الطاهر المقدميني يصافح الجمهور المغربي بـ'غير المتوقع'

الفنان التشكيلي التونسي يستعرض في مدينة الدار البيضاء لوحاته النابضة بالحياة إلى غاية سبتمبر المقبل.

الدار البيضاء (المغرب) - تحت عنوان "غير المتوقع" سافر الفنان التشكيلي التونسي الطاهر المقدميني بلوحاته النابضة بالحياة نحو المغرب، حيث انطلق الثلاثاء بحضور ثلة من محبي الفن والثقافة في عرضها بمدينة الدار البيضاء.

ويندرج هذا المعرض الفردي الذي ينظمه رواق "أفريكان آرتي غاليري" بالتعاون مع رواق "أوبافريكارت" في بروكسل، إلى غاية الخامس عشر من سبتمبر/أيلول المقبل، في إطار رغبة مشتركة في إبراز الأصوات الفنية الأفريقية المعاصرة خارج الحدود.

ويستكشف الطاهر المقدميني اللاتوقع كمبدأ إبداعي، حيث تعكس لوحاته توترا مستمرا بين الصمت والحركة، بين الظهور والاختفاء، بأسلوب تصويري حرّ وحيوي.

ويقدم الفنان رحلة تأملية إلى قلب زمن معلق وضوء جديد، حيث يصبح الفن حدثا قائما بذاته، كما يكشف المعرض عن لوحات نابضة بالحياة ومأهولة، تتخللها صورة ظلية متكررة – الرجل ذو اللون الأسود – وهي شخصية شبحية وصامتة.

وقال المقدميني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بهذه المناسبة،إن "الرسم بالنسبة إلي هو خوض غمار المجهول. لم أرغب يومًا في السيطرة على اللوحة؛ بل أصغي إليها. ما لا يُتوقع هو ما يُرشدني، وما يزال يُفاجئني بعد كل هذه السنين. إنها طريقة للبقاء على قيد الحياة في حركاتي ونظراتي".

وأضاف أن "الرجل ذا اللون الأسود ليس شخصية، بل هو حضور حقيقي. إنه يُجسّد اللامرئي، الصامت، المُراقب. في عالمٍ مُشبعٍ بالضجيج والصور، أحاول أن أُقدّم شكلًا من الصمت البصري، نَفَسًا من الهواء النقي".

ومن جانبه، قال الرئيس المؤسس لمعرض أوبافريكارت، وسام بربوشي، "الطاهر المقدّميني فنان يتحدى التصنيفات ويقاوم جميع أشكال الموضة. أعماله تستكشف أبعادًا عالمية، مثل: مرور الزمن، وغموض الجسد، والذاكرة".

ولا يعد "'غير المتوقع' مع حوالي ثلاثين عملا مجرد معرض، بل تجربة تستحق أن تُعاش، فكل عمل يمثل لغزا، وجزءًا من سرد معلق، ودعوة للتمهل والشعور بشكل مختلف"، بحسب بربوشي.

ويعد الفنان الطاهر المقدّميني، المولود سنة 1948 في جزيرة جربة، شخصية بارزة في المشهد الفني التونسي والدولي. تلقى تكوينه في المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس، ثم في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة بباريس، حيث حظي بمسيرة فنية حافلة وفريدة، امتدت من مرسمه في زيورخ، وزياراته العديدة إلى باريس، واستقراره الدائم في جربة عام 1989.

بدأ المقدميني تنظيم معرض لأعماله في تونس عام 1969، ثم شارك في معارض دولية في زيوريخ، ميونيخ، برلين، لندن، نيس، وجنيف، بعد ذلك قرر الاستقرار بجزيرة جربة عام 1980، أين واصل إنتاجه الفني الغزير الذي يعكس ارتباطه العميق بالجزيرة وثقافتها.

ولا تزال أعمال الفنان تُعرض عالميا وفي مجموعات مرموقة، من بينها مجموعة المتحف البريطاني، كما يواصل في هذه السلسلة استكشافا تصويريا عميقا، حيث يصبح الرسم قوة حيوية، وطاقة خام، وفوضى مُسيطَر عليها.

وتُعد أعماله جزءًا من مجموعات متحف بريتيش ميوزيم، ومتحف الفن الحديث بتونس، ومجموعة مدينة زيوريخ، مما يدل على مكانته البارزة في المشهد الفني العالمي.