحيل.
ومثل اتفاق الهجرة بين الجزائر وفرنسا والذي يمنح المهاجرين الجزائريين عدة امتيازات، احدى أدوات الضغط التي تمتلكها باريس للردّ على تصعيد قابلت به السلطات الجزائرية كافة الدعوات للتهدئة وبدء مباحثات بناءة لترميم العلاقات المتصدعة بين البلدين في الأشهر الماضية.
وأثار هذا الملف انقساما في فرنسا بين شق يدفع باتجاه استخدام كافة أوراق الضغط على الجزائر وشق آخر يدعو إلى التهدئة وطي صفحة التوتر مع شريك تربطه بباريس اتفاقيات تعاون في العديد من القطاعات.
وحسب الموقع الفرنسي، أكّد النائب أن "قضية الكاتب الفرنسي الجزائري الأصل بوعلام صنصال أثيرت ووضعت على الطاولة خلال لقاء الأحد بين وزير الخارجية الفرنسي ونظيره الجزائري أحمد عطاف والرئيس الجزائري"، لافتا الى أن استئناف الحوار قد يساعد على إطلاق سراحه، مضيفا أن "الدبلوماسية هي فن الممكن، وهي السبيل الوحيد لوقف هذا التصعيد. ونحن نحقق ذلك تدريجيًا. وهذه خطوة بالغة الأهمية".
وأدى اعتقال الجزائر لصنصال (80 عاما) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى زيادة العلاقات سوءا. وحُكم على الكاتب نهاية مارس/آذار بالسجن خمس سنوات. ويقول دبلوماسيون إن باريس تأمل في حصوله على عفو رئاسي.
وتلتئم بداية من اليوم الاثنين في باريس اللجنة المختلطة المكلفة بملف التاريخ والذاكرة المشتركة، وفق الأجندة المحددة بين الطرفين. وكان رئيس الوفد الجزائري لحسن زغيدي قد أعلن أنه "ذاهب إلى باريس في إطار اللقاءات الدورية لأعضاء اللجنة المشتركة، وأن الموعد سيتحدد بناء على نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، وسيذهب لأجل تحصيل الأرشيف الوطني وليس لنقاشات أخرى".
وتأثرت العلاقات بين البلدين بذكريات الحرب التي اندلعت بين عامي 1954 و1962، وأدت إلى استقلال الجزائر عن فرنسا. وخلال هذه الحرب، قُتل نحو 400 ألف مدني ومقاتل جزائري، بالإضافة إلى نحو 35 ألف فرنسي، وما يصل إلى 30 ألف مسلم "حركي" كانوا يقاتلون في الجيش الفرنسي ضد الجزائريين.