مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب

وزير الخارجية الإسباني يؤكد أن الرباط ملتزمة بتنفيذ اتفاقيات خارطة الطريق مع مدريد والتي كان فتح الجمارك أحد بنودها المعتمدة.

مدريد – أكد وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس تقدم المفاوضات مع المغرب بخصوص فتح المعابر الجمركية في سبتة ومليلية المحتلتين، معتبرا أنها “جاهزة لذلك وأن الكرة بملعب الرباط في تحديد الموعد المناسب، وذلك وسط ضغوط من الحكومة المحلية في المنطقتين على الحكومة الإسبانية المركزية، لإعادة فتح المركزين الجمركيين، بعدما أغلقهما المغرب قبل جائحة كورونا.

وناقش ألباريس الثلاثاء مع رئيس حكومة سبتة المحتلة خوان فيفاس، في مدريد الأوضاع في المدينة ومشاكلها المرتبطة بالهجرة وحركة العبور مع المغرب، ومستقبل الجمارك التجارية، مع زيادة المطالب لإيجاد حل للمعابر المغلقة، في وقت يقول المغرب إن كل الالتزامات في خارطة الطريق المعلن عنها في أبريل/نيسان 2022 سيتم تنفيذها، بما فيها “عبور البضائع والأشخاص”، وتم تشكيل فريق عمل مشترك بين البلدين اجتمع مرات عديدة حول هذا الموضوع، لكن دون تحديد موعد لذلك.

وقالت وكالة الأنباء الإسبانية غير الرسمية “أوروبا بريس”، أن وزير الخارجية الإسباني أكد لرئيس سبتة المحتلة، أن الرباط ملتزمة بتنفيذ اتفاقيات خارطة الطريق مع مدريد، والتي كان فتح الجمارك أحد بنودها المعتمدة. لكن ألباريس لم يقدم أي تاريخ محدد أو تقريبي لفتح المعابر الجمركية، نظرا لأن القرار بملعب الرباط ومدريد سبق وأعلنت أنها تعتبرها “جاهزة للفتح”.

 

ضغوط من الحكومة المحلية في سبتة ومليلة المحتلتين على الحكومة الإسبانية المركزية لإعادة فتح المعابر التي يراهن عليها رجال الأعمال لتحريك الاقتصاد.

وخلال الاجتماع نفسه، ناقش وزير خارجية إسبانيا ورئيس حكومة سبتة المحتلة، المشاكل المرتبطة بالهجرة، إذ أشاد ألباريس بحهود المغرب بهذا الخصوص، مؤكدا أن أعداد الوافدين من المهاجرين تقلص بفعل ذلك، خاصة في الأشهر القليلة الماضية.

وقبل أيام، أكدت كريمة بنيعيش سفيرة المغرب بمدريد، أن الجمارك البرية الحدودية ستفتح بعد تجاوز المشاكل الفنية التي أخّرت فتح الجمارك التجارية في كل من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، والتي يُراهن عليها رجال الأعمال في المدينتين المحتلتين لتحريك الاقتصاد.

ورغم أنها لم تحدد موعدا لذلك، لكنها قالت إنها “ستُفتح في نهاية المطاف عندما تتمكن الرباط من حلحلة المشاكل التقنية التي تشوّش على تنفيذ الاتفاق المبرم قبل سنتين مع إسبانيا تنزيلا لخارطة الطريق الموقعة بين المملكتين”.

وأشارت السفيرة المغربية إلى أن حركة البضائع التي أدت إلى ظهور “الحمّالين” والتهريب المعيشي اختفت مع أزمة العلاقات بين البلدين، وهو ما يضع المملكتين أمام مسؤولية واضحة لتجنب هذه المواقف “التي عفا عليها الزمن”، وبالتالي سيكون من الضروري أن تسهر على “القيام بالأمور بأفضل طريقة ممكنة، لتنفيذ وتنزيل هذا القرار”.

وفي يوليو/تموز الماضي، قال ألباريس في رد على أسئلة صحفيين حول موعد افتتاح الجمارك مع المغرب، إن قرار فتح المعابر الجمركية “معقد”، ويحتاج اتخاذ عدد من الإجراءات، مؤكدا أن المفاوضات مع المغرب “جارية”، ومعبرا عن تفاؤله بافتتاح المعبرين.

وأضاف وقتها أنه ولأول مرة في التاريخ، سيتم الاتفاق على إنشاء مكتب جمركي في باب سبتة المحتلة، “هذا الأمر لم يكن موجودا من قبل.. واستغرق منا عدة قرون”، مشيرا أن افتتاح المكتب الجمركي مرتين كان اختبارًا تجريبيًا فقط وليس نهائيا”. مبررا التأخير برغبة مشتركة في عدم تشجيع “التجارة غير النمطية التي لا تليق بإسبانيا ولا المغرب” في إشارة للتهريب المعيشي.

وكانت الجمارك المغربية قد أعلنت أواخر مايو/حزيران 2023، أن التهريب الذي كانت تعرفه البوابتان في سبتة ومليلية المحتلتين “انتهى، وأصبح غير مقبول وينتمي إلى عهد قد ولّى بصفة نهائية”.

وأضافت المديرية العامة للجمارك والضرائب، في بيان أن “جميع التدابير اتخذت بهدف القطع النهائي مع جميع أنواع وأشكال التهريب، الذي كان يعرفه المعبران سابقا، وكان يشكل عائقا رئيسا لتوفير مناخ ملائم لعملية العبور بشكل عادي”.

وأغلقت حدود المدينتين المحتلتين ربيع 2020 إثر تفشي فيروس كورونا، واستمر الإغلاق بفعل أزمة دبلوماسية اندلعت بين البلدين حين استقبلت مدريد زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية إبراهيم غالي بـ”هوية مزيفة” ودون إخطار الرباط، وهو ما اعتبرته الأخيرة “طعنة في الظهر”.

وفي 2017، كشف زهير الشرفي المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، أن الحجز التي تباشره سلطات الجمارك بخصوص تهريب البضائع يصل إلى 500 مليون درهم سنوياً، أي ما يمثل حوالي 150 مليون سنتيم يومياً كقيمة للبضائع المهربة إلى التراب المغربي.

ونبه تقرير للجنة برلمانية مغربية، قبل ثلاث سنوات، إلى الظروف القاسية التي تعاني منها مواطنات يعشن على تهريب البضائع من سبتة المحتلة إلى شمال المملكة عبر معبر حدودي بري، وتحدث عن “مافيات تهريب” تستغل حاجة هؤلاء النساء إلى مورد رزق.

وقال التقرير إن النساء اللواتي يمارسن ما يسمى “التهريب المعيشي”، يتعرضن “لسوء معاملة وتحرش وسرقة وأمراض”، مقدرا عددهن بنحو 3500 امرأة من مختلف الأعمار بالإضافة إلى نحو 200 قاصر.

وكانت إعادة فتح المعابر إحدى الاتفاقيات الرئيسة التي تم التوصل إليها في أبريل 2022 بين حكومتي إسبانيا والمغرب، عقب اللقاء بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس بيدرو سانشيز، لكن الاتفاق لم يحدد موعدا محددا لافتتاح المعابر بسبتة ومليلية.

وقالت مصادر دبلوماسية إن لجنة العمل المُكلفة بالنظر في العراقيل التي تقف أمام الاختبارات التجريبية لفتح المعابر تشتغل بشكل فعال انعكاسا للتنسيق الثنائي المتواصل، ومن المرتقب أن يُجرى اختبار تقني يظهر صلابة الإصلاحات التقنية التي تم اتخاذها من طرف اللجنة.