الكاتب الطاهر بن جلون يرسم بالفرشاة السكينة في عالم مضطرب

بن جلون: ناضلت طوال حياتي من أجل السلام، في كتاباتي، ومقالاتي، ومعاركي.

الرباط - يكشف الكاتب الطاهر بن جلون في المغرب عن إحدى مواهبه غير المعروفة للعامّة وهي الرسم… فمن خلال لوحاته الملوّنة والزاهية، يسعى أحد أكثر الروائيين الناطقين بالفرنسية انتشارا في العالم للتعبير عن السكينة في عالم مضطرب "تسيء فيه القوى العظمى للسلام".

ويعرض متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر في الرباط حتى 30 يونيو/حزيران الجاري، على جدران زرقاء، نحو أربعين لوحة أكريليك للكاتب الفرنسي المغربي الحائز جائزة غونكور عام 1987 عن روايته "ليلة القدر" وهي ككل رواياته مستلهمة من الحياة الشعبية واليومية المغربية.

ويقول الطاهر بن جلون لوكالة فرانس برس إنه يقيم "معارض فنية منذ نحو خمسة عشر عاما"، لكنه يشارك للمرة الأولى في هذا المتحف "المهم جدا" في المغرب، والذي نُظّمت فيه معارض لفنانين من أمثال بيكاسو وفان غوخ ومونيه. ويرى الرجل السبعيني أنّ هذا المعرض هو بمثابة "تتويج" لمسيرته.

ويلفت إلى أن لوحاته تعكس طباعه "طباع رجل سلام"، مضيفا "لقد ناضلت طوال حياتي من أجل السلام، في كتاباتي، ومقالاتي، ومعاركي. وفي الوقت الحالي، تسيء القوى العظمى للسلام".

ومع ذلك، يؤكد أن لوحاته "لا تهدف إلى إيصال رسائل سياسية مطلقا"، كما أنها "ليست مرتبطة بأي ايديولوجيا أو سياسة أو جانب اجتماعي"، متابعا "إنه فن بالمعنى البسيط والمباشر والصادق".

وعلى عكس رواياته ومقالاته التي تُعدّ "التزاما شخصيا تجاه المشاكل التي يواجهها العالم، سواء مسألة فلسطين، أو أطفال الشوارع، أو وضع المرأة، أو الهجرة، أو العنصرية"، لا تحمل لوحاته أي مؤشرات إلى هذه القضايا.

يقول المهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف في المغرب وصاحب فكرة المعرض الذي افتُتح في أوائل أبريل/نيسان، إنّ "كتابات الطاهر بن جلون أخذتني في رحلة"، ولوحاته تُشعر بـ"الفرح والسعادة".

ويشير بن جلون الذي غالبا ما تُصوّر لوحاته أبوابا، وهي رمز "للحرية والروحانية"، إلى أن "الرسم يرضي الآخرين ويجعلهم يشعرون بالسعادة".

وتتضمّن بعض لوحاته نصوصا. ويقول الفنان الذي بدأ الرسم عام 2012 بتشجيع من صديق، وأقام معرضه الأول بعد عام، إنّ ذلك يشكل "إشارة إلى الشعر الذي أكتبه".

ويستعد الطاهر بن جلون الذي سبق أن عرض لوحاته في فرنسا وإيطاليا، لإقامة معرض كبير في زيورخ خلال أكتوبر/تشرين الأول، وفي يناير/كانون الثاني 2026، سيعرض نوافذ زجاجية مُلوّنة مصنوعة من لوحاته في الدار البيضاء.

ولا يتوقف بن جلون، وهو أيضا كاتب مقالات ومعالج نفسي، عن الاستكشاف. وردا على سؤال عن احتمال دخوله في تجربة موسيقية، قال مازحا "أحب الموسيقى… لكنّ ذلك سيكون كارثيا".

والطاهر بن جلون هو كاتب مغربي فرنسي. ينتمي إلى الجيل الثاني من الكتاب المغاربة الذين يكتبون باللغة الفرنسية وله إصدارات كثيرة في الشعر والرواية والقصة، وتتميز أعماله بالطابع الفولكلوري والعجائبي.

كتب الشعر في بداياته وانضم إلى مجموعة مجلة "أنفاس" مع عبداللطيف اللعبي. ومن ثم اتجه إلى الرواية فأصدر روايته "حرودة" عام 1973. من بعدها تتالت رواياته "موحي الأحمق، موحي العاقل" و"صلاة الغائب" و"طفل الرمال" و"ليلة القدر". كتب بن جلون أكثر من عشرين رواية.