تخطيط بكين لإنشاء قاعدة عسكرية في عُمان يثير قلق واشنطن

وجود قاعدة صينية في عمان يعتبر بمثابة تحد للولايات المتحدة التي تشرف قيادتها المركزية على القوات المتمركزة في جميع أنحاء المنطقة.

مسقط – تدرك الصين أهمية سلطنة عمان وموقعها الاستراتيجي على مضيق هرمز فعملت بنشاط منذ فترة على توسيع نطاق علاقاتها معها وتعميقها، وتفكر بإنشاء قاعدة عسكرية فيها، بحسب تسريبات أميركية اعتبرت أن النفوذ الصيني في المنطقة يمثل تحديا لواشنطن.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن أشخاص مطلعين على الأمر قولهم، أنه تم إطلاع الرئيس الأميركي، جو بايدن، على خطة صينية لبناء منشأة عسكرية في عمان، وذلك في إطار مساعي بكين لتعميق العلاقات الدفاعية والدبلوماسية مع الشرق الأوسط.

ووفقا للوكالة، تم إبلاغ بايدن بأن المسؤولين العسكريين الصينيين ناقشوا الأمر في أكتوبر الماضي مع نظرائهم العمانيين الذين أعربوا عن استعدادهم للموافقة على هذه الصفقة، حسبما قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم أثناء مناقشة المداولات الخاصة. وأضافوا أن الجانبين اتفقا على إجراء مزيد من المحادثات في الأسابيع المقبلة، لكن لم يُعرف حتى الآن الموقع الدقيق للقاعدة المحتملة أو ما ستضمه.

وليس للصين قواعد عسكرية أو تحالفات رسمية في الشرق الأوسط، لكن قواتها لا تزال تعمل بفعالية في المنطقة، وإن كان على نطاق محدود. من خلال إجراء ما تسميه الولايات المتحدة أنشطة الحملات، حيث يشاركون في عمليات حفظ السلام والأمن البحري ونقل الأسلحة، وعادة ما تنفذ بواسطة خدمة واحدة.

 

أهمية عمان تأتي من وقوعها بالقرب من مضيق هرمز أحد أهم الممرات الملاحية للنفط والغاز الطبيعي المسال وهو نقطة محورية كلما اندلعت التوترات مع إيران

وفيما يتعلق بدلالة إنشاء مثل هذه القاعدة في عمان، أوضحت بلومبيرغ في تقريرها أن وجود قاعدة صينية في عمان من شأنه أن يكمل المنشأة العسكرية الخارجية الأخرى لبكين، والتي تشير إليها باعتبارها "مركزا لوجستيا" في دولة جيبوتي الواقعة في شرق إفريقيا.

وفي الوقت الذي يتطلع فيه القادة الصينيون إلى زيادة تأمين مصالحهم في المنطقة، قد يستفيدون من تجربتهم في جيبوتي في تحويل النجاحات التجارية لمزيد من الأنشطة العسكرية والاستخباراتية. فقد أنشأت الصين أول منشأة عسكرية خارجية لها في هذا البلد  عام 2017، وتقع القاعدة في موقع استراتيجي على بعد 110 كيلومترات فقط من مضيق باب المندب، وهو ممر مائي ضيق يعد شريانا مهما لنقل البضائع بين أوروبا وآسيا.

وقبل فتح القاعدة، ضخت الشركات الصينية مليارات الدولارات في جيبوتي لتطوير الموانئ، وبناء السكك الحديد والمطارات، وإنشاء منطقة تجارة حرة مترامية الأطراف.

وذكر متابعون أنه مع نمو مصالحها في المنطقة، تتطلع الصين إلى إنشاء نقطة قوة استراتيجية لحماية تجارتها على طول مضيق هرمز. إذ أن ما يقرب من ثلث النفط الخام المنقول بحرا يمر عبر الممر المائي الحرج كل عام، وتضع وزارة الدفاع الأميركية هذا المضيق على أنه "منطقة تركيز معروفة" للمخططين العسكريين الصينيين.

وفي عام 2021، استوردت الصين بقيمة 128 مليار دولار من النفط الخام من دول على طول الخليج العربي ومضيق هرمز وهو ثلاثة أضعاف ما استوردته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعة. وحذر محللون في الصين من أن ما يزيد على 45 بالمئة من واردات النفط للبلاد تمر عبر المضيق، ودعوا إلى تعزيز التعاون مع الشركاء الإقليميين لضمان المرور الآمن لموارد الطاقة.

لكن البنتاغون يقول منذ سنوات، إن الصين تريد بناء مزيد من المرافق اللوجستية العسكرية الخارجية في المنطقة بما في ذلك الإمارات ودول أخرى في آسيا مثل تايلاند وإندونيسيا وباكستان.

وترى الوكالة أن وجود قاعدة في عمان سيكون بمثابة تحد للولايات المتحدة، التي تشرف قيادتها المركزية على القوات المتمركزة في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الكويت والبحرين وقطر والسعودية والإمارات وعمان.

وتأتي أهمية عمان تحديدا من وقوعها بالقرب من مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الملاحية للنفط والغاز الطبيعي المسال. ويصبح المضيق نقطة محورية كلما اندلعت التوترات مع إيران.

وتحاول الصين تعميق العلاقات مع دول الشرق الأوسط والانخراط في قضاياه وآخرها حرب إسرائيل على غزة، وقالت وزارة الخارجية الصينية إن المبعوث الصيني الخاص لقضايا الشرق الأوسط، تشاي جيون، التقى بالسفير الأميركي لدى الصين، نيكولاس بيرنز، الثلاثاء، وتبادلا وجهات النظر بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وموضوعات أخرى، وفقا لوكالة "رويترز".

وقالت وزارة الخارجية الصينية، الاثنين، إن الصين ستبذل قصارى جهدها لتحقيق السلام في الأراضي الفلسطينية خلال رئاستها لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وذلك في وقت تتزايد فيه التوترات في منطقة الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم الوزارة، وانغ ون بين، في مؤتمر صحفي دوري "ستبذل الصين قصارى جهدها لتشجيع مجلس الأمن على الاضطلاع بمسؤولياته والقيام بدوره وبناء توافق في الآراء واتخاذ إجراءات مسؤولة وفعالة في أقرب وقت ممكن لتهدئة الأزمة الحالية وحماية سلامة المدنيين من أجل تحقيق السلام".

ويأتي البيان الصيني بينما تكثف إسرائيل هجومها العسكري على قطاع غزة وتولت الصين الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، تشانغ جون، قال إن الصراع في الشرق الأوسط يتصدر جدول أعمال مجلس الأمن في نوفمبر.

وأفادت صحيفة "تشاينا ديلي" أن تشانغ قال "من الضروري التشجيع على وقف إطلاق النار ووقف القتال ومنع وقوع مزيد من الخسائر بين المدنيين ومنع حدوث كارثة إنسانية أوسع نطاقا والحيلولة دون اتساع نطاق الصراع".

وأنهى المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاي جيون، للتو جولة في المنطقة. وأرجع تشاي الذي اجتمع مع قادة عدة دول بشأن الأزمة سبب الصراع بين إسرائيل وغزة إلى عدم وجود ضمانات لحقوق الفلسطينيين.