السوداني يبحث في تركيا ملفات إقليمية وثنائية حارقة

رئيس الوزراء العراقي سيحمل معه الى أنقرة أجندات ثقيلة على ملف حزب العمال الكردستاني، وأزمة المياه المتفاقمة، بالإضافة إلى التطورات الأمنية في سوريا وما تشكله من تهديد مباشر لأمن المنطقة.
السوداني سيسعى لتفاهمات ثنائية في ملف المياه الحساس
بغداد وأنقرة تنظران بقلق للتدخلات العسكرية الاسرائيلية في سوريا

بغداد - يستعد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لإجراء زيارة رسمية مرتقبة إلى تركيا خلال الأسبوع الجاري، في إطار تحرك دبلوماسي واسع يهدف إلى معالجة ملفات إقليمية حساسة وتحديات داخلية مشتركة، في مقدمتها ملف حزب العمال الكردستاني، وأزمة المياه المتفاقمة، بالإضافة إلى التطورات الأمنية في سوريا وما تشكله من تهديد مباشر لأمن المنطقة.
وأكدت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي أن الزيارة تحمل طابعاً استراتيجياً، وسط تعقيدات إقليمية تتطلب تنسيقاً عالياً بين بغداد وأنقرة، لا سيما مع تصاعد التدخلات الأجنبية في سوريا، واستمرار العمليات العسكرية التركية شمال العراق تحت ذريعة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني.
وبحسب تصريح النائب مختار الموسوي لموقع "شفق نيوز" الكردي العراقي، فإن السوداني سيطرح ملف حزب العمال الكردستاني كأولوية، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية، والتي باتت تشكل مصدر توتر دائم بين البلدين. وأضاف أن "الصراع المزمن مع حزب العمال يشكل تهديداً حقيقياً للأمن القومي العراقي"، مشيراً إلى أن السوداني سيطالب بإنهاء الوجود العسكري التركي عبر الوسائل القانونية والدبلوماسية.
ويأتي هذا النقاش في وقت لا يزال فيه عبدالله أوجلان، الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، يدعو إلى وقف العمل المسلح واللجوء إلى حلول سلمية مع الحكومة التركية، وهو موقف يعكس انقساماً داخل الحزب بين جناح أكثر تشدداً وآخر منفتح على التسوية.
من جهة أخرى، سيبحث السوداني مع المسؤولين الأتراك الأوضاع المتدهورة في سوريا، التي تشهد تصاعداً في التوترات بين الحكومة الانتقالية وفئات الأقليات، خاصة العلويين والدروز، وسط ضعف في السيطرة المركزية وتفكك داخلي متسارع.
وتُبدي بغداد وأنقرة قلقاً متزايداً من تصاعد التدخلات الإسرائيلية في العمق السوري، والتي تجاوزت حدود الضربات الجوية إلى احتلال فعلي لبعض المناطق الاستراتيجية، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية وتهديداً مباشراً للأمن الإقليمي. كما يخشى البلدان من أن يؤدي هذا التدهور إلى فراغ أمني قد تستغله الجماعات المسلحة أو القوى الدولية المتصارعة في المنطقة.

التدخلات التركية في شمال العراق لا تزال تؤرق الحكومة المركزية في بغداد
التدخلات التركية في شمال العراق لا تزال تؤرق الحكومة المركزية في بغداد

وأحد أخطر الملفات التي ستُطرح بقوة خلال زيارة السوداني هو ملف المياه، في ظل أزمة جفاف غير مسبوقة تضرب العراق وتهدد أمنه المائي والغذائي. وتشير تقارير ميدانية إلى أن بحيرة حديثة، وهي واحدة من أهم مصادر مياه نهر الفرات، تشهد انخفاضاً مقلقاً في منسوب المياه، مما انعكس سلباً على الخطة الزراعية للموسم الحالي.
ويقول أحمد الجميلي، رئيس أحد المراصد البيئية في الأنبار، إن "المياه المتوفرة لا تكفي لتلبية الاحتياجات الزراعية والغذائية، وسبب هذا التراجع يعود إلى ضعف الإيرادات المائية من تركيا وسوء إدارة الموارد داخلياً"، مضيفاً أن "الأمن المائي يجب أن يُعتبر جزءاً من الأمن القومي، وليس ملفاً ثانوياً".
وطالب الجميلي الحكومة العراقية بانتهاج سياسة "التفاوض بالمصالح"، مشيراً إلى أن العراق، باعتباره من كبار مستوردي البضائع التركية، يمكنه استخدام هذه الورقة للضغط في ملف تقاسم المياه. كما دعا إلى الاعتراف بأن المياه العابرة للحدود هي حقوق مكتسبة وليست هبات سياسية.
بالإضافة إلى الملفات الأمنية والمائية، ستشهد الزيارة توقيع مذكرات تفاهم ثنائية في مجالات متنوعة من بينها الأمن، والنقل، والتخطيط، والتعليم، والصناعة، والاتصالات. وأعلنت السفارة العراقية في أنقرة عن وصول وفد رسمي تمهيداً لتوقيع هذه الاتفاقيات خلال زيارة السوداني.
ومن المنتظر أن يشكّل مشروع طريق التنمية أحد المحاور الأساسية للنقاش، حيث يُعد العراق وتركيا شريكين استراتيجيين في هذا المشروع الطموح الذي يربط الخليج بأوروبا عبر شبكة نقل بري وسككي.
كما يتوقع أن يبحث الجانبان في سبل تعزيز التجارة الثنائية وتوسيع التعاون في قطاعي الطاقة والبنى التحتية، خاصة في ظل رغبة أنقرة في تعزيز وجودها الاقتصادي في العراق، مقابل رغبة بغداد في تنويع شركائها الاستراتيجيين.
وتأتي زيارة السوداني إلى تركيا في سياق تبادل زيارات رفيعة المستوى بين البلدين، حيث أعلن وزير النقل التركي، عبدالقادر أورال أوغلو، أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيزور العراق خلال النصف الأول من العام الحالي، ما يعكس رغبة الطرفين في ترسيخ شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد.