البرهان يعين رئيس وزراء جديدا للمرة الثانية في أقل من شهر
الخرطوم - يعكس تعيين قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان اليوم الاثنين المسؤول الأسبق في الأمم المتحدة والمرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيسا للوزراء في حكومة بورتسودان، ارتباكا سياسيا، باعتباره يأتي بعد أسبوعين من تسمية دفع الله الحاج، الذي تقلد عدة مناصب في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، في خطوة أثارت حينها انتقادات حادة بما أنها أقامت الدليل على سعي البرهان لإعادة فلول النظام السابق إلى السلطة.
وأجرى البرهان خلال الآونة الأخيرة عدة تعيينات حكومية، مدفوعا برغبته في بث دماء جديدة في فريقه، فيما يرجح أنه يسعى إلى كسب التأييد الدولي بعد المكاسب الميدانية التي حققها الجيش خلال معركة الخرطوم وهو ما يستوجب ترميم علاقاته المتصدعة مع أكثر من دولة بسبب اتهامات كالها جزافا بدعم قوات الدعم السريع.
كما أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي اليوم الاثنين مرسوما دستوريا عين بمقتضاه كلا من سلمى عبدالجبار المبارك ونوارة أبومحمد طاهر، أول سيدتين في مجلس السيادة، ما يرفع عدد أعضائه إلى 9.
وقبل التعيين الجديد كان المجلس يضم 4 أعضاء يمثلون الجيش هم عبدالفتاح البرهان وشمس الدين كباشي وياسر العطا وإبراهيم جابر و3 يمثلون الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في 2020 وهم مالك عقار ويحيى عبدالله وصلاح الدين آدم.
ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه البلاد أزمات معقدة بسبب الحرب التي دخلت عامها الثالث، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة مهام رئيس الوزراء الجديد وقدرته على إدارة البلاد في ظل هذا الصراع.
ويرجح أن تكون التعيينات الجديدة خطوة من قبل البرهان للتعاطي مع المبادرات الهافة إلى وقف الحرب، خاصة بعد أن وسعت قوات الدعم السريع خلال الفترة الأخيرة ضرباتها باستخدام الطائرات المسيرة التي استهدفت العديد من المواقع الحيوية في الخرطوم وبورتسودان، في نقلة نوعية أثبتت قدرة الأخيرة على ترميم خسائرها، كما أسقطت رهانات قائد الجيش الذي أعلن في وقت سابق انتصار قواته في المعركة.
ولم تتضح بعد كامل صلاحيات الحكومة التي سيقودها كامل إدريس في ظل وجود مجلس السيادة والانقسام الذي تشهده البلاد.
وشغل رئيس الوزراء الجديد منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية ''ويبو'' سابقاً كما كان عضوا في لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي خلال فترتين، الأولى من 1992 إلى 1996 والثانية من 2000 إلى 2001، ما يشير إلى احتمال توجه نحو الاستفادة من خبرته في تسوية عدة أزمات.
وكان البرهان قد واجه اتهامات بالسعي إلى إعادة وزراء البشير إلى السلطة بعد أن عين الشهر الماضي دفع الله الحاج رئيسا جديدا للحكومة وعمر صديق وزيرا للخارجية، باعتبارهما من رجال البشير وشغلا عدة مناصب خلال عهده.
وتواجه حكومة بورتسودان تحديات كبيرة في إدارة البلاد في ظل الحرب، بينما تفتقر إلى اعتراف دولي واسع النطاق، بالإضافة إلى أزمات الدبلوماسية مع العديد من دول المنطقة، من بينها الإمارات وكينيا وتشاد بسبب مزاعم دأب فريق البرهان على الترويج لها كلما حققت قوات الدعم السريع مكاسب ميدانية.
ويُنظر إلى البرهان على أنه أجهض عدة مبادرات لوقف الحرب في السودان بعد أن أبدى تعنتا ورفض الانخراط في جهود تسوية الأزمة، بينما أكد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدي" مرارا استعداده الجاد والصادق للتفاوض لإنهاء الصراع على أسس تفضي إلى تأسيس الدولة السودانية الجديدة.
ويبذل المجتمع الدولي جهوداً للضغط على الأطراف المتصارعة لوقف القتال والعودة إلى المفاوضات، فيما تدعو الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى تقديم المساعدات للمتضررين من الصراع.
ويشهد البلد منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون سوداني وأدت إلى جانب تدمير شبه كامل للبنية التحتية والمرافق الطبية في البلاد.