باشاغا يصل طرابلس ويغادرها خلال ساعات على وقع القتال
طرابلس - أعلنت الحكومة الليبية المعينة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، مغادرتها العاصمة طرابلس الثلاثاء، عقب اشتباكات مسلحة استمرت لساعات رافقت دخولها.
وأعلن باشاغا فجر الثلاثاء دخوله برفقة أعضاء حكومته إلى طرابلس في وقت متأخر من الليلة السابقة، لتشهد أجزاء من العاصمة اشتباكات مسلحة بين "القوة الثامنة"- وهي مجموعة مسلحة في طرابلس مؤيدة لباشاغا- وعدد من التشكيلات المسلحة في غرب ليبيا والعاصمة، حيث مقر الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة الرافض التخلي عن السلطة.
وأوضحت حكومة باشاغا في بيان أن "رئيس الوزراء فتحي باشاغا وعدد من اعضاء حكومته، غادروا العاصمة عقب وصولهم يوم أمس، حرصاً على سلامة وأمن المواطنين وحقناً للدماء".
واعتبرت الحكومة مغادرتها طرابلس "إيفاءً بتعهداتها للشعب الليبي، بخصوص سلمية مباشرة عملها من العاصمة وفق القانون".
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان باشاغا دخول طرابلس برفقة عدد من أعضاء حكومته.
وقال في تصريح صحافي عقب دخوله طرابلس "وصلنا العاصمة بسلام وأمان"، مشيرا إلى "استقبال ممتاز من أهل العاصمة".
وأضاف "سنتوجه لاحقاً بكلمة إلى الشعب الليبي، كلمة جامعة وبأننا كحكومة جئنا نمد أيدينا لكل الليبيين سواء المؤيدين أو الرافضين لنا، لكي نتوحد".
بدوره، أكد عصام أبو زريبة، وزير الداخلية في حكومة باشاغا، بأن دخول العاصمة جاء سلمياً ووفق القانون.
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع في حكومة الدبيبة أن "مجموعة مسلحة خارجة عن القانون حاولت التسلل إلى العاصمة طرابلس لإثارة الفوضى باستخدام دون أي مراعاة لأمن المواطنين وسلامتهم وإثارة الرعب بينهم".
وأضافت في بيان ان "الأجهزة العسكرية والأمنية تعاملت بإجراءات حازمة ومهنية بمنع هذه الفوضى وإعادة الاستقرار للعاصمة، ما أدى إلى فرارها من حيث أتت".
وذكرت أن "هذه العملية الصبيانية المدعومة بأجندة حزبية قد تسببت في أضرار بشرية ومادية ما زالت أجهزة الدولة تعمل على حصرها ومعالجتها".
وشددت وزارة الدفاع على أنها "ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المس بأمن المواطنين وسلامتهم وستطارد كل المتورطين في هذا العمل الجبان مهما كانت صفاتهم".
في السياق، أدان رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري الاشتباكات المسلحة في طرابلس. وقال في بيان مقتضب نشره عبر حسابه على فيسبوك، إن "الحل الوحيد للانسداد السياسي الحاصل حالياً هو مسار دستوري واضح تجرى على أساسه الانتخابات، ويجدد فيها الشعب الليبي سلطته، بشكل سلمي وشفاف".
في شباط/فبراير، عيّن البرلمان في شرق ليبيا باشاغا وزير الداخلية السابق رئيسا للوزراء. ويحظى البرلمان بدعم المشير خليفة حفتر الذي حاولت قواته السيطرة على العاصمة الليبية عام 2019.
لكن باشاغا لم يستطع عزل حكومة الدبيبة رجل الأعمال الذي شدد مرارا على أنه لن يسلّم السلطة إلا لحكومة تأتي بعد الانتخابات التي لم يتم الاتفاق بشأنها.
واعتُبرت مهمة حكومة الدبيبة الأساسية عندما تشكّلت تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وأدت الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لا سيما على القانون الانتخابي، إلى تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى، علما أن المجتمع الدولي كان يعلّق عليها آمالا كبيرة لتحقيق الاستقرار أخيرا في البلد الشاسع الذي يعد سبعة ملايين نسمة.
ويرى خصوم الدبيبة بأن ولايته انتهت مع هذا التأجيل.
وعقب الأحداث المتسارعة التي شهدتها العاصمة الليبية، نددت المستشارة الخاصة للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز بالتصعيد في طرابلس، مطالبة بـ"الكف عن الخطاب التحريضي والمشاركة في الاشتباكات وحشد القوات".
وشددت وليامز عبر تويتر على "الحاجة الملحة للحفاظ على الهدوء على الأرض وحماية المدنيين".وقالت "أحثُ على ضبط النفس"، منوهة إلى أن النزاع لن يحل "بالعنف" بل بـ"الحوار والتفاوض".
بدورها، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها حيال الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية. وحثت السفارة الأميركية لدى ليبيا في بيان "جميع الجماعات المسلحة على الامتناع عن العنف"، مطالبة "القادة السياسيين الادراك بأن الاستيلاء على السلطة أو الاحتفاظ بها من خلال العنف لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بشعب ليبيا".
واعتبرت أن "السبيل الوحيد القابل للتطبيق للوصول إلى قيادة شرعية هو السماح لليبيين باختيار قادتهم عبر الانتخابات".
وغرقت ليبيا في فوضى سياسية وأمنية منذ سقوط نظام معمر القذافي في أعقاب انتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011. وباتت تعيش انقساما بين حكومتين موازيتين في الشرق والغرب في ظل انعدام للأمن.