العمال واللاجئون والانفصاليون أدوات الرد السوداني على إثيوبيا

محللون يقولون إن بإمكان الخرطوم دعم جبهة تحرير تيغراي الانفصالية للزيادة في متاعب السلطات المركزية في إثيوبيا.
السودان يدرس الردود الدبلوماسية والعسكرية على إثيوبيا
تونس

يرجح محللون أن يصعّد السودان في رده على حادثة إعدام جنوده في إثيوبيا مؤكدين على أن في يد الخرطوم ورقات داخلية وخارجية ستسعى لاستخدامها ضد أديس أبابا مع مراعاة التدرج في الرد من السلمي إلى العسكري.
ويتهم السودان إثيوبيا بتصفية سبعة من جنوده ومواطن سوداني والتمثيل بهم على الملأ، بحسب ما ذكر بيان الخارجية السودانية.
وجاء في البيان "تدين وزارة خارجية جمهورية السودان بأشد العبارات ما أقدم عليه الجيش الإثيوبي من جريمة نكراء تجافي مبادئ القانون الإنساني الدولي بقتله سبعة أسرى من الجنود السودانيين ومواطنا مدنيا بعد اختطافهم من داخل الأراضي السودانية بتاريخ 22 يونيو 2022م، واقتيادهم إلى داخل الأراضي الإثيوبية وقتلهم".
وقال بيان رسمي صادر عن الجيش السوداني إن "التصرف الإثيوبي يتنافى مع كافة القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، مشددا على أن "هذا الموقف الغادر لن يمر بلا رد، وسيتم الرد على هذا التصرف بما يناسبه".

وفي علاقة بإمكانات الرد المتاحة أمام السودان الذي تتعرض قياداته لضغط داخلي واسع بفعل تزايد الغضب الشعبي والمطالبة بالثأر، أفاد الدبلوماسي السابق والمتخصص في الشؤون الإفريقية خليل بن عبد الله في تصريح خاص لـ"ميدل إيست أونلاين" أنه "في مثل هذه الحالات تبادر الدولة المتظلمة بالاحتكام إلى الأعراف والقوانين الدولية".
وأضاف أن السودان الذي توجه فعلا إلى مجلس الأمن الدولي بإمكانه توسيع تدويل القضية عبر التظلم لدى المنظمات الحقوقية ذات الصلة، سواء الإقليمية على مستوى القارة الإفريقية والمنطقة العربية، أو الدولية والأممية.

أكثر من مليونيْ لاجئ ومئة ألف عامل إثيوبي يقيمون في السودان

وذكر بيان الخارجية السودانية أن "حكومة السودان تحتفظ بكامل الحق الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة في الدفاع عن أراضيها وكرامة إنسانها".
كما استدعت الخارجية السودانية الاثنين، سفيرها في أديس أبابا للتشاور، واستدعت السفير الإثيوبي في الخرطوم للاحتجاج على ما قام به الجيش الإثيوبي.
وأكد المحلل السياسي حمدي رجب لـ"ميدل إيست أونلاين" أن في يد السودان ورقات ضغط عديدة أبرزها ورقة اللاجئين الإثيوبيين في السودان الذين تقدر الأرقام الرسمية السودانية عددهم بالمليونيْ لاجئ، بينما تقول منظمات إنسانية إن عددهم يفوق الـ3 ملايين.
وأغلب هؤلاء اللاجئين هم من الفارين من منطقة تيغراي المتاخمة للحدود الشرقية للسودان والتي تشهد مناوشات عسكرية توسعت لتشمل معظم المساحات الزراعية على طول الشريط الحدودي بين البلدين.
وتوقع رجب أن يتخلى السودان عن موقف الحياد إزاء جبهة تحرير تيغراي التي نشب فيها القتال في تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2020 بعد أشهر من التوتر بين السلطات الفيدرالية والجبهة التي تسيطر على إقليم تيغراي الواقع شمالي البلاد.
وتطالب جبهة تحرير تيغراي التي تُعتبر تنظيما إثنيا، بالانفصال عن إثيوبيا متعللة بالمادة 39 من دستور البلاد الذي يتيح "لكل شعب من شعوب إثيوبيا حق تقرير المصير والانفصال غير المشروط".
ويقول رجب إن "بإمكان السودان الذي أعلن حياده إزاء النزاع المسلح بين السلطات المركزية الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي، أن يدعم الجبهة بالوسائل العسكرية والدبلوماسية ليزيد من متاعب السلطات الإثيوبية".
وأضاف "يجب ألا ننسى ملف العمالة الإثيوبية إذ يتوافد على السودان ما يقارب الـ100 ألف عامل إثيوبي وبإمكان السودان قطع الطريق عليهم مما سيخلق أزمة اقتصادية في إثيوبيا".

إغلاق معبر القلابات الذي يُعتبر أحد شرايين التبادل التجاري وتوافد العمالة الإثيوبية

وشرع الجيش السوداني في اتخاذ أول قراراته بإغلاقه الإثنين، معبر القلابات الذي يُعتبر أحد شرايين الأنشطة التجارية بين البلدين فضلا عن كونه يمثل أحد أهم المعابر التي ينفذ عبرها العمال الإثيوبيون إلى داخل الأراضي السودانية.
ولدى وصوله ظهر الاثنين إلى منطقة الفشقة الحدودية، شدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، على أن "الرد سيكون على الأرض واقعا ملموسا".
ونفت إثيوبيا مسؤوليتها عن الحادثة متهمة جماعات "مارقة" بارتكابها، في إشارة إلى ميليشيات الشفتة أو "الفانو". بيد أن محللين سودانيين يقولون إن تلك الميليشيات "هي في الأصل وحدات من الجيش الإثيوبي، ترتدي الزي المدني لأغراض التمويه".
ويتهم السودان منذ أكثر من عقدين من الزمن  حكومة أديس أبابا بدعم ميليشيات الشفتة الإثيوبية التي تمكنت من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الخصبة في منطقة الفشقة وطرد المزارعين السودانيين بالقوة.
وتنفي إثيوبيا الاتهامات السودانية وتقول إنها "مجرد جماعات خارجة عن القانون"، الأمر الذي دفع بالسودان إلى التوغل داخل الأراضي الإثيوبية لمطاردة عناصر الميليشيات ونجح في أواخر سنة 2020 في استرجاع حوالي 90 بالمئة من الأراضي الزراعية.