الملك سلمان يدعو قادة دول الخليج إلى قمة تزامنا مع زيارة ترامب
الرياض - وجه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز دعوة لقادة دول مجلس التعاون لحضور القمة الخليجية الأميركية في العاصمة الرياض، على ما أكده نبيل الحمر المستشار الإعلامي لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة اليوم الخميس، بينما لم تؤكد السعودية الخبر، فيما تأتي هذه الدعوة قبل أيام من الزيارة المقررة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة.
وينتظر أن تعطي المباحثات بين ترامب وقادة الخليج إلى دفعة قوية في العلاقات، خاصة بعد أن أرسل الرئيس الأميركي إشارات تفيد باعتزامه تدشين صفحة جديدة في التعاون والشراكة بين بلاده والدول الخليجية.
وخلال ولايته الأولى بنى ترامب علاقات وثيقة مع دول المنطقة، بما في ذلك السعودية التي تعد من أكبر الاقتصادات في المنطقة وتلعب دورًا محوريًا في استقرار أسواق الطاقة العالمية، بالإضافة إلى كونها لاعبًا رئيسيًا في السياسة الإقليمية والدولية.
ومنذ تولي ترامب منصبه في عام 2017، عملت إدارته على توثيق العلاقات مع الرياض، وهو ما تترجمه هذه الزيارة المرتقبة.
وتشمل جولة ترامب السعودية وقطر والإمارات، بين 13 و16 مايو/أيار، فيما يتوقع أن يصدر خلالها إعلانا وصفه بـ"الكبير". ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤولين أميركيين قولهما إن الرئيس يعتزم اعتماد تسمية "الخليج العربي"، أو "خليج العرب"، بدلاً من "الخليج الفارسي" داخل الولايات المتحدة، في خطوة ينتظر أن تثير غضب إيران التي وصفت الخطة بأنها ذات دوافع سياسية، فيما حذر وزير خارجيتها عباس عراقجي من رد فعل قوي.
وبالنسبة لترامب، تحمل زيارته المرتقبة للخليج الكثير من الفرص الاقتصادية، بالإضافة إلى احتمال توقيع اتفاقيات عسكرية.
ويسعى الرئيس الأميركي إلى عقد صفقات تجارية كبرى مع السعودية الغنية بالنفط والتي استضافت أيضا محادثات أميركية مع روسيا وأوكرانيا، في إطار وساطتها لتسوية الأزمة.
ووعد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتعزيز استثمارات بلاده والعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة بـ600 مليار دولار.
وفي سياق متصل تناقش السعودية والولايات المتحدة اتفاقية للتعاون تتعلق بطموحات المملكة لتطوير صناعة نووية مدنية، وهي محادثات لطالما اصطدمت بتعقيدات السياسة الإقليمية ومخاوف انتشار الأسلحة النووية.
ولا تبدو الرياض مرشحة بقوة لبناء مفاعلات للطاقة النووية، لكنها تستهدف خفض انبعاثات الكربون وتوفير النفط الخام للتصدير في إطار الخطة الاقتصادية لرؤية 2030 التي وضعها الأمير محمد بن سلمان.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية العام الماضي إن 68 بالمئة من الكهرباء في السعودية جرى توليدها بحرق الغاز و32 بالمئة بحرق النفط، مع استخدام 1.4 مليون برميل يوميا من النفط الخام لتوليد الطاقة في شهر يونيو حزيران الذي يشهد ذروة الاستهلاك.
وقد توفر الطاقة الذرية بعضا من الطاقة المستخدمة في مجالات مثل تحلية المياه وتكييف الهواء اللذين يستهلكان كميات كبيرة من الطاقة، مما يسمح للمملكة بجني أموال أكثر من مبيعات النفط.
وأعلنت السعودية أيضا أنه إذا كانت إيران تطور سلاحا نوويا، فيتعين عليها أن تفعل الشيء نفسه، وهو تصريح أريد به فيما يبدو تصعيد الضغط على طهران لكنه أثار في الوقت نفسه مخاوف من طموحاتها.
وأعلنت المملكة في يناير/كانون الثاني، أنها ستخصب اليورانيوم، الذي قد يستخدم أيضا ضمن برنامج عسكري، لإنتاج وقود "الكعكة الصفراء" لتوليد طاقة نووية يمكنها بيعها.
ويرجح أن يتضمن أي اتفاق مع واشنطن ضمانات لازمة لتهدئة المخاوف من وجود طموحات عسكرية، بالإضافة إلى التزام السعودية الحالي بعدم السعي إلى امتلاك قنبلة نووية بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.
وكان التعاون النووي المدني المصحوب بضمانات أمنية حافزا مهما في مساعي جو بايدن، سلف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للتوسط في اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
وقال مصدران إن هاتين المسألتين انفصلتا الآن، لكن التوصل لاتفاق نووي قد يدعم الجهود الدبلوماسية الأمريكية مع المملكة. واستبعدت الرياض تطبيع العلاقات مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية.
وقد يضع التوصل لاتفاق الصناعة الأميركية في موقع متميز للفوز بعقود بناء محطات طاقة نووية سعودية، ويوفر للولايات المتحدة رقابة على البرنامج النووي للمملكة، مما قد يخفف أي مخاوف أميركية تتعلق بانتشار الأسلحة. وبموجب المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأميركي لعام 1954، يجوز للولايات المتحدة التفاوض على اتفاقيات للانخراط في تعاون نووي مدني كبير مع دول أخرى.
ويحدد القانون تسعة معايير لمنع الانتشار يجب على تلك الدول استيفاؤها لمنعها من استخدام التكنولوجيا في تطوير أسلحة نووية أو نقل مواد حساسة إلى آخرين. ويشترط القانون الأميركي إقرار الكونغرس لمثل هذه الاتفاقات.
وفي حال فشلت المحادثات الأميركية السعودية، فهناك عدد من الدول راسخة القدم في مجال الطاقة النوية والتي تبدي اهتمامها بالبرنامج النووي السعودي، أو يُنظر إليهم باعتبارهم شركاء محتملين.
وذكرت تقارير أن المؤسسة الوطنية النووية الصينية المملوكة للدولة قدمت عرضا في عام 2023 لبناء محطة نووية. ووقعت شركة روساتوم النووية الروسية الحكومية التي بنت محطة نووية في مصر، اتفاقيات تعاون أولية مع الرياض. ومن بين المنافسين المحتملين الآخرين كوريا الجنوبية التي أقامت مفاعلات في الإمارات، وفرنسا أيضا منافس محتمل.
ويرجح أن يتوقف اختيار الشريك على العروض التكنولوجية والتمويل والتوافق الجيوسياسي، بما في ذلك الشروط المتعلقة بالتعامل مع الوقود النووي.
وتتمثل إحدى القضايا الرئيسية فيما إذا كانت واشنطن ستوافق على بناء منشأة لتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، ومتى قد تفعل ذلك، وما إذا كان بإمكان الموظفين السعوديين الوصول إليها أم ستقتصر إدارتها على الموظفين الأميركيين ضمن ترتيبات ما يطلق عليه "الصندوق الأسود".
وإذا لم يتضمن أي اتفاق ضمانات صارمة، فبوسع السعودية التي تمتلك احتياطيات من خام اليورانيوم على أراضيها، من الناحية النظرية، أن تستخدم منشأة التخصيب لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب في إنتاج مواد انشطارية لإنتاج قنابل، في حالة التخصيب بدرجة نقاء كافية.
وهناك مسألة أخرى تتعلق بما إذا كانت الرياض ستوافق على استثمار سعودي في منشأة لتخصيب اليورانيوم مملوكة للسعودية، يكون مقرها الولايات المتحدة، وعلى التعاقد مع شركات أميركية لبناء مفاعلات نووية سعودية.
وهناك قضايا دبلوماسية أيضا. فكثيرا ما عبرت إسرائيل، الحليف الإقليمي الأكبر لواشنطن، عن معارضتها لفكرة إنشاء برنامج نووي مدني سعودي.