
الشاعران نزال ونصيف يستحضران في البيت العربي الجرح الفلسطيني
في أمسية مختلفة نظم بيت الشعر بمدينة المفرق أمسية شعرية في مقر منتدى البيت العربي الثقافي للشاعرين العراقيين مكي نزال ومحمد نصيف، بحضور مدير البيت فيصل السرحان وحضور رئيس منتدى البيت العربي الثقافي المهندس صالح الجعافرة، وبحضور حشد من المثقفين والمهتمين، وأدار مفرداتها الشاعر الدكتور علي الشوابكة الذي تحدث بلغته العالية ومشيدا برسالة الشارقة الثقافية بصفتها حاضنة من أهم الحواضن الثقافية العربية بقيادة حاكمها راعي الفكر والأدب والثقافة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
القراءة الأولى استهلها الشاعر مكي نزال صاحب التجربة الشعرية العميقة المكتنزة بالمعرفة والثقافة، حيث قدم مجموعة من قصائده التي استحضر فيها جراحات الأمة بلغة موحية ومعبرة عن كوامن النفس البشرية، نختار مما قرأ:
"في خيالي فستان عرس وزفة/ وطيور عجيبة اللون/ شفة ووجوه سعيدة/ وقلوب/ حول عيني عروسها ملتفة/باسقات النخيل ترقص جذلى/ وفرات في الغيم يضربُ دُفَه/نصف قلبي بكى لفرحة عمري/ في بعيد وضيع الحزن نصفه/كان صحبي يضمدون جراحي/ وهم اليوم في نعيم وترفة/ودعوني وقيل إن لقاء/ سوف يأتي بعد انتظار بلهفة/قيل إن المنى تنال سريعًا/ حين تمضي النفوس للحتم عقة/ويح نفسي ألم تكن تتمنى؟/كيف تنجو من المنايا بخفة؟/قبل عشرين من سني شقاء/ لم ترد في الحساب لفظة رأفة/إنما يسأل الجميع جميعًا/عن مواقيتهم بلطف وطرفة/من سيبقى على المسارب حيا/ من سيلقى بأول الدرب حتفه؟/وهل الفقد غير محض حياة/ خارج الوقت والمكان ترفه/كان جل الحديث فحوى رحيل/ بامتثال ورغبة لا تُسفه/وحكيم يصيح يا صحب رفقا/ جعل الله أول من شاء لطفه يا لهول السؤال ساعة جد/هو وموت يا قوم لن نستخفه/أنتم للعراق خير ضمادٍ/ إن رحلتم فمن سيوقف نزفه/ يا حكيمًا يثور والصدر عار/ إن بين الحياة والموت ألفة/كم جسور يداهم الموت حيًّا/ بَيْدَ أن اقترابه فيه رجفة/ يتخطى قفار رعب بعزم/ وتُداري شجاعة القلب خوفه/ويح نفسي وكان فيها مناكم/أفلتت من عقارب الوقت هفة/وقفت مثلما أطلتم وقوفا/ تتحدى بوقفة إثر وقفة".
من جهته الشاعر الإعلامي محمد نصيف قدم غير قصيدة امتازت بسمو الكلمة المعبرة عن شؤون الذات الشاعرة المشغولة بالهم الإنساني وجدل الروح مع محيطها الحياتي معبرا عن عذاب فلسطين وما يتعرض له الشعب الفلسطيني والقدس.

ومما قرأ نختار قصيدته "القدسُ وجرحُ النكسة" حيث يقول فيها:
"خمسونَ عاماً وجرحُ القدسِ ما هَجَعَا
وصـمـتُـنـا عنْ أذاها زادَها وَجَعَا
خمسونَ عاماً تداوي جُرْحَ نكستِها
وكمْ دعيٍّ بها في طعنِها بَرَعَا
تنوحُ بالمسجدِ الأقصى قصائدُنا
نوحَ الحمامِ بنجوى حزنِهِ سَجَعَا
نَمَا الحنينُ على أضلاعِنا شجراً
وكلُّ غصنٍ بهِ مِنْ دمعِنا رَضَعَا
وكمْ مِنْ الوجدِ لمْ يطفأ بغيثِ منى
وكمْ مِنَ الشوقِ في أعماقِنا قُمِعَا
وتلتظي حسراتُ الشوقِ في دمِنا
ضاقَ المدى بلظانا قدرَ ما اتّسَعَا
مواكبُ الموتِ ما زالتُ تطوفُ بها
وكلُّ ركنٍ بها مِنْ موتِها شَبِعَا
فلا المواويلُ في أفراحِها صَدَحَتْ
ولا السلامُ إلى حاراتِها رَجَعَا
والمدّعونَ افتتناناً في محبّتِها
صاروا لمِنْ سَرَقَوا أهدابَها تَبَعَا
والنائحونَ على شكوى مواجعِها
يُمالئونَ الذي مِنْ لحمِها قَطَعَا
والحارسونَ حِمَاها والعدوُّ هُمُ
هُمُ الذينّ أحالوا أمنَها فَزَعَا
فليسَ مِنْ زارعٍ حقلَ الحياةِ أذى
إلاّ جَنَى نَادماً مِنْ مرِّ ما زَرَعَا
خمسونَ عاماً وبعضُ العربِ في سَفَهٍ
يستلطفونَ مِنَ الأفعالِ ما شَنُعَا
ويُنغِضُونَ رؤوساً ملؤُها عَفَنٌ
إنْ صاحبُ الحقِّ فينا للجهادِ دَعَا
فالراكعونَ على أعتابِ ذلّتِهِمْ
يغيظُهُمْ كلُّ رأسٍ ظلَّ مُرْتَفِعَا
ويأملُونَ انتفاعاً مِنْ مذلَّتِهِمْ
هلْ مِنْ ذليلِ حِمَى مِنْ ذلّهِ انْتَفَعَا
فأضعفُ الحقِّ ما يُعطى لطالبِهِ
منّاً، وأصلبُهُ ما جاءَ مُنْتَزَعَا".
وبدورها فضائية الشارقة قامت بتغطية الأمسية صوتا وصورة.