المعارضة تتهم أردوغان بجر تركيا إلى الهاوية

معارضون أتراك يعتبرون أن قرار الرئيس رجب طيب أردوغان بطرد سفراء 10 دول طالبوا بالإفراج عن الناشط المسجون عثمان كافالا، محاولة لصرف النظر عن الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها تدخلا أردوغان في السياسة النقدية.
تهديدات أردوغان استعراضية ومحاولة لاستقطاب الناخبين
اعتبار أردوغان سفراء 10 دول غير مرغوب فيهم ينذر بأزمة دبلوماسية

إسطنبول - اتهم كمال كيليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه "يجر البلاد بسرعة إلى الهاوية"، على خلفية قرار الأخير بطرد 10 سفراء دول حليفة أنقرة بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا لمطالبتهم بالإفراج عن الناشط والمعارض عثمان كافالا.

وموقف كيليجدار أوغلو لم يكن الوحيد في خضم أزمة افتعلها الرئيس التركي لصرف النظر عن الأزمة الاقتصادية التي ساهمت تصرفاته وتدخلاتها في تعميقها.

وقال زعيم الشعب الجمهوري في تغريدة على تويتر "السبب في هذه التحركات ليس حماية المصالح الوطنية بل إيجاد أسباب مصطنعة لتخريب الاقتصاد".

وقال معارضون سياسيون لأردوغان إن تعليماته بطرد سفراء عشر دول غربية حليفة لأنقرة كانت محاولة لصرف الأنظار عن متاعب تركيا الاقتصادية بينما عبر محللون عن أملهم في تجنب طردهم.

وقال أردوغان أمس السبت إنه أمر باعتبار السفراء العشرة أشخاصا غير مرغوب فيهم لمطالبتهم بالإفراج عن رجل الأعمال عثمان كافالا الذي ينفق من ثروته في أوجه الخير. وإلى الآن لم تنفذ وزارة الخارجية التركية تعليمات الرئيس التي ستتسبب في أعمق خلاف مع الغرب خلال حكم أردوغان المستمر منذ 19 عاما.

وتتزامن الأزمة الدبلوماسية مع مخاوف المستثمرين من انخفاض قياسي في قيمة الليرة التركية بعد أن دفعت ضغوط من أردوغان استهدفت تحفيز الاقتصاد، البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس في الأسبوع الماضي.

وكافالا الذي يسهم في تمويل الكثير من منظمات المجتمع المدني، محبوس منذ أربع سنوات بتهمة تمويل احتجاجات في أنحاء البلاد في عام 2013 والضلوع في انقلاب فاشل في عام 2016. وينفي كافالا الاتهامات ويستمر حبسه على ذمة المحاكمة.

وقال يافوز أجير علي أوغلو نائب زعيم حزب الخير المعارض "رأينا هذا الفيلم من قبل. عد في الحال إلى أجندتنا الحقيقية ومشكلة هذا البلد الأساسية وهي الأزمة الاقتصادية".

وقال أردوغان إن السفراء وقحون وليس لهم الحق في المطالبة بالإفراج عن كافالا، مشددا على أن القضاء التركي مستقل.

واستغرب سنان أولجين رئيس مركز الأبحاث إيدام الذي يتخذ من إسطنبول مقرا له وهو دبلوماسي تركي سابق، التوقيت الذي اختاره أردوغان لأنه جاء في الوقت الذي تسعى فيه تركيا إلى إعادة رسم سياستها الخارجية بعيدا عن وقائع التوتر في السنوات الأخيرة.

وقال على تويتر "ما زلت آمل في ألا تمضي أنقرة في هذا الأمر" الذي وصفه بأنه إجراء غير مسبوق بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي.

وقال أيضا "تعمل مؤسسة السياسة الخارجية بجد لإيجاد صيغة أكثر قبولا (للعدول عن الطرد). لكن الوقت ينفد".

ولم يمض أردوغان قدما على الدوام في تنفيذ تهديداته، في ممارسات تعتبر استعراضية ومحاولة للفت الانتباه عن مسائل أخرى أكثر إلحاحا وأيضا في محاولة لتسجيل نقاط انتخابية واستقطاب المزيد من الأنصار بينما شعبيته في أدنى مستوياتها بسبب الأزمة الاقتصادية وبفعل فشل حكومته في كبح انهيار الليرة وارتفاع نسبة التضخم إلى نحو 20 بالمئة.

وكان قد أعلن في العام 2018 أن تركيا ستقاطع السلع الإلكترونية الأميركية وكان ذلك خلال نزاع مع واشنطن، لكن مبيعات السلع الإلكترونية الأميركية لتركيا لم تتأثر. وفي العام الماضي دعا الأتراك إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية بسبب ما قال إنها أجندة الرئيس إيمانويل ماكرون المعادية للإسلام لكنه لم يفعل ذلك.

وقال مصدر دبلوماسي إن قرارا بشأن السفراء يمكن أن يُتخذ في اجتماع الحكومة غدا الاثنين وإن التهدئة ممكنة في ضوء المخاوف من التداعيات الدبلوماسية المحتملة. وسبق أن قال أردوغان إنه سيجتمع مع الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش قمة مجموعة العشرين في روما في مطلع الأسبوع المقبل.

وفي بيان مشترك صدر يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول دعا سفراء كل من كندا والدنمرك وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج والسويد وفنلندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة إلى حل عادل وسريع لقضية كافالا وإلى "إطلاق سراحه فورا". واستدعت وزارة الخارجية التركية السفراء العشرة ووصفت البيان بأنه ينم عن عدم الإحساس بالمسؤولية.

ويأتي افتعال هذه الأزمة على نقيض الجهود التي أطلقها أردوغان ذاته لتصحيح مسار العلاقات مع الدول الغربية الحليفة لتركيا ومن ضمنها فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وهي دول ترتبط بمصالح اقتصادية كبيرة مع أنقرة.

ومضي في أردوغان في نهجه الصدامي والعدائي وتمسكه بالعناد والمكابرة، قد يكلف تركيا التي تكابد للخروج من أزمتها، ثمنا غاليا.

وبدأ صبر حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي ينفد مع مواصلة أردوغان تماديه في ممارسات تعتبر تحديا واستخفافا بما يمكن أن تتخذه هذه الدول. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على قطاع الصناعات الدفاعية التركية وهو قطاع بالغ الحساسية ومصدر إيرادات مهمة، وذلك ردا على إصرار الرئيس التركي على المضي في اتمام صفقة الصواريخ الدفاعية الروسية اس 400.

كما لوح الاتحاد الأوروبي في أكثر من مناسبة بفرض عقوبات على تركيا، بينما هدد المجلس لأوروبي بإجراءات عقابية في حال لم تفرج السلطات التركية عن الناشط عثمان كافالا.