حزب الله يضطر لانسحاب تدريجي من الأراضي السورية

الجماعة اللبنانية تنقل المئات من أعضائها من مناطق مختلفة من سوريا إلى لبنان.
الأسد يفرض قيودا على الميليشات الموالية لإيران خوفا من جرّ سوريا إلى حرب

دمشق - بدأ حزب الله بتقليص وجوده في سوريا عبر إعادة بعض عناصره التي تقاتل بجانب قوات النظام السوري إلى البلاد، فيما يشير هذا التطور إلى أن الجماعة اللبنانية تسعى إلى تركيز جهودها على مواجهة الجيش الإسرئيلي في جنوب لبنان، لا سيما في ظل توعد الدولة العبرية بتدميرها، بينما يرجح أن يكون هذا الانسحاب التدريجي بناء على رغبة دمشق، التي لا تزال تئن تحت وطأة تداعيات الحرب الأهلية، في عدم الانخراط في الصراع الدائر بين الحزب المدعوم من إيران وإسرائيل.

وأفادت مصادر محلية سورية اليوم الجمعة بأن حزب الله يعمل على نقل مئات من أعضائه من مناطق مختلفة من سوريا إلى لبنان ونقل عائلاتهم من لبنان إلى سوريا.
وأوضحت المصادر أن الحزب أرسل المئات من عناصره من مناطق بالميادين والبوكمال في محافظة دير الزور شرقي سوريا ومن بعض أحياء العاصمة دمشق ومحافظتي حماة وحمص إلى لبنان.
وأضافت أن حزب الله يستخدم طرقا مختلفة للدخول إلى لبنان بعد استهداف إسرائيل معبر المصنع الحدودي بين سوريا ولبنان.

ويأتي هذا الانسحاب التدريجي من سوريا بعد أيام من توجيهات تلقتها الفرقة الرابعة، التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد بعدم نقل السلاح أو استضافة عناصر من حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية.

كما أمرت الفرقة قواتها المنتشرة في المناطق السورية بعدم استهداف الوجود الأميركي أو الإسرائيلي في الجولان.

ومن جانب آخر، ذكرت المصادر أن ميليشيا الحشد الشعبي الشيعية العراقية الموالية لإيران بدأت بالدخول إلى سوريا من العراق منذ نحو أسبوع.
وأشارت إلى أن عناصر من الحشد الشعبي تنتشر في الأماكن التي أخلاها حزب الله في سوريا، وبعضهم يعبر إلى لبنان عبر الطرق التي يستخدمها حزب الله.

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد حذر الميليشات الموالية لإيران من مغبة جر البلاد إلى حرب ضد إسرائيل، مشددا على أن الوضع لا يحتمل أي مغامرة.

وقال سبهان ملا جياد، المستشار السياسي للسوداني، إن "حكومة بلاده لا تريد أن تكون جزءا من الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، وأنها تؤيد الحل السياسي والدبلوماسي، ولهذا عملت على إقناع الفصائل المسلحة الموالية لإيران بذلك".
ووسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، نطاق عملياتها العسكرية في لبنان لتشمل جل المناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفرت الغارات الإسرئيلية على لبنان إجمالا عن ألفين و412 قتيلا و11 ألفا و267 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلا عن أكثر من مليون و340 ألف نازح وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين منذ 23 سبتمبر الماضي.

وأوضح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي في تعليقات نشرها الجيش اليوم الجمعة أن إسرائيل تقدر عدد قتلى جماعة حزب الله اللبنانية بنحو 1500 رجل.

وأعلن الجيش قراره استدعاء لواء احتياط إضافي للانضمام إلى المهام العملياتية على جبهة لبنان وقال في بيان "يتيح تجنيد اللواء مواصلة الجهود القتالية في مواجهة حزب الله وتحقيق أهداف الحرب ومن ضمنها إعادة سكان الشمال إلى منازلهم".
وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري أعلن الجيش الإسرائيلي استدعاء 4 ألوية احتياطية لتعزيز العمليات على الحدود الشمالية مع لبنان، وفق بيان آنذاك.
والثلاثاء الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي أن 5 فرق عسكرية تشارك في العمليات على الجبهة مع لبنان.
وتضم الفرقة لواءين عسكريين أو أكثر، ووفقا للتعريفات العسكرية فإن عدد أفراد الفرقة يزيد عن 10 آلاف جندي.

وفي سياق متصل أشار موقع المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن "النظام السوري يخشى الانجرار إلى الحرب ويمنع الهجمات على إسرائيل بمساعدة الروس".

وأصيب شخصان على الأقل في ساعة مبكرة من صباح الخميس في غارة جوية شنتها طائرات إسرائيلية على ميناء اللاذقية السوري.

وقالت وسائل إعلام رسمية سورية إن الهجوم على الميناء تسبب في اندلاع حريق، في حين أشارت تقارير أخرى إلى أن الهدف "كان منشأة لتخزين الأسلحة عند مدخل المدينة الساحلية وأن أضرارا جسيمة لحقت بالمنازل في المنطقة".
وفرض الرئيس السوري بشار الأسد قيودا على أنشطة الميليشيات المدعومة من إيران، خوفاً من الهجمات الإسرائيلية، وفق المصدر نفسه.
وذكر الموقع أن "الأسد يخشى اندلاع حرب مع إسرائيل بعد أن حد في وقت سابق من نطاق عملياته على طول الحدود السورية - الإسرائيلية في مرتفعات الجولان"، مضيفا أن "النظام السوري أصدر أوامر عسكرية بالاتفاق مع الروس للحد من حضور حزب الله والميليشيات الموالية لإيران في القرى القريبة من دمشق وحمص بما في ذلك صحراء حمص التي يمكن استخدامها لإطلاق طائرات دون طيار على إسرائيل".

وأكدت مصادر الموقع أن الأمن السوري يفتش السيارات التي تحمل لوحات لبنانية ويفحص الأشخاص القادمين من لبنان، تحسبا من استخدام الأراضي السورية لمهاجمة إسرائيل.

وعزز الجيش السوري تواجده على بعد نحو 15 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل، بينما تمركزت قوات روسية في 17 نقطة بالمنطقة لإحكام المراقبة على مواقع الميليشيات الموالية لإيران بهدف إبقائها تحت السيطرة.