
العراق يقترب من خيار مرشح الرئيس لتشكيل الحكومة
بغداد - يقترب الرئيس العراقي برهم صالح مع قرب انقضاء المهلة التي منحها للكتل السياسية البرلمانية لتسمية أو ترشيح شخصية توافقية ومقبولة لدى الحراك الشعبي، من خيار مرشح الرئيس لرئاسة الوزراء.
ولم تظهر حتى الآن مؤشرات على توافق الكتل البرلمانية الشيعية على اختيار شخصية توافقية لهذا المنصب بينما ألقت معظمها الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، في الوقت الذي تستمر فيه حالة الفراغ الدستوري منذ انتهاء المهلة أمام الرئيس بتكليف مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة في 16 ديسمبر/الماضي جراء الخلافات العميقة.
وذكرت مصادر سياسية عراقية الخميس أن الكتل السياسية لم تحسم بعد قراراها في ترشيح شخصية لرئاسة الحكومة، فيما تنقضي في الأول من فبراير/شباط المهلة التي حددها صالح لحسم هذا الأمر.
وتتردد في الكواليس ثلاثة أسماء قد يتم ترشيحها لرئاسة الحكومة وهي رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي الذي عيّنه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي في هذا المنصب وكانت منتميا لحزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وإضافة إلى الكاظمي، تردد اسم كل من توفيق محمد علاوي النائب والوزير الأسبق في حكومة المالكي وكذلك علي الشكري الذي كان وزيرا للتخطيط في الفترة من 2011 إلى 2014.
وأعلن تحالف سائرون الذي يتزعمه مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، استمرار المشاورات السياسية، إلا أنه جدد تأكيده على عدم دخوله في نقاشات مع كتل سياسية لتسمية مرشح لرئاسة الحكومة.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن غايب العميري النائب عن تحالف سائرون قوله إن "التحالف لم يشترك مع أي جهة سياسية لتسمية رئيس الحكومة وأوكل هذه المهمة للجماهير".
وحسب المصدر ذاته دعا العميري "وسائل الإعلام كافة إلى توخي الحذر بنقل المعلومات، وأن لا توهم الشعب العراقي بأخبار عارية عن الصحة".
وكان تحالف سائرون قد حذّر من استمرار المماطلة في ملف اختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة، مشيرا إلى أن ضرورة حسم هذا الأمر لما يسببه من انعكاسات سلبية على الواقع العراقي المحلي.
ولم تتضح إلى الآن ملامح الشخصية التي يمكن أن ترشحها الكتل السياسية الشيعية أو الرئيس العراقي في حال فشلها (الكتل السياسية) في الاتفاق على شخصية توافقية.
لكن مدير المكتب الإعلامي لرئيس ائتلاف دولة القانون هشام الركابي قال في تغريدة على حسابه بتويتر إن "موقف الائتلاف من المرشحين لرئاسة الوزراء هو عدم الاعتراض على أي شخصية تمتلك مقبولية سياسية وشعبية وتتمتع بالمواصفات التي طرحتها المرجعية الدينية العليا".
وألقت كتلة سائرون بالكرة في ملعب برهم صالح بأن عبّرت عن أملها في أن يكون هو صاحب المبادرة بترشيح شخصية وفقا للمواصفات التي يطالب بها المتظاهرون أي أن يتمتع بالاستقلالية والكفاءة وأن يكون توافقيا وقادر على تشكيل حكومة قوية لإدارة شؤون الدولة وتضع على عاتقها تحقيق المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين.
وأعلن حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق رئيس ائتلاف النصر في تغريدة على تويتر أنه ليس طرفا بطرح مرشّح لرئاسة الوزراء في هذه المرحلة، مطالبا باختيار شخصية مؤهلة تحظى بقبول وثقة الشارع لرئاسة الوزراء.
وجدد تمسكه باختيار شخصية توافقية لتشكيل الحكومة وقيادة المرحلة الانتقالية لتهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرة نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة.
وتأتي هذه التطورات بينما طالب بشير خليل الحداد نائب رئيس البرلمان العراقي الخميس "رؤساء الكتل وقادة الأحزاب والشركاء في العملية السياسية بضرورة إنهاء ملف تشكيل الحكومة الجديدة لأن العراق يمر بمرحلة حساسة ومعقدة"، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لمجلس النواب.
وأكد الحداد على "أهمية إدراك الجميع خطورة الموقف وتفاقم المشاكل الأمنية والاقتصادية وشلل حركة الحياة في مناطق عديدة من البلاد وعدم سيطرة الحكومة الحالية على الأوضاع العامة مما تسبب بقلق كبير لدى عامة الشعب".
وطالب بالإسراع في حسم اسم المرشح لرئاسة الوزراء "لأن الأوضاع باتت مقلقة جدا في ظل استمرار المظاهرات وسقوط الضحايا يوميا واستمرار التوتر"، داعيا حكومة تصريف الأعمال برئاسة عادل عبدالمهدي إلى "تحمل مسؤوليتها في حماية المتظاهرين السلميين والاستجابة لمطالبهم المشروعة والمحافظة على الأمن".
كما أكد أن مجلس النواب مستعد لعقد جلسة استثنائية في أي وقت في حال التوافق على مرشح لرئاسة وتشكيل الحكومة.
وفيما تستمر الأزمة السياسية في العراق على وقع احتجاجات لم تهدأ، حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت على زيادة الجهود لكسر الجمود السياسي، قائلة إن "استمرار خسارة أرواح الشباب في العراق أمر لا يحتمل".
وأعلنت البعثة الأممية المتحدة (يونامي) الخميس مقتل 467 متظاهرا منذ بدء الاحتجاجات، موضحة أن "المعلومات الأولية ترجع معظم الوفيات والإصابات لاستخدام الذخيرة الحية وتأثير عبوات الغاز المسيل للدموع، في حين حدثت إصابات إضافية نتيجة لضرب قوات الأمن المتظاهرين بالعصي".
وقالت "منذ 17 يناير/كانون الثاني الجاري، قتل ما لا يقل عن 19 متظاهر فضلا عن إصابة أكثر من 400 جريح على يد قوات الأمن في بغداد والبصرة وذي قار وديالى وديوانية وكربلاء".
وحذرت من أن "زيادة استخدام الذخيرة الحية من قبل قوات الأمن مؤخرا وإطلاق النار من قبل مسلحين مجهولين على المحتجين واستمرار قتل المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، أمر مثير للقلق".
والأرقام التي نشرتها المنظمة الدولية أقل من المعلنة مؤخرا من قبل منظمة العفو الدولية والرئيس العراقي برهم صالح، حيث تحدثا عن مقتل ما لا يقل عن 600 متظاهر منذ بدء الاحتجاجات.
وتأتي هذه الأرقام المتضاربة وسط إحجام وزارة الصحة العراقية وبقية المؤسسات الحكومية عن الكشف عن الأرقام المسجلة لديها.
وأجبر الحراك الشعبي حكومة عبدالمهدي على الاستقالة في الأول من ديسمبر/كانون أول من العام الماضي، وسط إصرار المحتجين على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.