لجنة برلمانية جزائرية تثير الجدل باقترح بناء ملاجئ تحضيرا للتعبئة العامة
الجزائر - دعت لجنة الشؤون القانونية والحريات بالبرلمان الجزائري إلى البدء في بناء ملاجئ استعدادا لتنفيذ مشروع قانون التعبئة العامة الذي سيطرح خلال الفترة المقبلة على التصويت، في خطوة أثارت جدلا واسعا باعتبارها تأتي في وقت تخلو فيه المنطقة من أي مؤشرات على اندلاع حروب، وطرحت نقاط استفهام بشأن الجدوى من توظيف الأموال في تشييد المخابئ، بينما يفترض أن تركز الحكومة على الإنفاق لإيجاد حلول لعدة معضلات وتحسين الخدمات الأساسية في البلد الذي لا يزل العديد من سكانه يفتقرون إلى مياه صالحة للشرب.
وتأتي توصية اللجنة البرلمان في وقت لا يزال فيه الجدل قائما حول مشروع قانون التعبئة الذي ضاعف مخاوف المنظمات والنشطاء باعتباره يمنح السلطات صلاحيات واسعة قد تؤدي إلى مزيد التضييق على الحريات وإطلاق يد النظام لقمع أي تحركات تعارض سياسات الرئيس عبدالمجيد تبون.
وطالبت لجنة الشؤون القانونية في تقريرها بتوفير وسائل الحماية المدنية، مثل الملاجئ، وتكييف المنشآت القاعدية كشبكات الطرق والمرافق الحيوية لتكون صالحة للاستخدام خلال فترات الأزمات أو الحروب.
وتثير هذه المقترحات نقاط استفهام بشأن نويا الجزائر التي تغرق في عزلة فشلت دبلوماسيتها المرتكبة في إيجاد مخرج منها، بعد أن تصدعت علاقاتها مع أكثر من دولة من بينها دول تحالف الساحل الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو بعد التوتر الذي اندلع إثر تضخيم السلطات الجزائرية لحادثة إسقاطها طائرة استطلاع مسيرة تابعة للجيش المالي الشهر الماضي وهي الأزمة التي تطورت إلى استدعاء سفراء.
واقترحت اللجنة إدماج نزلاء السجون في جهود التعبئة العامة في حال تطلب الأمر ذلك، في خطوة من شأنها أن تثير انتقادات في الأوساط الحقوقية والقانونية.
كما شددت على أهمية تكثيف الجهود لتطوير المحتوى الرقمي بهدف التصدي لما وصفته بـ"التأثير المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي الأجنبية".
وكان وزير الاتصال الجزائري محمد مزيال دعا وسائل الإعلام الشهر الماضي إلى تشكيل ما أسماها "جبهة إعلامية داخلية" لمكافحة المضامين التي تروج لها مواقع وصفها بأنها "مشبوهة"، في إطار نظرية المؤامرة التي دأبت الجزائر على التسويق لها كلما واجهت أزمات.
ويرى منتقدو هذ المشروع أن بعض بنود القانون فضفاضة وغير محددة، مما قد يفتح الباب لتفسيرات مختلفة وتطبيق غير عادل، بالإضافة إلى ضبابية آليات الرقابة على تطبيقه بما يضمن عدم تجاوز السلطات لصلاحياتها.
وحذر متابعون من أن يثير مشروع قانون التعبئة مخاوف وقلقًا لدى المواطنين وبعض الأطراف الدولية، في ظل التوترات الإقليمية، ما من شأنه أن يضع الجزائر في الواجهة.
وأعرب عدد من رجال الأعمال عن مخاوفهم من أن تؤدي التعبئة العامة، خاصة إذا طالت مدتها، إلى شلل في بعض القطاعات الاقتصادية وتأثير سلبي على حياة المواطنين، بالإضافة إلى القلق بشأن التكاليف المالية الكبيرة التي قد تتطلبها هذه الخطوة وتأثيرها على ميزانية الدولة.
ويرى مراقبون أن الجزائر مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتوظيف الأموال في تنويع اقتصادها المرتهن إلى النفط، وإيجاد حلول للأوضاع الاجتماعية المتدهورة، عوض رصد ميزانية هامة للجيش والزيادة في الإنفاق العسكري، في وقت تتفشى فيه البطالة وتفتقر فيه البلاد إلى البنية التحتية اللازمة لاستقطاب الاستثمارات.
ودفعت البطالة المرتفعة وظروف المعيشة الصعبة العديد من الشباب الجزائريين إلى الهجرة غير النظامية بحثًا عن العمل بعد أن تلاشت آمالهم في تحسن أوضاع البلاد.
ويعاني الاقتصاد الجزائري من ضعف في الاستثمارات الأجنبية والمحلية، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل مثل البيروقراطية وعدم وضوح القوانين وهيمنة القطاع العام ومحدودية المنافسة، فيما اضطر العديد من رجال الأعمال للهجرة من البلاد وبعث مشاريع في بلدان مجاورة من بينها المغرب، خوفا من الملاحقات القضائية.
وتشير بعض التقارير إلى أن حوالي 23 بالمئة من الجزائريين يعيشون تحت خط الفقر، فيما تفتقر الأسر الفقيرة إلى الوسائل اللازمة لتوفير الضروريات الأساسية مثل الغذاء والإسكان والرعاية الصحية والتعليم.