جرائم تهدد المجتمع التركي ينفذها من شملهم عفو رئاسي

أردوغان يواجه انتقادات لاذعة بسبب تجاهله تحذيرات الخبراء واتخاذه قرارا جائرا سمح بالإفراج عن القتلة واللصوص وتجار المخدرات والمافيا وأبقى عن سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين والمعارضين.
أب يقتل ابنته وآخر يذبح نجله من بين المحكومين في قضايا جنائية وتمتعوا بعفو أردوغان الأخير
مخاوف من أن يكرر المفرج عنهم في تركيا جرائمهم الفضيعة
مشروع أردوغان يتعنت في إطلاق سراح 'المجرمين' متجاهلا التحذيرات والعواقب
مقتل شاب سوري برصاص شرطي تركي بحجة مخالفته حظر التجول

أنقرة - بعد أيام قليلة من إطلاق سراحه ضمن عمليات الإفراج التي شملت عشرات آلاف الأتراك بالسجون التركية خشية تفشي فيروس كورونا بين السجناء، أقدم مواطن في محافظة دنيزلي غرب تركيا على قتل نجله أثناء نومه ثم حرق الغرفة التي يتواجد بها الضحية، فيما قتل سجين آخر من بين المفرج عنهم ابنته (9 سنوات) وأرعب آخر أطفاله وزوجته بسلاح 'كلاشينكوف' وهددهم بالقتل.

وتأتي هذه الأحداث بعد أيام قليلة من تقارير إعلامية حذرت من قرار قدمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للبرلمان للإفراج عن عشرات آلاف السجناء بينهم محكومين في قضايا جنائية خطرة.

وسجلت تركيا حتى الاثنين 2131 حالة إصابة جديدة بكورونا ليرتفع إجمالي الإصابات إلى نحو 113 ألف حالة، فيما توفي أكثر من 2900 شخص بسبب الوباء، وفق ما أكده وزير الصحة التركي فخر الدين قوجه.

وسرعان ما ظهرت انعكاسات قرار الرئيس التركي بالعفو عن عشرات الآلاف بينهم سجناء في قضايا جنائية، حيث كشفت صحيفة 'زمان التركية' بعد أيام قليلة من قرار الإفراج عن جريمتين بشعتين وأخرى كادت أن تحدث لولا تدخل السلطات الأمنية في الوقت الحاسم.

وذكرت الصحيفة أن مرتكب الجريمة الأولى ويدعى أشرف (66 عاما)، صاحب سوابق في عالم الإجرام، وكان قد دخل السجن في الماضي لقتله شخصا اختطف نجلته قبل 11 سنة، وعند إطلاق سراحه في قرار العفو التركي بسبب كورونا أنهى بطريقة فضيعة حياة نجله انتقاما منه بذبحه لأنه كان سببا في دخوله السجن عندما رفض قتل مختطف شقيقته واضطراره لقتل المختطف بنفسه.

لا مجال للحريات في عهد أردوغان
لا مجال للحريات في عهد أردوغان

ويرجع هذا إلى قرار خاطئ اتخذه الرئيس التركي الذي تجاهل التحذيرات من إطلاق سراح "المجرمين"، وعدم استثناء المحكومين في قضايا جنائية من قانون العفو.

ويرى مراقبون أن قانون العفو الجديد الذي عرض على البرلمان وجرى المصادقة عليه، أصبح يهدد المجتمع التركي، إذ يسمح بالإفراج عن "القتلة واللصوص وتجار المخدرات والمافيا وأبقى عن سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين والمعارضين".

ويواجه أردوغان مؤخرا انتقادات لاذعة بسبب سوء إدارته لأزمة كورونا واتخاذه قرارا جائرا بالإفراج عن "المجرمين" دون المعارضين والمنتقدين والنشطاء الحقوقين.

وكان وزير العدل التركي السابق حكمت سامي ترك، قد حذر من تداعيات الإفراج عن المساجين الجنائيين بموجب قانون العفو، مستشهدا بعفو 1999 الذي أثار ضجة كبيرة في تركيا بعدما عاود من غادروا السجون ارتكاب جرائم فضيعة بقتل زوجاتهم، مشيرا إلى أنه قد يتكرر الأمر خلال هذا العفو.

وقال سامي ترك "هذه القوانين ستسفر في النهاية عن عفو المدانين بجرائم جنائية والواقع يتطلب بعض الاستثناءات من العفو".

وأقدم أحد المفرج عنهم ويدعى فاتح على تعنيف زوجته وتهديدها وأبنائها بسلاح 'كلاشينكوف'، وتوعد السجين زوجته التي هربت من المنزل بقتل الأطفال إذا أخبرت الشرطة، لكن السلطات الأمنية  أدركت الموقف قبل حدوث الكارثة.

وفي واقعة أخرى تبين أن مسلم أرسلان الذي تمتع بالعفو الأخير في تركيا والذي كان مسجونا بسبب ذبح زوجته، أقدم فور خروجه من السجن مباشرة، على ضرب ابنته البالغة من العمر 9 سنوات حتى الموت.

المعارض في نظر أردوغان أشد جرما من القاتل
المعارض في نظر أردوغان أشد جرما من القاتل

وندد معارضون بما يحدث في تركيا من جرائم بشعة ينفذها من شملهم العفو الرئاسي، وعلق نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض أردوغان توبراك على جريمة قتل الأب لابنته قائلا، "إن الجاني دخل السجن بسبب ذبح زوجته، ثم قتل ابنته ضربا بعد خروجه من السجن بالعفو. هل من أعفوا عن هذا الأب مرتاحي الضمير الآن؟ فلينظر كل من صفقوا وصوتوا على هذا القانون في البرلمان إلى صورة البنت جيلان المظلومة".

وكانت صحيفة 'واشنطن بوست' الأميركية قد سلطت الضوء قبل أيام على مشروع قانون عرضه أردوغان على البرلمان يهدف لإطلاق سراح عدد من السجناء، في وقت تحدثت فيه تقارير عن أن الإفراج يستثني آلاف المعتقلين السياسيين المعارضين رغم خطورة الوباء الذي قد يعرض حياة المعتقلين إلى الخطر حال تسلله داخل السجون، فيما يتمتع به "المجرمون".

وقالت الصحيفة الأميركية أن الرئيس التركي ينوي الإفراج عن 90 ألف "مجرم" من السجن، مستثنيا من العملية -التي من المفترض أنها لفتة إنسانية تجاه شعبه في ظل أزمة المرض- عشرات آلاف السياسيين والمنتقدين وإبقائهم داخل السجون.

وأشارت إلى أن أردوغان يسعى من خلال طرح مشروع قانون الإفراج عن السجناء في ظل أزمة كورونا، لاستغلال ذلك لضرب طيور متعددة بحجر واحد.

وأضافت أن الرئيس التركي يخطط لصرف الانتباه عن المعركة الفاشلة التي تخوضها حكومته ضد الوباء الذي يواصل انتشاره في تركيا، بأنه يعمل من خلال قرار العفو على مواجهته في الوقت الذي رفض فيه تطبيق إجراءات الإغلاق التام خوفا من شلل اقتصادي يعمق الأزمة التي يتحمل وحزبه الحاكم مسؤوليتها.

النظام التركي يستثمر أزمة كورونا لزيادة ممارسات القمع
النظام التركي يستثمر أزمة كورونا لزيادة ممارسات القمع

ويوهم أردوغان الشارع التركي أنه يسعى لتخفيف خطر الفيروس المحيط بنزلاء السجون من خلال خفض عدد الأشخاص خلف القضبان، لكن الصحيفة الأميركية تتحدث عن وجود دلائل على أنه سيستغل قانون الإفراج عن السجناء لتنفيذ حسابات سياسية ضيقة.

واستنادا إلى مصادرها المقربة في تركيا كشفت 'واشنطن بوست' أن أردوغان بصدد إطلاق سراح عدد من مؤيديه إلى جانب المحكومين في قضايا جنائية، ولن يفرج عن أي من عشرات آلاف السجناء السياسيين في بلاده.

وأكد تقرير صادر عن صحيفة 'الغرديان' استنادا إلى مصادر إعلامية تركية، مخططات أردوغان بما وُصف بالمظالم الجسيمة التي أثارت غضبا شعبيا بشأن قرار حكومي مرتقب يعمد إلى الإفراج عن ثلث المساجين شرط أن لا يشمل العفو سجناء الرأي والمعارضين.

وبينما يحذر خبراء من استغلال النظام التركي للإجراءات الاستثنائية لمواجهة انتشار كورونا والصلاحيات التي يتمتع بها في ظل انشغال العالم، لزيادة ممارسات القمع، كشفت تقارير إعلامية هذا الأسبوع مقتل شاب سوري في ولاية أضنة التركية برصاص قوات الأمن بحجة مخالفته حظر التجول بالمدينة.