تمسك الأكراد بحكم ذاتي يُنذر بمواجهة مع إدارة الشرع
دمشق - يُنذر تمسك أكراد سوريا بمطلب إقامة حكم ذاتي بمواجهة مع الإدارة السورية التي ترفض المقترح، متوجسة من الانفصال وتقسيم البلاد، في وقت تسعى فيه إلى فرض سيطرتها على كامل البلاد بما يشمل الثروات الطبيعية، بينما تكثف أنقرة ضغوطها على دمشق من أجل التسريع في اندماج القوات الكردية في مؤسسات الدولة.
وتتخوف إدارة الشرع من أن يشجع انفصال الأكراد أقليات أخرى في سوريا على المطالبة بالحكم الذاتي، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار، فيما يحذر متابعون من تداعياته على مفهوم الدولة الوطنية القائمة على الوحدة الجغرافية والسياسية لجميع المواطنين بغض النظر عن العرق أو الدين.
وقال قيادي كردي بارز إنه لا يمكن التنازل عن مطلب التعددية اللامركزية في إدارة النظام السياسي في سوريا، في وقت يعتزم وفد من الإدارة الذاتية التوجه قريبا الى دمشق لاستكمال المحادثات مع السلطة الانتقالية.
ووقع الطرفان اتفاقا في 11 مارس/آذار، يقضي بدمج كافة المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية، ويُفترض استكمال بنود تطبيقه بحلول نهاية العام، إلا أن الإدارة الكردية وجهت لاحقا انتقادات إلى السلطة على خلفية الإعلان الدستوري ثم تشكيل حكومة قالت إنها لا تعكس التنوع في البلاد.
وطالب الأكراد الشهر الماضي بدولة ديموقراطية لامركزية، فيما ردت دمشق بتأكيد رفضها محاولات فرض واقع تقسيمي في البلاد.
وأكد المسؤول الكردي، الذي رفض الكشف عن هويته، أن "سوريا لامركزية تعددية ديموقراطية هي الحل الأمثل لجميع القضايا العالقة راهنا، "معربا عن اعتقاده بأنه "لا يمكن إدارة فسيفساء المجتمع السوري بنظام سياسي يحتكر جميع الصلاحيات ولا يعترف بخصوصية المناطق والمكونات"، مضيفا أن "هذا الطرح سيكون من القضايا الأساسية للتفاوض، ولا يمكن التنازل عنه".
وتعتزم لجنة تمثل مختلف الأحزاب الكردية التوجه قريبا إلى دمشق لمناقشة القضية الكردية وكيفية تضمين حقوق الشعب الكردي دستوريا، وفق المصدر نفسه.
وتضمن الاتفاق الذي وقعه الرئيس أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديموقراطية "قسد" مظلوم عبدي، بنودا عدة نصّ أبرزها على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".
واشنطن من المشجعين والمسهلين لعملية التفاوض الجارية مع دمشق
ونص الاتفاق كذلك على أن المكون الكردي "مجتمع أصيل في الدولة السورية التي تضمن حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية"، في موازاة رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري.
وينتقد الأكراد الذين عانوا طيلة عقود قبل اندلاع النزاع من التهميش والإقصاء، سعي السلطة الجديدة إلى تكريس مركزية القرار وإقصاء مكونات رئيسة من المشاركة بفعالية في المرحلة الانتقالية.
وفي موازاة إشارته إلى أن "الحوارات مستمرة مع الحكومة السؤرية المؤقتة حول ملفات مختلفة"، يقر المصدر الكردي بأن الحوار يطال ملفات صعبة ومعقدة ويتطلب مدّ المزيد من جسور الثقة بين الطرفين أكثر من أي وقت مضى.
ويشدد على أن "التفكير المركزي لإدارة القضايا العالقة من دون قبول شراكة حقيقية وتوزيع الأدوار والصلاحيات بين المركز والمناطق، يجعل من المفاوضات عملية صعبة وتسير ببطء".
ويُعتقد أن يؤدي إقامة حكم ذاتي كردي إلى تغيير موازين القوى الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالنفوذ التركي والإيراني، بالإضافة إلى تعقيد التحالفات الإقليمية والدولية، حيث قد تدعم بعض الدول الكيان الكردي الجديد بينما تعارضه دول أخرى.
وتسيطر الإدارة الذاتية على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، تضم أبرز حقول النفط والغاز التي تحتاج السلطة الجديدة في دمشق إلى مواردها في إطار مساعيها لتكريس سلطتها ودفع عجلة التعافي الاقتصادي.
وشكّلت قوات سوريا الديموقراطية، ذراعها العسكرية، رأس حربة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية وتمكنت بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن من دحره من آخر معاقل سيطرته في البلاد عام 2019.
وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه الشرع الشهر الحالي في الرياض بتحمل مسؤولية مراكز اعتقال مقاتلي التنظيم المتطرف المحتجزين لدى الأكراد.
وأكد المصدر نفسه أن واشنطن، التي رفعت الجمعة مؤقتا عقوباتها رسميا عن سوريا وفتحت صفحة جديدة من العلاقات معها، من المشجعين والمسهلين لعملية التفاوض الجارية مع دمشق.