بينالي قسم التصميم الثاني في جامعة بغداد والحتميات الاجتماعية

طروحات هذه النسخة من التظاهرة المقامة في كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد تاتي مواكبة لمخاطر تتعرض لها المجتمعات عبر اعادة قراءة خطورة المخدرات وما يترتب عليها من مخاطر جسيمة تُفتك بالافراد والمجتمعات.
د. وسام عبد العظيم عباس
بغداد

ان انتاج ومضات لامعة في المؤسسات الحكومية يُشعر الجمهور ببارقة امل وتعزيز الثقة  بين المؤسسة وعامة الناس، لتأتي كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد مؤكدة لتلك الحلقة عبر عديد الفعاليات التي اقامتها داخل صروحها المنتجة للمعرفة والجمال، وفي طليعة هذه الفعاليات بيناليبينالي قسم التصميم الذي أُقيم بتأريخ 2  نيسان/ابريل 2024 في فضاءات كلية الفنون الجميلة، للملصق بوصفة الرسالة البصرية المقروءة والمختزلة، وجاءت هذه الفعالية استمراراً للنسخة الاولى التي أُقيمت العام الماضي، وتأتي طروحات هذه النسخة مواكبة للمخاطر التي تتعرض لها المجتمعات عبر اعادة قراءة خطورة المخدرات وما يترتب عليها من مخاطر جسيمة تُفتك بالافراد والمجتمعات، فلم يدخر القائمين في قسم التصميم جهداً لمواكبة المجسات التي تطرأ في المجتمع عبر توظيف نتاجات المشاركين وتوجيه بوصلة افكارهم وابداعاتهم صوب المشاكل المعاصرة، ومحاولة تحقيق الهجنة بين نتاجاتهم وحركة الملصق عالمياً عبر مشاركة عديد الدول في هذا البينالي، اذ تنوعت بين الدول الاوربية والعربية كـمصر، فلسطين، لبنان ،ايران ،تركيا، جمهورية الصين الشعبية، اليابان، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، كوريا الجنوبية، ايطاليا، اسبانيا، فرنسا، روسيا، اوكرانيا، المانيا، رومانيا، كندا، المكسيك، والهند، فضلا عن العراق متمثلا بنتاجات اساتذة وطلبة الكلية، عبر التجسير  بين اجتراحات المصممين العراقيين، ونتاجات الدول الاخرى، وهذا ما يلقي بضلالة على الفعل الجمالي للنتاجات، ومواكبة الحركة العالمية للملصق، وقد امتازت انتاجات المشاركين في البينالي بتعدد الرؤى والافكار عبر انتاج اشكال متعددة، تنم عن قدرات محترفة في انتاج الخطاب البصري.

    على صعيد الاخراج العام للبينالي تميزت هذه الدورة بطريقة عرض تقترب من فكرة الجشطالت، عبر اعتماد الصورة الكلية المنظمة التي تنضوي تحتها كل نتاجات المشاركين، ولهذه الطريقة من العرض مأخذين  الاول: هو تأثيث فضاء الكلية بصورة بصرية طاغية اضفت بجمال انساقها على الشكل العام/ الكلي للبينالي، وهذا ما يحسب لصناع العرض.

فيما جاء المأخذ الثاني معاكساً للأول كون هذا النوع من طرق العرض يمكن ان يضعف من مركزية الاعمال الفردية داخل فضاء العرض، وقد يعزى ذلك لاسباب تنظيمية وادارية اضطرت القائمين على البينالي ان يتخذوا هذه المسارات، الا ان هذه التفصيلة لا تحط من قيمة البينالي وجهد المنظمين، كونهم عملوا على التقاط قضايا حساسة وخطيرة شاعت في الاونة الاخيرة ،كما امتازت هذه الدورة بغزارة الاعمال التي رصفتها الجودة في صناعة المحتوى عبر مشاركة 125 مصمم من جميع انحاء العالم، وقد جاء هذا البينالي منذ التأسيس حتى الان بثمار ملموسة عبر زج عديد من المصممين العراقيين في بيناليات قُدمت مؤخراً في الصين، وإندونيسيا  وياتي ذلك عبر تسليط الضوء على القيمة العليا التي تلعبها نتاجات كلية الفنون الجميلة بشكل عام وقسم التصميم على وجهة الخصوص، عبر الانفتاح على سوق العمل والحاجة الفعلية للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، فضلاً عن التواصل لمواكبة حركة تطور الملصق عالمياُ.

وما ينشط هذا الحراك هو التفعيل الحقيقي لمكاتب الانتاج عبر التنسيق بين مكتب انتاج الكلية ومكاتب المؤسسات الاخرى، كون كلية الفنون الجميلة واقسامها  بإداراتها الفاعلة والمنفتحة على الجميع، يدفعنا الامل ان يتم تسويق هذه الاعمال بالطريقة التي تليق بالمؤسسات، لتؤثث فضائها باعمال فيها من الجمالي والوظيفي ما يزيح فوضى التلوث البصري، الذي يشاع في المؤسسات والساحات العامة نتيجة لضعف فاعلية مكاتب الانتاج .
    ختاماً يمكن القول ان مخرجات الفنون الجميلة بفروعها المختلفة تسجل حضوراً لافتاً في المحافل العربية والدولية عبر عديد من الفعاليات التي تقام في أماكن مختلفة من العالم، ويشار لها بالبنان، كونها تعكس الوجهة المشرق للمؤسسات العلمية والأكاديمية التي تنتج شرائط جمالية، الاماني كبيرة بأن يبذل أصحاب القرار عناية اكبر بهذه  المؤسسة لما تمتلكه من مقومات لا يمكن ان تتحقق في غيرها من المؤسسات.