السويداء تعرض التعاون مع الأردن لمحاربة تجار المخدرات مع صمت دمشق

حركة "رجال الكرامة" تحمل دمشق المسؤولية المباشرة عن ملف المخدرات من تسهيل تحويل جنوبي سوريا إلى منطقة تخزين وتهريب.

السويداء (سوريا) - أعلنت حركة "رجال الكرامة" إحدى أكبر الفصائل العسكرية في السويداء جنوب سوريا، مبادرة من تسعة بنود موجهة إلى الأردن لتجنّب موت المدنيين، خلال الضربات التي يستهدف فيها تجار المخدرات والمهربين في المنطقة التي يتمركزون فيها، وسط صمت دمشق عما يجري.

وأعلنت الحركة في بيان استعدادها لملاحقة جميع المتورطين بتهريب وتجارة المخدرات، بعد تقديم الجانب الأردني قوائم بأسماء المتورطين. وانتقدت النظام السوري وحملته المسؤولية المباشرة عن ملف المخدرات من تسهيل تحويل جنوبي سوريا إلى منطقة تخزين وتهريب، داعية المجتمع المحلي والوجهاء والمرجعيات الدينية للوقوف عند مسؤولياتهم.

وأثرت استهدافات الطيران الأردني المتكررة (لم يتبناها الأردن رسميًا) لمناطق مأهولة بالسكان بمحافظة السويداء على حياة المدنيين في الريف الجنوبي والشرقي للمحافظة.، وكان آخرها استهداف بلدتي عرمان وملح جنوبي السويداء، في 18 يناير/ كانون الثاني، ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص.

وأحدثت الغارات أضرارا مادية بدمار المنازل المستهدفة وإلحاق الأضرار بالمباني المجاورة، ما خلف مخاوف للسكان من تكرارها. وذكرت حركة "رجال الكرامة" أنها ألقت خلال الشهرين الماضيين القبض على أكثر من 30 تاجرًا ومروجًا ومهربًا للمخدرات. واعتبرت أن الاعتداء على المدنيين لن يكون حلًا يردع تجار ومهربي المخدرات إنما يأتي بنتائج عكسية.

ولم تواجه السويداء على وجه الخصوص القصف الجوي من قبل إذ لم تتعرض لعمليات قصف جوي طيلة سنوات الحرب في سوريا على عكس ما حصل في بقية المحافظات السورية التي تعرضت لقصف النظام السوري والروس بشكل مستمر لسنوات، لكن السكان اليوم يعيشون هواجس من عمليات قصف مشابهة قد تتكرر مستقبلًا، كما أن مشهد الأشلاء أثرت على نفسيتهم خصوصا الأطفال.

وذكر سكان محليون إن مخاوف أبناء المنطقة من تكرار عمليات القصف لأن التجار يعيشون بين المدنيين، وقبل استهداف كبار تجار المخدرات بأيام هربوا من منازلهم وتركوا السكان ضحية نشاطهم في تجارة المخدرات وعشوائية القصف الأردني.

وتأتي مبادرة حركة "رجال الكرامة" بعد يومين من مقتل عشرة أشخاص بينهم خمسة نساء وطفلتان وجرح ثلاثة آخرين، إثر قصف بطائرات حربية أردنية لمناطق سكنية في بلدتي عرمان وملح المتجاورتين، في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة السويداء.

وتطالب الحركة السلطات الأردنية بوقف العمليات العسكرية ضد المواقع المدنية وتوخي الحذر عند تنفيذ أي عملية، واطلاع الحركة على تحركاتهم العسكرية والتنسيق معها، في مبادرة تتألف من تسعة بنود، تبدأ بمطالبة القيادات العسكرية في الأردن المسؤولة عن القصف السابق برفع الضرر الواقع على ممتلكات المدنيين، وتعويضهم على خسائرهم، والتحقيق الشفاف بمصادر معلوماتهم التي تسببت بقتل مدنيين، والاعتذار لذويهم معنويًا وتعويضهم ماليًا، ووقف الاستهداف العشوائي للمساكن والأراضي الزراعية، التي تشل الحركة في القرى الجنوبية، وتتسبب بنزوح جماعي عنها.

ودعت الجهات في الأردن وبالطريقة التي تناسبها، تسليم "الحركة" لوائح بأسماء الموجودين ضمن محافظة السويداء ممن تعتقد أنهم متورطون في تجارة وتهريب المخدرات.

كما توجهت الحركة إلى القوى المحلية، مطالبة العائلات والمرجعيات الأهلية على مختلف الصعد في السويداء، بموقف مُعلن وواضح من المدانين من أبناء السويداء بالتورط في تجارة وتهريب المخدرات، ورفع الغطاء الاجتماعي عنهم ورفض التوسط لهم. مع تظافر الجهود المحلية لتفادي ما واجهته "الحركة" في السنوات الماضية من ضغوط أهلية واجتماعية لوقف عملياتها ضد مهربي مخدرات ومتزعمي عصابات، واعتبار أي تواسط للمتورطين سيكون صاحبه شريكًا للمتورط. ومساعدة حركة رجال الكرامة بقية القوى الأهلية والمدنية والمرجعيات الاجتماعية والروحية في السويداء، بملاحقة المتورطين والتحقيق معهم، ومحاسبتهم إن أثبت تورطهم، بجميع الطرق والوسائل المتاحة، قانونيًا وعشائريًا.

ودعت الزعامات الدينية والاجتماعية والتقليدية في كل منطقة أو قرية من الجبل، والعائلات والشخصيات السياسية، لتصدير مواقف واضحة ومعلنة وغير مواربة، ضد كل من يتورط بتجارة المخدرات وترويجها وتهريبها ضمن مناطقهم، وتحديد المتورطين بالاسم، ومؤازرة "الحركة" في ملاحقتهم.

وطالبت جميع الفعاليات والمرجعيات المدنية والأهلية والروحية في السويداء، للوقوف عند مسؤولياتها، والعمل على استعادة مؤسسات الدولة لخدمة الشعب، بما فيها القضاء، وأعمالها بالحق، ورفض التدخلات السياسية والأمنية والعسكرية فيها.

وتأُسّست حركة "رجال الكرامة" عام 2013، بعد التوترات الأمنية التي عاشتها المنطقة حينذاك، وملاحقة الحكومة السورية للمطلوبين للخدمة الإلزامية في المحافظة الذين وصلت أعدادهم إلى عشرات الآلاف، وأمّن الشيخ وحيد البلعوس قائد الحركة ومؤسسها حماية هؤلاء المطلوبين.

وبعد اغتيال البلعوس، في سبتمبر/ أيلول 2015، عيّنت الحركة شقيقه رأفت البلعوس، الذي أصيب في تفجير اغتيال شقيقه أيضًا، قائدًا جديدًا للحركة.

وألقى كلمة اتهم فيها المخابرات السورية باغتيال شقيقه، مؤكدًا أن الحركة ستستمر على نفس النهج مع حفاظها على “وحدة سوريا وانتمائها إليها، وتحريم التعدي على السويداء، وتحريم التعدي منها على الآخرين”.

ويقول ناشطون أن المسؤول الأول عن عمليات تجارة وتهريب المخدرات في الجنوب السوري مجموعات مسلحة متفرقة تتبع بشكل رئيس لمفارز أمنية تابعة للنظام السوري، ولا تخفى هذه الهيكلية عن سكان المنطقة. وانتشرت هذه العصابات في قرى جنوبي وشرقي السويداء، لقربها من الحدود الأردنية، ومن أبرزها الشعاب، وملح، وعرمان، وصلخد.

وفي قرية الشعّاب ينشط مهربون من آل الرمثان، أبرزهم مرعي الرمثان الذي قتل في غارة جوية يرجح أنها أردنية منتصف عام 2022، بعدما شكّل شبكة من شباب المنطقة من العشائر لتهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية.