بوليساريو تكابد في مواجهة فوضى أقرب للتمرد في مخيمات تندوف

مجموعة مسلحة تابعة للجبهة الانفصالية تحتجز قائدا عسكريا بعد اكتشاف تورطه في سرقة أموال.

الجزائر - تعيش مخيمات تندوف التي تديرها ''بوليساريو'' على صفيح ساخن وسط خلافات حادة بين قيادات الجبهة الانفصالية، فيما وصل الأمر إلى حدّ التفكير في طلب تدخل الجيش الجزائري، بينما تتصاعد حالة الفوضى التي يعاني منها الصحراويون منذ مدة بسبب الانتهاكات التي يرتكبها قيادات البوليساريو.

وأشار منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف المعروف اختصارا بـ"فورساتين" إلى أن إحدى الميليشيات التابعة للبوليساريو أقدمت على احتجاز قائد ما يسمّى بـ"الناحية العسكرية الأولى" ومحاصرة مقر القيادة ومصادرة مفاتيح سيارات عدد من مسؤوليها ومنع خروجهم.

وكشف المنتدى في تقرير له أن المخيمات شهدت عملية مطاردة لعناصر هذه الميليشيا ما أدى إلى بث الهلع في صفوف سكانه، مضيفا أن بعض العناصر المسلحة دخلت في اعتصام مفتوح.

وبيّن المصدر نفسه أن حالة التمرد غير المسبوقة تأتي بعد أن اكتشفت العناصر المسلحة التي نفذت عملية الاحتجاز تورّط قائد الناحية العسكرية في اختلاس أموال وسرقة شاحنة محمّلة بأكثر من 25 طنا من المحروقات.

وسعت قيادة الجبهة الانفصالية إلى احتواء الموقف باعتقال قائد الناحية ومن معه، ما تسبب لها في إحراج، لاسيما بعد أن ارتفعت المطالب بضرورة تسليمه إلى المحاكمة ووضع حد لحالة التلاعب بملفات الفساد الذي ينخر البوليساريو.

وأوضح التقرير أن "عددا من قادة الجبهة الانفصالية اقترحوا الالتجاء إلى الجيش الجزائري ليوفد قوة خاصة لتفكيك الاعتصام وإطلاق سراح الرهائن وهو ما رفضه شق آخر من القيادات"، فيما يبدو أن بوليساريو تسعى إلى الحيلولة دون تصنيف الواقعة على أنها عملية تمرد عسكري والتعامل على أساس أنها مواجهة مسلحة بين الطرفين.

وكشف أن الجبهة الانفصالية تتوجس من أن تتطور الأمور إلى انتفاضة عسكرية شاملة تعجز عن إخمادها، بالإضافة إلى مخاوفها من انكشاف المزيد من الفضائح المتعلقة بالاستيلاء على أموال المساعدات.

كما تأتي هذه الواقعة بعد أيام من اختطاف الناشطة الصحراوية محمودة منت احميدة عندما كانت تخوض اعتصاما مفتوحا أمام مقر قيادة البوليساريو، احتجاجا على الممارسات والمضايقات التي تمارس في حقها، كما وجهت انتقادات حادة إلى إبراهيم غالي زعيم الجبهة الانفصالية ووصفته بـ"الضعيف".

ونقل موقع "الصحيفة" المغربي عن محمد العباسي رئيس المرصد  الصحراوي لحقوق الإنسان إن "الصدامات المتصاعدة بين قيادات بوليساريو باتت تنعكس على أوضاع محتجزي المخيمات وأمنهم بشكل كبير، وهو ما بات يتهدد المنطقة ككل في ظل انتشار الميليشيات الإرهابية".

وشدّد على أن "الجبهة الانفصالية تعيش في السنوات الأخيرة أزمات داخلية وتصدّعات عسكرية، بسبب الخلافات المرتبطة بتحصيل الأرباح المادية بما فيها الإعانات، وما تجنيه به من التهريب والسلاح، والمحروقات والجريمة المنظمة والاتجار في البشر"، قائلا "كلما كان منصبك أعلى لدى الجبهة كلما كانت المداخيل أكبر".

ووجه الصحراويون في العديد من المناسبات نداءات استغاثة إلى الجهات الدولية المعنية والمنظمات الحقوقية، مطالبين بوضع حد لعمليات الابتزاز التي يمارسها قيادات جبهة البوليساريو وانتهاكهم لحقوق الإنسان.

وشهدت المخيمات في الكثير من الأحيان مظاهرات ندد خلالها المحتجون بتجويعهم وحرمانهم من أموال المساعدات التي تنهب من طرف قيادات البوليساريو وتغدق بسخاء على الموالين للجبهة، في حين يحرم منها المعارضون لسياسات الجبهة وطروحاتها الانفصالية بهدف تركيعهم.