مخاوف من تكرار سيناريو الساحل مع تصاعد الاشتباكات في مناطق درزية
دمشق – قال رجال إنقاذ ومصادر أمنية إن أكثر من 12 شخصا قتلوا في بلدة أشرفية صحنايا ذات أغلبية درزية قرب العاصمة السورية دمشق ليل الثلاثاء/الأربعاء في اشتباكات اندلعت بسبب تسجيل منسوب لرجل درزي يسب فيه النبي محمد مما أثار غضب مسلحين سنة وموجة تحريض اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مخاوف من تكرار سيناريو الساحل.
ودخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء، على خط الأزمة قائلا في بيان مشترك مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الجيش الإسرائيلي نفذ ضربة تحذيرية ضد "متطرفين" كانوا يستعدون لمهاجمة الدروز في بلدة صحنايا السورية. وأضاف البيان "تم نقل رسالة حازمة إلى النظام السوري، إسرائيل تتوقع منهم التحرك لمنع الإضرار بالطائفة الدرزية".
ولاحقا قال مصدر في وزارة الداخلية السورية إن ضربة إسرائيلية على مشارف العاصمة دمشق الأربعاء أسفرت عن مقتل أحد أفراد قوات الأمن السورية.
وأفادت مصادر محلية أن الاشتباكات تزداد حدة بين مقاتلين دروز ومسلحين مجهولين بينما تحاول قوات الأمن التدخل لاحتواء المعارك دون أن تتمكن من ذلك، مع انتشار القناصة على أسطح المنازل فيما السكان محاصرون في بيوتهم دون القدرة على التحرك أو الخروج من المنطقة.
ويطلق سكان المنطقة من كل الطوائف مناشدات للدولة للتدخل لحمايتهم مع عجز قوات الأمن الموجودة فيها، ويتخوفون من هجوم وشيك للمسلحين وارتكاب مجازر ضد المدنيين كما حدث في الساحل.
ومثلت الاشتباكات أحدث حلقة من العنف الطائفي الذي يتسبب في سقوط قتلى بسوريا، حيث تزايدت المخاوف بين الأقليات منذ أن أطاح مقاتلو المعارضة المسلحة بقيادة إسلاميين بالرئيس السابق بشار الأسد من السلطة في ديسمبر/كانون الأول وشكلوا الحكومة وقوات أمنية.
وتصاعدت هذه المخاوف بعد مقتل المئات من العلويين في شهر مارس/آذار، فيما يبدو أنه انتقام لهجوم شنه موالون للأسد، وندد ناشطون على الشبكات الاجتماعي باستمرار التحريض الطائفي تحت أي مبرر أو غاية.
ونقلت سانا عن مصدر في وزارة الصحة قوله إن "استهدافات المجموعات الخارجة عن القانون للمدنيين وقوات الأمن" في منطقة صحنايا أدّت إلى سقوط "11 شهيدا إضافة إلى عدد من الإصابات"
وتأتي هذه الأحداث غداة اشتباكات مماثلة في منطقة جرمانا المجاورة لدمشق أيضا، أسفرت عن مقتل 17 شخصا بحسب حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، هم 8 من المقاتلين الدروز و9 من المسلحين "المهاجمين المرتبطين بالسلطة".
ووقعت اشتباكات جرمانا عقب انتشار تسجيل صوتي نسب الى شخص درزي يتضمن إساءات الى النبي محمد. قالت وزارة الداخلية لاحقا أنه مفبرك.
وعلى الرغم من عودة الهدوء إلى جرمانا عقب توصل ممثلين عن الحكومة السورية ودروز جرمانا ليل الثلاثاء الى اتفاق، اندلعت أعمال العنف من جديد في منطقة صحنايا التي يقطنها أيضا دروز ومسيحيون.
وقال المرصد في وقت سابق إن "شخصين على الأقلّ، بينهما مقاتل درزي، قتلا في الاشتباكات بين مسلحين مرتبطين بالسلطة، ومسلحين دروز من أبناء المنطقة"، مشيرا الى أن ثمة "14 شخصا في عداد المفقودين والجرحى".
وأشار إلى فرض حظر للتجول من قبل قوات الأمن في المنطقة في محاولة لاحتواء التوتر، مضيفا أن "مسؤولين محليين أجروا لقاءات مع وجهاء وأعيان المنطقة لبحث سبل التهدئة".
وقال سامر رفاعة وهو أحد الناشطين في صحنايا بينما دوي القصف حوله يسمع بوضوح عبر الهاتف "لم ننم طيلة الليل.. حاليا تتساقط قذائف هاون على منازلنا".
وأضاف "السلطات غائبة، لا أعرف أين السلطات، نناشدها أن تقوم بدورها … هناك أناس يموتون ولدينا إصابات" من دون إمكان تقديم الإسعافات لهم.
ونصّ الاتفاق المبرم خلال الليل في جرمانا نشرته وكالة سانا لاحقا، على "تعهد بالعمل على محاسبة المتورطين بالهجوم الأخير والعمل على تقديمهم للقضاء العادل"، إضافة الى "توضيح حقيقة ما جرى إعلاميا والحد من التجييش الطائفي والمناطقي".
وبحسب الاتفاق، يتعين على الجهات الحكومية "العمل مباشرة" على تنفيذ كافة بنوده.
وأتى هذا التوتر بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها السلطات الجديدة في سوريا بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة الرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر.
ويتوزّع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، حيث تشكل محافظة السويداء (جنوب) معقلهم الرئيسي.
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تمكن الدروز الى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالاً السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.
ولم يتوصل الدروز الذين ينضوون ضمن مجموعات مسلحة عدة في مناطق تواجدهم الى اتفاق بعد مع السلطات الجديدة للاندماج ضمن قواتها، بعدما أعلن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع حل كل الفصائل المقاتلة.