هل يقهر الكافيين القاتل الأكبر للرضع؟

باحثون اميركيون يقترحون أن المادة الفعالة في القهوة تملك قدرة محتملة على الوقاية من متلازمة الموت المفاجئ للرضع عبر مقاومة نوبات انخفاض الأوكسجين، ما قد يمهّد لأول مقاربة دوائية للحد من هذه الظاهرة.

واشنطن – ماذا لو كانت مادة استهلاكية شائعة في مطابخنا تحمل سرًا مفاجئًا، قد يساعد في الوقاية من متلازمة الموت المفاجئ للرضع (الموت المفاجئ).

وفي ورقة بحثية جديدة نُشرت في مجلة طب الفترة المحيطة بالولادة (Journal of Perinatology)، يقترح باحثون من مركز "رتغرز" الصحي أن الكافيين – الذي يُستخدم منذ فترة طويلة كمحفز للتنفس لدى الأطفال الخدّج – يمكن أن يقي الرضّع من نوبات انخفاض الأوكسجين التي قد تُفجّر الموت المفاجئ وأشكالًا أخرى من الوفاة المفاجئة وغير المتوقعة عند الرضّع (SUID).

ولا يزال الموت المفاجئ السبب الأول لوفاة الأطفال بين عمر شهر و12 شهرًا.

وقال الدكتور توماس هيجي، اختصاصي حديثي الولادة في كلية "روبرت وود جونسون" الطبية بجامعة رتغرز، والمؤلف الرئيسي للدراسة: "كنا قلقين من أن معدلات الموت المفاجئ لم تتغير رغم الجهود، لذا أردنا استكشاف سبل جديدة للتعامل مع هذه المشكلة."

الكافيين والموت المفاجئ

يُشار إلى أن معظم عوامل الخطر المعروفة لـ الموت المفاجئ – مثل نوم الرضيع على بطنه، والتعرض لدخان السجائر، وتقاسم السرير، والولادة المبكرة – تشترك في عامل فيزيولوجي واحد: نقص الأوكسجين المتقطع، أي انخفاض مستويات الأوكسجين في دم الرضيع بشكل متكرر وخطير.

وتساءل هيجي: "ما الذي يمكن أن يواجه هذا النقص المتقطع؟"
وكان الجواب: الكافيين.

فالكافيين يُستخدم منذ عقود لعلاج انقطاع التنفس عند الأطفال الخدّج، إذ يحفّز التنفس وأثبت أنه آمن لحديثي الولادة.

والأكثر إثارة هو أن الأطفال حديثي الولادة يستقلبون الكافيين ببطء شديد؛ إذ يمكن أن يبقى في أجسامهم لأسابيع، ما قد يفسّر أحد ألغاز الموت المفاجئ المزمنة: لماذا يبلغ خطرها ذروته بين الشهرين الثاني والرابع من العمر؟

وقال هيجي لمجلة نيوزويك: "يمكن إعطاء الكافيين للرضع بطرق عدة، مثل المحاليل الفموية، أو من خلال الحليب الصناعي، أو حليب الأم، أو حتى عبر الجلد."
وأضاف أن التحدي الآن هو فهم كيفية تغيّر استقلاب الكافيين عند الرضيع، وتحديد الطريقة الأنسب التي تحقق مستويات آمنة وفعالة.

يمكن إعطاء الكافيين للرضع بطرق عدة

وما يعزز هذه الفرضية أيضًا هو أن الرضاعة الطبيعية طالما ارتبطت بتقليل خطر الموت المفاجئ، وقد يكون جزء من هذا الأثر الوقائي راجعًا إلى وجود الكافيين الطبيعي في حليب الأم، حسب ما رجحه الباحثون.

إذا ثبتت هذه الفرضية، فإنها قد تمثل تحوّلًا جذريًا في طرق الوقاية من الموت المفاجئ — من مجرد تعديلات سلوكية إلى نهج دوائي لأول مرة.

لكن الباحثين أكدوا أن هذه الدراسة ما زالت في مرحلة طرح الفرضيات، ولا تعني إطلاقًا أن على الآباء إعطاء أطفالهم القهوة.

وقالت الدكتورة باربرا أوستفيلد، المشاركة في إعداد الورقة ومديرة مركز الموت المفاجئ في نيوجيرسي: "الكافيين لا يمكن أن يحلّ محلّ ممارسات النوم الآمن، فمثلًا، الطفل الذي توفي اختناقًا بفعل وسادة في السرير، لم يكن ليستفيد من الكافيين، بل من إزالة المخدات والأغطية غير الضرورية من فراشه."

وتهدف الفكرة إلى أن يُنظر للكافيين كمكمّل للوسائل الوقائية المعتمدة، لا كبديل عنها.

ويخطط فريق رتغرز لتحليل مستويات الكافيين لدى الأطفال الذين توفوا نتيجة الموت المفاجئ ومقارنتها بأولئك الذين توفوا لأسباب أخرى، مثل الأمراض أو الحوادث.

على مدى 30 عامًا، عملت أوستفيلد وفريقها على توعية أهالي نيوجيرسي حول طرق النوم الآمن للرضع، وساهموا في جعل الولاية ثاني أدنى معدل وفاة بسبب SUID في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، تقول: "لأسباب عدة، لا تُعتمد هذه التوصيات دائمًا، وهذه الفرضية الجديدة قد تفتح بابًا للتدخل العلمي إلى جانب الوقاية."

فرغم الجهود التوعوية لعقود، لم تتراجع معدلات الموت المفاجئ في الولايات المتحدة مؤخرًا. وقد يشكل إدخال الكافيين كإجراء وقائي فرصة جديدة – وبصيص أمل للأهالي والباحثين معًا.

لكن رغم أمان الكافيين في حالات الأطفال الخدّج، شدد هيجي على ضرورة الحذر عند تطبيق النتائج على فئات أخرى، خاصة الأطفال بعد عمر ستة أشهر.

وختم بقوله: "الهدف هو إثارة تفكير جديد تجاه مشكلة لم تتغير منذ 25 سنة."