نزاع قضائي بين بغداد وأربيل يُعقد جهود حلحلة أزمة الصادرات
بغداد - يلقي نزاع قضائي جديد بين بغداد وأربيل بشأن عقود نفط وغاز وقعتها حكومة كردستان مع شركات أميركية، بظلال قاتمة على الجهود الهادفة إلى حلحلة ملف توقف الصادرات من الإقليم المتمتع بحكم ذاتي إلى تركيا وهي الأزمة التي حدت من قدرته على الإيفاء بتعهداته المالية ومن أبرزها صرف أجور موظفية، ما أجج الخلافات مع الحكومة الاتحادية.
وأفادت ثلاثة مصادر مطلعة ووثيقة بأن وزارة النفط العراقية أقامت دعوى قضائية على حكومة كردستان العراق شبه المستقل بشأن العقود التي وقعها رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني مع شركتي "إتش.كيه.إن إنرجي" و"ويسترن زاجروس" الأمركيتين.
وتمثل هذه القضية أحدث عقبة في جهود استئناف تدفق النفط عبر خط أنابيب النفط العراقي التركي، المتوقف عن العمل منذ مارس/آذار 2023، على الرغم من ضغوط تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتشمل الصفقتان اللتان أثارتا غضب الحكومة الاتحادية ووصفتهما بـ"غير دستورية" تطوير حقلي غاز ميران وتوبخانة - كردمير في مدينة السليمانية بشمال العراق.
وقالت بغداد إن التعامل المباشر بين الشركتين وحكومة كردستان دون مشاركة الحكومة الاتحادية مخالف للدستور وأعلنت بطلان الاتفاقيتين، بينما دافعت حكومة الإقليم عن الصفقتين، مؤكدة أنهما تستندان إلى عقود قائمة.
وذكر بيان صادر عن أربيل أن بارزاني التقى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يوم الجمعة خلال زيارة إلى واشنطن، وناقشا "أهمية استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر خط الأنابيب العراقي التركي".
وتعد السيطرة على النفط والغاز مصدرا للتوتر منذ فترة طويلة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان وتتعلق إحدى القضايا الرئيسية بخط الأنابيب الذي يمر عبر تركيا.
وتوقفت التدفقات عبر هذا الخط بعد أن قضت غرفة التجارة الدولية التي مقرها باريس بأن تركيا انتهكت أحكام اتفاقية مبرمة في 1973 بتسهيلها لتصدير النفط من إقليم كردستان دون موافقة بغداد.
وتعثرت المفاوضات الرامية إلى استئناف صادرات النفط الكردية عبر خط أنابيب النفط العراقي التركي، الذي كان يمر من خلاله في السابق نحو 0.5 بالمئة من إمدادات النفط العالمية، بسبب شروط الدفع وتفاصيل التعاقد.
وتكبد الإقليم خسائر فادحة تراوحت بين 15 و20 مليار دولار نتيجة شلل الصادرات وجعلته عاجزا عن صرف أجور موظفيه، ما أدى إلى تفاقم الأزمة مع بغداد التي تواجه بدورها صعوبات في تأمين رواتب موظفي الدولة.
وترى الحكومة الاتحادية أن الدستور العراقي يحصر صلاحية إبرام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالنفط والغاز بها وحدها، ولا يحق للأقاليم ذلك وتعتبر أي عقود نفطية يبرمها الإقليم بشكل مستقل مخالفة للقانون.
بدوره يعتبر إقليم كردستان أن لديه الحق في إدارة وتطوير موارده الطبيعية الموجودة في الإقليم، بما في ذلك النفط والغاز، وهذا يشمل إبرام عقود مع شركات أجنبية لتطوير الحقول وتصدير إنتاجها ويستند الإقليم في هذا الموقف إلى تفسيره لبعض مواد الدستور العراقي.
وأدى عدم وجود قانون اتحادي للنفط والغاز بين الطرفين منذ عام 2007 إلى فراغ قانوني فاقم الخلافات حول إدارة الثروات النفطية وتقاسم العائدات.
وتصر الحكومة الاتحادية على أن يكون تصدير النفط المنتج في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، حصريًا من خلالها عبر شركة تسويق النفط العراقية "سومو" وأن يتم تقاسم العائدات وفقًا لآلية متفق عليها في الموازنة الاتحادية.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى هيئة قضائية في البلاد، العديد من القرارات التي أيّدت سلطة بغداد على إدارة وتصدير النفط، ما أثار استياء حكومة الإقليم التي اعتبرتها مسيسة وغير دستورية.