تركيا تقطع مع التغيير.. أردوغان يفوز بولاية رئاسية جديدة

وسائل اعلام موالية للحكومة التركية أو تابعة لها تقول إن مرشح تحالف الشعب حصل على ما بين 56 و58 بالمئة من الأصوات بعد فرز 40 بالمئة فقط من بطاقات الاقتراع.
أردوغان يعلن فوزه بولاية رئاسية جديدة
قادة غربيون وعرب يقدمون التهاني لأردوغان

إسطنبول - أكد رئيس الهيئة العليا للانتخابات أحمد ينار فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بعد حصوله على 52.14 بالمئة من الأصوات، مما يمثل النتيجة الرسمية للانتخابات. وقال ينار إنه بعد إحصاء 99.43 بالمئة من صناديق الاقتراع، حصل كليتشدار أوغلو منافس أردوغان على 47.86 بالمئة، مضيفا أنه مع وجود فارق يزيد عن مليوني صوت بين المرشحين الاثنين فإن بقية الأصوات التي لم تحص بعد لن تغير شيئا في النتيجة.

وأعلن أردوغان لاحقا فوزه في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. وقال من على سطح حافلة متوقفة أمام مقر إقامته في اسطنبول وسط حشد من أنصاره "عهدت إلينا أمتنا مسؤولية حكم البلاد للسنوات الخمس المقبلة"، مضيفا "سنفي بكل الوعود التي قطعناها للشعب"، مؤكدا أن "كل عملية انتخابية هي نهضة.

وقال، إن الأتراك منحوه مسؤولية الحكم للسنوات الخمس المقبلة، معلنا أن تركيا هي الفائز الوحيد في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية.

وشكر أردوغان الذي يقود تركيا منذ عقدين، في كلمة ألقاها أمام مؤيديه على متن حافلة في إسطنبول، المواطنين على الإدلاء بأصواتهم. وقال إنه فاز في انتخابات الإعادة اليوم أمام منافسه كمال كليتشدار أوغلو بدعمهم.

وكانت وسائل إعلام تركية مقربة من النظام قد ذكرت قبل تصريحات ينار أن مرشح تحالف الشعب الرئيس أردوغان حصل على ما بين 56 و58 بالمئة من الأصوات بعد فرز 40 بالمئة من بطاقات الاقتراع، متقدما على منافسه مرشح تحالف الأمة المعارض كمال كليتشدار أوغلو، لكن تلفزيون 'خلق' المعارض ذكر بشكل منفصل أن كليتشدار أوغلو يتقدم بنسبة 51.04 بالمئة من الأصوات بموجب بيانات تعتمد على فرز نحو 48 بالمئة من صناديق الاقتراع.

ولم تُعلن النتائج النهائية الرسمية بعد، لكن البيانات المستندة إلى الغالبية العظمى من صناديق الاقتراع المحصاة أظهرت تقدم أردوغان بحصوله على أكثر من 52 بالمئة من أصوات الناخبين.

وقال منافسه المرشح الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو إنه سيواصل قيادة النضال وإنه خسر ما قال إنها "أكثر انتخابات غير عادلة منذ سنوات" في مواجهة الرئيس الحالي، مضيفا في تصريحات من أنقرة أن النتائج أظهرت رغبة الناس في تغيير الحكومة الاستبدادية. وقال إنه حزين بسبب "المشكلات" التي ستواجهها تركيا.

كما هنأت ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح التركي المعارض الرئيس على فوزه، لكنها قالت إنها ستواصل مسيرتها كمعارضة، مضيفة في تصريحات من أنقرة أن النتائج أظهرت أن هناك درسا كبيرا يحتاج أردوغان إلى تعلمه، مشيرة إلى أنها تأمل في أن يكون رئيسا لجميع الأتراك.

وهنأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حليف أردوغان بالفوز. وقال في تغريدة على تويتر للرئيس التركي "مبارك لكم الفوز وأتمنى لك التوفيق في ولايتك الجديدة". كما غرد رئيس الوزراء المجري موجها تهانيه لأردوغان "نصر انتخابي لا جدال فيه".

وسارع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى تهنئة نظيره التركي بالفوز بولاية رئاسية جديدة، بعد إعلان غير رسمي وجزئي للنتائج . وقال تبون في رسالة التهنئة "إن انتخابكم لولاية جديدة على رأس الجمهورية التركية الشقيقة، يعكس حقا الالتفاف الشعبي حول سياستكم الرشيدة ودعمه الـمطلق لقيادتكم الحكيمة في مسار التنمية الـمستدامة وفي تجاوز التحديات الكبرى داخليا وجهويا ودوليا. فهو كذلك اعتراف لـما قدمتموه من خدمات جليّة سامية لشعبكم الشقيق".

وتابع "إنني على يقين بأن العهدة الجديدة ستمكنكم من تعزيز هذه الثقة ومضاعفة الإنجازات والـمكاسب الـمحققة على جميع الأصعدة"، مضيفا "أغتنم هذه السانحة السعيدة لأشيد بالعلاقات الثنائية الـمتميزة القائمة بين بلدينا ولأعرب لكم عن إرادتنا القوية للعمل سويا من أجل التعزيز الـمستمر للتنسيق والتشاور للدفع بالعلاقات الثنائية إلى أعلى الـمراتب، بما يستجيب لطموحات وتطلعات شعبينا الشقيقين، على ضوء مخرجات الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للتعاون الذي انعقد في أنقرة في مايو 2022".

وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "صديقه العزيز" أردوغان، قائلا إن الفوز دليل على تقدير الشعب التركي للسياسة الخارجية المستقلة التي ينتهجها.

وكان رئيسا إيران والجزائر وأمير قطر والعاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ونائباه من بين القادة الذين قدموا التهنئة لأردوغان في الشرق الأوسط حيث رسخ النفوذ التركي، وفي بعض الأحيان بالقوة العسكرية. كما هنأه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في بيان. وتلقى كذلك التهنئة من عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية ومحمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي.

وهنأ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل الرئيس التركي على فوزه في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة التركية اليوم الأحد. وقال على تويتر "تهانينا لك يا أردوغان على إعادة انتخابك رئيسا لتركيا. اتطلع للعمل معك مرة أخرى لتعميق أواصر العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في السنوات المقبلة".

وتتواتر في البداية بعد ساعات من غلق صناديق الاقتراع وبداية عمليات الفرز بيانات متضاربة عن النتائج الأولية للدورة الثانية من الانتخابات التركية. وقالت وكالة أنكا للأنباء من جهتها إن النتائج الأولية تظهر حصول أردوغان على 49.90 بالمئة من الأصوات مقابل 50.1 بالمئة لكليتشدار أوغلو بعد إحصاء 83.13 بالمئة من بطاقات الاقتراع.

وقالت محطة إن.تي.في التلفزيونية إن أردوغان يتقدم على منافسه كمال كليتشدار أوغلو بحسب النتائج الأولية لجولة الإعادة من انتخابات الرئاسة التركية اليوم الأحد بنسبة 56.4 بالمئة للأول وذلك بعد فرز 35.8 بالمئة من صناديق الاقتراع.

وأفادت تقارير بأن جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية في تركيا شهدت هجمات على مراقبي الانتخابات في اسطنبول وجنوب شرق البلاد.

وقال النائب عن إسطنبول علي شيكر من حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، لتلفزيون 'خلق تي في' إنه تعرض مع اثنين آخرين لهجوم من قبل مجموعة كبيرة من السكان المحليين بعد أن اشتكوا من مخالفات.

وتجمع المؤيدون عند مقر إقامته في إسطنبول انتظارا لفوزه بعد أن أشارت بيانات وكالتي الأناضول الرسمية وأنكا المعارضة للأنباء إلى فوزه مع فرز ما يقرب من 99 بالمئة من صناديق الاقتراع.

وجذب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية، الناخبين بخطاب قومي ومحافظ خلال حملة شهدت خلافات وصرفت الانتباه عن المشكلات الاقتصادية العميقة. وردد أنصاره الذين تجمعوا أمام مقر إقامته في إسطنبول هتاف "الله أكبر".

ودخلت تركيا صباح الأحد يوم الحسم الانتخابي مع توجه ملايين الأتراك الي صناديق الاقتراع التي ستحدد مساء مصير البلاد فإما ان تطوي عقدين من حكم رجب طيب أردوغان وإما ان تجدد العهد مع عقد ثالث مع حكم يوصف بالاستبدادي. 

وخالف أردوغان (69 عاما) استطلاعات الرأي وحقق تقدما مريحا بفارق خمس نقاط مئوية تقريبا على منافسه كمال كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى للانتخابات في 14 مايو. لكنه فشل في الحصول على نسبة الخمسين بالمئة المطلوبة لحسم السباق الذي ينطوي على عواقب واسعة على تركيا والوضع الجيوسياسي العالمي من الجولة الأولى.

وقاد أداء أردوغان القوي بشكل غير متوقع رغم أزمة غلاء المعيشة العميقة وفوز تحالف يضم حزبه العدالة والتنمية المحافظ وحزب الحركة القومية وأحزابا أخرى بالانتخابات البرلمانية إلى دعم الرئيس المخضرم الذي يروج للتصويت لصالحه على أنه تصويت للاستقرار.

ولن تحدد الانتخابات فحسب من سيحكم تركيا، وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، ولكن أيضا كيف تُحكم، واتجاهات اقتصادها بعد أن انخفضت عملتها إلى عشرة بالمئة من قيمتها مقابل الدولار خلال عقد من الزمن وكذلك شكل سياستها الخارجية التي أثارت غضب الغرب بسبب تعزيز تركيا لعلاقاتها مع روسيا ودول الخليج.

وبدأ التصويت في الساعة الثامنة صباحا (05:00 بتوقيت غرينتش) وانتهى في الخامسة مساء (14:00 بتوقيت غرينتش).

وكليتشدار أوغلو هو مرشح تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب، ويقود حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مؤسس تركيا مصطفى كمال أتاتورك. وكافح معسكره لاستعادة الزخم بعد صدمة تفوق أردوغان في الجولة الأولى.

وأظهرت نتائج الانتخابات الأولية دعما أكبر من المتوقع للقومية، وهي تيار قوي في السياسة التركية واشتدت بسبب سنوات من القتال مع المسلحين الأكراد ومحاولة الانقلاب في عام 2016 وتدفق ملايين اللاجئين من سوريا منذ بدء الحرب هناك في 2011.

وتركيا هي أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم، حيث يوجد بها حوالي خمسة ملايين مهاجر، منهم 3.3 مليون سوري، وفقا لبيانات وزارة الداخلية.

وبسبب عجزه عن الوصول إلى وسائل الإعلام الرئيسية وخصوصا محطات التلفزيون الرسمية المكرسة لحملة أردوغان، شن كليتشدار أوغلو حملته خصوصا عبر تويتر فيما كان أنصاره يحاولون حشد الناخبين مجددا من خلال زيارات منزلية في المدن الكبرى.

والهدف كان استقطاب 8.3 ملايين ناخب مسجل لم يصوتوا في الانتخابات في 14 مايو رغم نسبة المشاركة العالية التي بلغت 87 بالمئة.

في المقابل، كثف أردوغان من تجمعاته الانتخابية مستندا إلى التغيرات التي فرضها في البلاد منذ توليه السلطة كرئيس للوزراء في 2003 ومن ثم كرئيس اعتبارا من 2014.

وأكثر أردوغان الذي رفع الحد الأدنى للأجور ثلاث مرات في غضون سنة، من الوعود السخية خلال الحملة ومنها تقديم منح للطلاب الذي فقدوا أقارب جراء الزلزال.

وتركزت الحملة الانتخابية لكل من أردوغان وكيلتشدار أوغلو بين الجولتين الأولى والثانية على كيفية استقطاب الأصوات القومية. لكنّ هذه الكتلة تفرقت بين أردوغان وكيلتشدار أوغلو بعد قرار المرشح الرئاسي الذي حل في المركز الثالث سنان أوغان، وهو من غلاة القوميين، تأييد أردوغان على أساس مبدأ "النضال المستمر ضد الإرهاب"، في إشارة إلى الجماعات الموالية للأكراد. وحصل أوغان على 5.17 بالمئة من الأصوات.

وأعلن قومي آخر، هو أوميت أوزداغ زعيم حزب الظفر المناهض للهجرة، عن اتفاق يعلن دعم حزبه لكليتشدار أوغلو، بعد أن قال إنه سيعيد المهاجرين إلى أوطانهم. وفاز حزب الظفر بنسبة 2.2 بالمئة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي أجريت هذا الشهر.

يوم حسم كرسي الرئاسة
يوم حسم كرسي الرئاسة

وقال أردوغان السبت "الأحد يوم مميز لنا جميعا. لقد ولى زمن الانقلابات والحكم العسكري".

وفي آخر نشاط له في الحملة الانتخابية توجه السبت إلى ضريح مرجعه السياسي رئيس الوزراء القومي-الإسلامي السابق عدنان مندريس الذي أطاح به عسكريون وأعدموه في العام 1961.

ويحل موعد الجولة الثانية من الانتخابات في الذكرى العاشرة لانطلاق تظاهرات "غيزي" التي بدأت في اسطنبول وعمت البلاد. وشكلت هذه التظاهرات أول موجة احتجاج على حكم أردوغان وقمعت بشدة.

وقالت المتقاعدة زيرين التيالي البالغة 60 عاما إن الأهم الأحد أن يكون الاقتراع "نزيها" وألا يشوبه "أي تزوير".

لهذه الغاية، قررت المعارضة نشر "خمسة مراقبين لكل صندوق اقتراع" أي ما مجموعه مليون شخص لمراقبة مجريات التصويت.

وخلصت بعثة مشتركة لمنظمة الأمن والتعاون في اوروبا ومجلس أوروبا إلى أن الدورة الأولى جرت في "أجواء تنافسية" وإن "محدودة" بسبب "التقدم غير المبرر" الذي منحته وسائل الإعلام الرسمية لأردوغان.

ويتابع حلفاء تركيا ولا سيما في حلف شمال الأطلسي عن كثب نتائج الانتخابات التي يفترض أن تصدر مساء الأحد.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته شركة كوندا للأبحاث والاستشارات أن نسبة التأييد المتوقعة لأردوغان في جولة الإعادة ستكون 52.7 بالمئة مقابل 47.3 بالمئة لكليتشدار أوغلو بعد توزيع الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم. وأجري استطلاع الرأي في 20 و21 مايو قبل أن يعلن أوغان وأوزداغ موقفيهما.

وهناك عامل مهم آخر وهو كيف سيصوت أكراد تركيا الذين يشكلون حوالي 20 بالمئة من السكان.

وأيد حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى، ولكن بعد ميله إلى اليمين للفوز بأصوات قومية، لم يسمه صراحة وحث الناخبين على رفض "نظام الرجل الواحد" لأردوغان في جولة الإعادة.

وبذل الرئيس التركي قصارى جهده خلال حملته الانتخابية بينما يكافح للنجاة من أصعب اختبار سياسي له. ويحظى الرجل بولاء مطلق من الأتراك المتدينين الذين كانوا يشعرون في الماضي بأن تركيا العلمانية سلبتهم حقوقهم.

وقال نيكولاس دانفورث وهو زميل غير مقيم في المؤسسة اليونانية للسياسة الأوروبية والخارجية (إلياميب) ومتخصص في التاريخ التركي "تركيا لديها تقاليد ديمقراطية طويلة الأمد وتقاليد قومية طويلة الأمد، ومن الواضح الآن أن التقاليد القومية هي التي انتصرت".

وأضاف "المزيد من أردوغان يعني المزيد من أردوغان. يعرف الناس من هو وما هي رؤيته للبلاد، ويبدو أن الكثير منهم يوافق على ذلك".

وخلال سنوات حكمه الطويلة أحكم أردوغان قبضته على معظم المؤسسات التركية وهمش الليبراليين والمعارضين. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي لعام 2022 إن حكومة أردوغان أعادت سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان عقودا للوراء.

لكن إذا أطاح الأتراك بأردوغان فسيكون هذا إلى حد كبير نتيجة شعورهم بتبدل أوضاعهم الاقتصادية وتراجع قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية في ظل تضخم تجاوز 85 بالمئة في أكتوبر 2022 وانهيار الليرة.

على الجانب الآخر، تعهد كليتشدار أوغلو بالعودة في حال فوزه إلى السياسات الاقتصادية التقليدية والابتعاد على سياسات أردوغان.

كما قال إنه سيسعى لإعادة البلاد إلى نظام الحكم البرلماني وإلغاء النظام الرئاسي التنفيذي الذي اقتنص أردوغان الموافقة عليه عبر استفتاء عام 2017.