عُمان أول دولة خليجية تفرض ضريبة على دخل الأفراد المرتفع

99 في المئة من المواطنين في سلطنة عُمان لن يخضعوا للضريبة، ما يعكس التوجّه نحو حماية ذوي الدخل المتوسط والمحدود.

مسقط – أصدرت عُمان الأحد مرسوما سلطانيا يجعلها أول دولة في الخليج تفرض ضريبة على دخل الأفراد في وقت تعمل فيه الدولة المنتجة المحدودة للنفط على تنويع مصادر إيراداتها، في خطوة تحمل تحديات عديدة ومخاوف من تأثيرها على جذب المستثمرين الأجانب.

وأطلقت عمان، وهي من بين أقل الاقتصادات الخليجية حجما، برنامجا ماليا متوسط الأجل في 2020 لخفض الدين العام وتنويع مصادر الإيرادات وتحفيز النمو الاقتصادي، مما أدى إلى تعزيز المالية العامة للسلطنة.

وبموجب المرسوم الجديد ستفرض عمان، التي لا تزال تعتمد إلى حد كبير على إيرادات النفط، ضريبة بواقع خمسة بالمئة على الأشخاص الطبيعيين الذين يزيد دخلهم عن 42 ألف ريال عماني (109091 دولار) سنويا بداية من 2028، وذلك وفق ضوابط حددها القانون.

وقال جهاز الضرائب العماني في بيان "القانون يحتوي على خصومات وإعفاءات تراعي البعد الاجتماعي في سلطنة عُمان كالتعليم والصحة والإرث والزكاة والتبرعات والمسكن الأساسي وغيرها".

ويُعد هذا الحد من أعلى حدود الإعفاء في المنطقة، وقد تم تحديده بعد دراسة موسّعة لتأثير الضريبة على مختلف فئات المجتمع، حيث أكد جهاز الضرائب أن نحو 99 في المئة من المواطنين في سلطنة عُمان لن يخضعوا لهذه الضريبة، ما يعكس التوجّه نحو حماية ذوي الدخل المتوسط والمحدود.

وكانت مسودة القانون المقترح لضريبة الدخل في عُمان تنصّ على فرض ضريبة على دخل الأفراد بنسبة بين 5 و9 في المئة، بما يشمل جميع العاملين في البلاد.

وأكدت كريمة بنت مبارك السعدية، مديرة مشروع الضريبة على دخل الأفراد، أن جميع التجهيزات الفنية والبشرية والإلكترونية في جهاز الضرائب باتت جاهزة لتطبيق الضريبة.

وأشارت الجهات المختصة إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة أوسع لتحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040، والتي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. ورفع مساهمة الإيرادات غير النفطية إلى 15 في المئة بحلول 2030، و18 في المئة بحلول 2040. ودعم ميزانية الدولة وتمويل نظام الحماية الاجتماعية. وتعزيز العدالة الاجتماعية من خلال إعادة توزيع الثروة.

ويرى البعض أن هناك تحديات ستواجه الجهات المشرفة على تطبيق ضريبة دخل الأفراد من بينها كيفية حصر الدخل في ظل غياب معرفة المصادر المتنوعة للدخل لكل فرد. كما أن من التحديات التهرب الضريبي بإخفاء مصادر الدخل أو تقليلها تفاديًا لدفع ضريبة الدخل أو إظهار الفرد بأنه تابع لشريحة أقل من دخله الحقيقي.
وتحتاج الجهات المشرفة على تطبيق ضريبة دخل الأفراد إلى وقتٍ طويلٍ لتثبيت الأفراد في الشريحة الصحيحة وبالنسبة المتوافقة مع دخله.

وبما أن بقية دول مجلس التعاون لم تطبق ضريبة دخل الأفراد، ستواجه مسقط تحدي جذب الكفاءات الأجنبية وستكون المؤسسات الحكومية والخاصة غير قادرة على جذب الكفاءات من أكاديميين وأطباء وعلماء لاسيما إذا كانت نسبة الضريبة مرتفعة نسبيًا. فستفضل الكفاءات الأجنبية العمل في بقية دول المجلس بدون استقطاعات من دخلها.

كما ستواجه المؤسسات والشركات الخاصة في عمان في ظل عدم تطبيق بقية دول الخليج لهذه الضريبة تحديات كبيرة للمستثمرين الجدد وكذلك أصحاب المشاريع القائمة، بسبب ارتفاع تكاليفهم التشغيلية ومطالبة أصحاب الكفاءات بزيادة رواتبهم لتعويض الفاقد المخصوم من رواتبهم، كما ستواجه أصحاب المشاريع القائمة ارتفاع استقالات الكفاءات الوطنية والأجنبية أو المطالبة بتعويضها برواتب أعلى يغطي قيمة الأموال المستقطعة. وفي الحالتين كلتيهما سيؤدي ذلك لارتفاع التكاليف التشغيلية وسيقل الربح الصافي للشركات، ولربما سيؤدي لتردد المستثمرين الجدد في الاستثمار في سلطنة عمان، وسيتردد المستثمرون الحاليون في التوسع في استثماراتهم. كل ذلك سيؤثر سلبًا على دخل الحكومة من ضريبة أرباح الشركات والتي تستقطع الدولة منها 15 بالمئة.