إسرائيل تعدل بوصلتها صوب إفريقيا لتطويق التمدد الإيراني

إسرائيل تكثف مساعيها لتطبيع العلاقات مع موريتانيا والصومال والنيجر، في ظل حرص تل أبيب على توسيع قائمة الدول الموقعة على اتفاقيات السلام.
جهود لبناء أحزمة لتطويق التمدد الإراني بعد أن ثبت تورط طهران في دعم جبهة البوليساريو

القدس - تكثف إسرائيل من مساعيها لتطبيع العلاقات مع 4 دول من بينها موريتانيا مستثمرة المساعدة الأميركية التي تحظى بها في هذا الشأن، فيما أكد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في تصريح أدلى به مطلع الشهر الماضي أن واشنطن تعمل على توسيع دائرة التطبيع مع الدول العبرية، في وقت لا يخفى فيه اهتمام تل أبيب بأفريقيا بهدف وضع حدّ للتمدد الإيراني بالمنطقة.

وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" نقلا عن مصادر سياسية لم تسمها أن "وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين يعمل على تطبيع العلاقات مع موريتانيا والصومال والنيجر وإندونيسيا"، مضيفة "بالطبع، يشارك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جهود وراء الكواليس، تماما مثل بلينكن ومستشار الأمن القومي الأميريكي جيك سوليفان، والوسيط الأميركي عاموس هوكشتين الذي توسط في الاتفاق الإسرائيلي - اللبناني لترسيم الحدود البحرية بين البلدين".
وأشارت إلى أن "المفاوضات مع موريتانيا في حالة متقدمة، كما ألمح كوهين الأسبوع الماضي في اجتماع مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك وطلب خلاله منها رسميا مساعدة إسرائيل في تحقيق انفراج مع موريتانيا والنيجر".
غير أن ألمانيا نفت الثلاثاء وجود أي علاقة بين زيارة مساعدة وزيرة خارجيتها كاتيا كول إلى موريتانيا والضغوط على حكومة نواكشوط للتطبيع مع إسرائيل.
ونقل موقع "الأخبار" الموريتاني عن مصدر، لم يكشف عنه، في السفارة الألمانية بالعاصمة نواكشوط، قوله إن "الزيارة تتعلق حصرا بتعزيز التعاون بين البلدين ورفع مستوى إدماج المرأة في الحكم".
وتابعت "اعتادت إسرائيل وموريتانيا على إقامة علاقات دبلوماسية تأسست عام 1999، لكنهما قطعتا العلاقات عام 2008 بسبب حرب إسرائيل على قطاع غزة".
وبخصوص الصومال، أفادت الصحيفة بأنه "لم تكن هناك علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والصومال، لكن خلال العام الماضي، ذكرت تقارير أن رئيس البلاد حسن شيخ محمود مهتم بإقامتها".
وأوضحت الصحفية أن "إسرائيل مهتمة أيضا بإقامة علاقات بالنظر إلى موقع الصومال الإستراتيجي المهم بين خليج عدن والمحيط الهندي عند مدخل البحر الأحمر".
وبشأن النيجر، قالت إنه "لم يكن لإسرائيل أبدا علاقات دبلوماسية رسمية مع النيجر"، مستدركة "وحتى تلك التي كانت موجودة بشكل غير رسمي لم تنجح خلال حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973) والانتفاضة الفلسطينية الثانية، لكن لم تُبذل أي جهود لإعادة تأسيسها منذ ذلك الحين".
وعن أهمية هذا البلد الإفريقي لتل أبيب، أفادت بأن "إسرائيل مهتمة بتطبيع العلاقات مع النيجر لأنها مورد عالمي لليورانيوم وعلاقاتها مع إسرائيل قد تمنع بيع المواد لدول معادية وتقلل من عدد الدول التي تصوت ضد إسرائيل في المحافل الدولية"
كما ذكرت الصحيفة أن كوهين يعمل أيضا على تطبيع العلاقات مع إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم (من حيث عدد السكان) وعلى الرغم من أن جاكرتا ليست لديها علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، إلا أنه كانت هناك روابط غير رسمية في التجارة والتكنولوجيا والسياحة.

كما يقترب السودان من توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل بعد الزيارة التي أداها وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إلى الخرطوم في 2 فبراير/شباط الماضي بهدف تسريع العملية، بينما أقرّ المسؤول الإسرائيلي بأن بلاده تأمل في الدخول في اتفاقيات مع دول أخرى بما في ذلك موريتانيا وإندونيسيا.

وتهدف إسرائيل من خلال مساعيها لتطبيع العلاقات مع موريتانيا إلى التصدي للتهديدات الإيرانية التي باتت تستهدف استقرار المنطقة في ظل التقارب المسجل بين طهران والجزائر على وقع قطيعة وعداء مع المغرب.

ولا تخرج هذه الجهود عن سياق بناء أحزمة لتطويق التمدد الإيراني بعد أن ثبت تورط إيران في دعم جبهة البوليساريو من خلال نشاط سفارتها في الجزائر، إضافة إلى تكثيف طهران من نشاطها في أفريقيا منذ توقيع المغرب وإسرائيل اتفاقية استأنف بموجبها الجانبان العلاقات الدبلوماسية

وتعمل إيران على فتح منافذ للتخفيف من أزمتها الاقتصادية الخانقة بعد أن أنهكتها العقوبات الدولية، بالإضافة إلى مخططها الرامي إلى تشكيل جبهة خارجية في أفريقيا من بوابة المنطقة المغاربية في مواجهة إسرائيل.

وتظل موريتانيا بحكم موقعها الإستراتيجي مستهدفة من التحالف الإيراني الجزائري، فيما سيمثل انفتاحها على إسرائيل حماية لموقفها الإيجابي إزاء الصحراء المغربية، كما قد يلعب تواجد قوى مغايرة على الساحة دورا بارزا في التصدي لمحاولات الاختراق وضرب استقرار المنطقة.

وتؤكد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنّها تريد توسيع اتفاقيات أبراهام التي قادت دولاً عربية إلى الاعتراف بإسرائيل لأول مرة، في حين يعتبر الفلسطينيون الإعلانات المتتالية للدول العربية تطبيعها للعلاقات مع إسرائيل خروجا عن الإجماع العربي الذي كان قد جعل حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي أساسا لإبرام السلام مع الدولة العبرية.